إعصار مداري جديد جعل اليمن من أكثر البلدان تأثرا بالتغيرات المناخية في ظل تنامي الظواهر الطبيعية المتطرفة مخلفة وراءها آثارا هائلة.
وزادت حدة التغيرات المناخية في اليمن، مخلفة ارتفاعا كبيرا في درجة الحرارة، والأمطار الغزيرة والفيضانات، والأعاصير، وكوارث طبيعية أخرى، كان آخرها إعصار “تيج”، الذي ضرب محافظات سقطرى والمهرة وحضرموت، شرقي البلاد.
آثار بيئية وإنسانية:
تتمثل بعض تلك التأثيرات المناخية، في تغير مواسم الزراعة، وبكميات الأمطار وشدتها وتركزها بأماكن محددة، وجفاف في بعض المناطق، لتعمل على توسعة رقعة التصحر.
وعندما تتساقط الأمطار الغزيرة في المناطق الجبلية، ترافقها غالبا فيضانات كبيرة، وقد تلحق أضرارا في الأراضي الزراعية والمناطق الساحلية، وتدمير البنية التحتية.
ويقول أستاذ تقييم الأثر البيئي المشارك بجامعة الحديدة اليمنية، الدكتور عبدالقادر الخراز، إن زيادة حدة التغيرات المناخية التي يشهدها العالم عموما واليمن على وجه الخصوص، ناتجة عن الفعل والتدخلات البشرية، والتي تضر بالبيئة مثل الصناعة وحرق الوقود والانبعاثات الكربونية.
ويضيف الخراز وهو استشاري دولي في التغيرات المناخية والتقييم البيئي، أن اليمن تأثر كثيرا بالفعل بالتغيرات المناخية، حيث شهدت البلاد خلال السنوات الأخيرة كوارث طبيعية مثل الأعاصير والفيضانات والسيول، وارتفاع درجات الحرارة.
وبحسب الخراز فإن الفيضانات التي يشهدها اليمن، إثر أمطار في المناطق الجبلية، ظلت في جريانها بالوديان حتى سببت أضرارا في المناطق الساحلية كما في الحديدة غرب البلاد، والمناطق الصحراوية مثل محافظة مأرب والتي أثرت على مخيمات النازحين وألحقت أضرارا بيئية.
وأشار إلى أن نحو 4 أعاصير ضربت اليمن خلال الفترة من 2015 حتى 2018، وهي “تشابالا”، و”ميج”، و”مكونو”، و”لبان”، وأثرت الأعاصير هذه بشكل كبير على كل من أرخبيل سقطرى، سواء في تنوعها الحيوي، والأضرار على السكان، والمصالح العامة والخاصة والمنشآت الخدمية.
فيما إعصار لبان والذي ضرب محافظة المهرة في 2018، نتج عنه خسائر بشرية ومادية كبيرة جدا، وخلفت وضعا إنسانيا كارثيا وصحيا متدنيا، كما يضيف الخراز.
عودة الكوارث الطبيعية:
يؤكد خبراء المناخ والبيئة في اليمن، أن البلاد تقع تحت تأثيرات متعددة ومتنوعة لحدة التغيرات المناخية، وأكثر هذه التأثيرات تتمثل في الأعاصير، والفيضانات وارتفاع في مستويات سطح البحر، والارتفاع الشديد في درجة الحرارة، وتقلبات مواسم الزراعة والأمطار.
وخلال الأيام القليلة الماضية عادت الأعاصير من جديد، كان أبرزها إعصار “تيج” والذي ضرب محافظات سقطرى وحضرموت والمهرة ووصل تأثيره إلى محافظات شبوة وأبين ومأرب.
وفي هذا السياق، يرى الدكتور الخراز أن ضربة الإعصار “تيج” أكثر خطورة على محافظة المهرة، فقد بدأت أمواج البحر في سواحل المحافظة ارتفاع منسوبها، حيث بدأت خلال الأيام الماضية-وفق الخراز- مساحة عين الإعصار بنحو 22 كم مربع، ثم توسعت لتصل نحو 68 كم، والتي تشكل قرابة نصف قُطر جزيرة سقطرى، البالغ 128كم مربع، موضحا أن هذه لها انعكاسات سلبية، حيث إنه كلما كبرت عين الإعصار زاد تأثيره.
وترافق الأعاصير كميات كبيرة من الأمطار، تصل نحو 800 ملم، والتي تسبب فيضانات واسعة ومدمرة لمنازل المواطنين والأراضي الزراعية والممتلكات والشوارع الرئيسية.
كما ترافقها رياح شديدة متغيرة الاتجاهات، وذات سرعة عالية، والتي ينتج عنها كوارث طبيعية وتدمير للبنية التحتية وممتلكات المواطنين، وتؤدي إلى انهيار الوضع الصحي من خلال الأوبئة والأمراض التي تخلفها.
المهرة وسقطرى وحضرموت الأكثر تأثيرا:
ويعد اليمن من البلدان الأكثر تأثرًا في التغيرات المناخية، فقد زادت حدتها خلال السنوات الأخيرة، فنجد أن هناك تغيرا مناخي في مواسم الأمطار، وزيادة الفيضانات والسيول التي تعمل على جرف التربة والأراضي الزراعية.
وبحسب رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي فإن محافظات المهرة، وحضرموت وسقطرى، تواجه الاثار المحتملة للمتغيرات المناخية وقد عانت المحافظات الثلاث من موجاتها المدمرة على مدى السنوات الماضية.
وشدد العليمي على أهمية مضاعفة الجهود والمسؤوليات المشتركة بين أجهزة الدولة والسلطات المحلية، وجميع الشركاء المحليين والإقليميين والدوليين لمواجهة آثار الإعصار المداري الذي دخل محافظة المهرة يوم الاثنين.
وذكر رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالأعباء الكبيرة للكوارث الطبيعية التي شهدها اليمن، ليجعله في صدارة الدول المتأثرة بالمتغيرات المناخية، رغم عدم مساهمته بأي انبعاثات على هذا الصعيد، مطالبا بدعم دولي مسؤول للحد من تداعيات هذه الكوارث التي تؤدي إلى فقدان مئات الأرواح، والحيازات الزراعية سنويا”.
وكان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، زار محافظة المهرة التي يضربها إعصار تيج ضمن جهود رفيعة المستوى للتخفيف من وطأة الأثار المحتملة للإعصار المداري الجديد وضمن الاستجابة الاستباقية للمتغيرات المناخية.
وتشير دراسات في المناخ والبيئة إلى أن تأثيرات الظروف المناخية المتغيرة في اليمن وبوجود العديد من الظواهر التي تدل على التغير المناخي، ستؤثر على كل القطاعات البيئية والزراعية والسمكية، منها ارتفاع درجة الحرارة وتغير أنماط الأمطار وكمياتها خلال السنوات الاخيره وازدياد الكوارث الطبيعية كالفيضانات والجفاف وانحسار المناطق الساحلية بسبب ارتفاع مناسيب المياه.
وهذا ما قد يسبب بحسب تلك الدراسات، بتسرب مياه البحر إلى مكامن المياه الجوفية العذبة بالمناطق الساحلية مما يرفع درجة ملوحة المياة والتربة.