- كيف استفادت جماعة الحوثي من الهدنة على حساب الحكومة؟!..
- سياسيون: مشروع لتفكيك اليمن على أسس مناطقية وجهوية ومذهبية
توقفت العمليات العسكرية بين الحكومة الشرعية وجماعة الحوثي في اليمن منذ بدء الهدنة الإنسانية برعاية أممية في أبريل من العام 2022م، لتحل مكانها حرب اقتصادية شاملة، تتشابك فيها المشاكل الاقتصادية التي يعاني منها اليمن الآن بشكل معقّد مع الوضع السياسي والعسكري.
يبدو أن صنعاء طبّقت مجموعة مدروسة من التدابير الاقتصادية القسرية، المتعلقة بالقطاعات البحرية والبرية والجوية، لشل نشاط الحكومة اليمنية، ومنعها من أداء وظائفها، وفق ما جاء في تقرير حديث لفريق الخبراء التابع للجنة العقوبات في مجلس الأمن.
ورصد تقرير فريق الخبراء الصادر مؤخرًا مختلف الوقائع السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية في اليمن، وحقق في الكثير منها، وقيَّم الوضع في ضوء ما توصل إليه الفريق من نتائج وتحقيقات، وقدَّم إلى اللجنة ومجلس الأمن جملة من التوصيات التي يمكن العمل بها لإيجاد تسوية سياسية في اليمن، تضمن مصالح جميع أطراف النزاع، حتى لا يكون الاتفاق السياسي مجرد تصديق قانوني على نتائج الحرب، ومساعدة على الإفلات من العقاب، والهروب من ضرورات العدالة الانتقالية.
يقول الصحفي سلمان المقرمي لـ “بلقيس”: “تقرير فريق الخبراء، هذه المرَّة، قال في مقدمته إن المسار الذي تعتمده جماعة الحوثي يستند إلى مجموعة من العوامل المحلية والإقليمية والدولية”.
وأضاف: “العوامل الإقليمية، وهي المؤثرة بشكل أكبر كما ذكر التقرير، تستند إلى الاتفاق السعودي – الإيراني، فيما يستند في العوامل الدولية إلى الاتفاقات الجزئية بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية”.
وتابع: “الهامش الإقليمي والدولي، الذي تتحرّك فيه جماعة الحوثي في اليمن، هو نتيجة لهذه الاتفاقيات”.
وأردف: “جماعة الحوثي تواصل تهريب الأسلحة والتجنيد، وتطوير قدراتها، وبدأت بتطوير استراتيجية حرب شاملة، لإسقاط الحكومة، بحرب أخرى غير الحرب العسكرية، باعتمادها على المسارات الجوية والبحرية والبرية، بشكلها الاقتصادي”.
وأردف قائلا: “الحرب الاقتصادية، التي شنتها جماعة الحوثي هي بالفعل أضعفت الحكومة وأثرت فيها كما لم تؤثر فيها الحرب”.
ولفت إلى أن “تقرير الخبراء ذكر أن الحكومة خسرت قرابة 637 مليار ريال، نتيجة التحويل القسري للتجارة إلى موانئ الحديدة، وهو مبلغ يعادل مرتبات عشرات الآلاف من الموظفين”.
واستطرد: “هناك أكثر من 67 مليار ريال خسرتها الحكومة، نتيجة استيراد مليشيا الحوثي الغاز من الخارج، وهناك أكثر من 120 مليار ريال يمني سيطرت عليها المليشيا من أموال وأرصدة الخطوط الجوية اليمنية”.
وتابع: “خسائر الحكومة تصل إلى 820 مليار ريال يمني، إلى جانب خسارتها مصادر النفط والغاز، وهذا يعني أن الحكومة باتت مفلسة، وستسقط قريبا بكل تأكيد في هذا الإطار، مقابل أن جماعة الحوثي هي من تجني المكاسب والأموال والإيرادات، دون أي التزامات، حيث لا تذهب هذه المكاسب إلى السوق، ولا إلى مؤسسات الدولة، ولا تذهب على شكل خدمات، وإنما تذهب لتمويل المجهود الحربي”.
وأشار إلى أن “الحرب، التي تشنها الجماعة على الحكومة اليمنية بشقها الاقتصادي نتائجها كانت أكبر بكثير من نتائج الحرب العسكرية”.
بدوره يقول الأكاديمي والباحث السياسي، د. عادل دشيلة: “إنه من الطبيعي جدا سماع مثل هذه التقارير لأن جماعة الحوثي باعتبارها أحد أذرع إيران في المنطقة والبحر الأحمر على وجه التحديد، استفادت من الهدن غير الرسمية في المرحلة الماضية، من خلال التزود بالأسلحة، لا سيما بعد فتح ميناء الحديدة بشكل كامل”.
وأضاف: “فتح ميناء الحديدة بشكل كامل مَنَح الحوثيين فرصة استيراد أكبر قدر من السلاح، إضافة إلى أن إيقاف عمليات التحالف العربي أتاح لهم إخراج أسلحة الجمهورية اليمنية من المخابئ، وإعادتها وهندستها وإصلاحها، ومن ثم التحشيد استعدادًا لأي عملية عسكرية ضد الحكومة مستقبلًا، لتمرير مشروعها السياسي في البلاد بالقوة العسكرية”.
وتابع: “لا أتوقع أن جماعة الحوثي باستطاعتها حسم الموقف عسكريا، حتى وإن أوقف التحالف العربي عملياته العسكرية في البلاد، لكنها ستكون قادرة على إلحاق الأذى باليمنيين على المدى المتوسط والطويل”.
وأردف: “كما أن إيران ترى أن تزويد الحوثيين بأسلحة متطورة أمر مهم بالنسبة للاستراتيجية الإيرانية، للتمدد باتجاه دول القرن الإفريقي، ولزعزعة الأمن والاستقرار في باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر، إلى جانب سيطرتها على مضيق هرمز، بهدف خنق المنطقة من خلال هذه الممرات المائية”.
وزاد: “إيران تريد أن تكون جماعة الحوثي على مستوى عالٍ من الاستعداد لمهاجمة السعودية في حال لم تستطع الحصول على تنازلات من السعودية”.
وأضاف: “حتى الآن، ليس هناك تفاهمات جوهرية على مناقشة القضايا الأساسية التي أدت إلى اندلاع الصراع في اليمن، فهناك تفاهمات أمنية بين السعودية وجماعة الحوثي، وهذه التفاهمات جاءت بعد الاتفاق السعودي – الإيراني، وهناك وساطة عُمانية بين الحوثيين والسعودية، بإيعاز من المجتمع دولي، أو بدعم إيراني مباشر”.
وتابع قائلًا: “هذه التفاهمات لا تخدم السلام، ولا تخدم إيجاد حلول جذرية للصراع، وتخدم فقط في المقام الأول الاستراتيجية السعودية، وأيضا الحوثيين، ولم يتم مناقشة الأوضاع السياسية والأمنية والعسكرية، ولا أتوقع أنه سيتم مناقشتها، ولو تم مناقشتها لن تقبل جماعة الحوثي”.
وأردف: “أي تسوية سياسية قادمة، ما لم تناقش جذور الصراع والسلاح، ستكون عبارة عن تكرار ما حدث في لبنان، خلال العقود الماضية”.
يقول الصحفي رماح الجبري لـ “بلقيس”: “إن مُجمل ما ورد في تقرير الخبراء يكاد يكون واقعيا، لأن المجلس الرئاسي منذ تشكيله يعيش حالة من الخلافات، لكنها حالة خلاف لا تخل بالصورة العامة للمجلس، ولا يمكن أن تهدد آلية عمل المجلس”.
وأضاف: “أمام المجلس سبع سنوات من الأخطاء المتراكمة، ومن الصعب إصلاحها بصورة سهلة، بالإضافة إلى العوائق التي أحدثتها جماعة الحوثي، أبرزها إيقاف تصدير النفط من الموانئ في المحافظات المحررة، وهو ما أضاف عبئا على المجلس الرئاسي اقتصاديا، ما أدى إلى تردي الخدمات، وتقديم صورة سلبية إداريًا واقتصاديًا وسياسيًا في العديد من الأمور التي بحاجة إلى حلحلة”.
وتابع قائلًا: “المشكلة أن اليمن لم تعد تمتلك قرارها، كون إعلانها تحت البند السابع، وتدخل تحالف دعم الشرعية، حيث خرجت المعركة لتصبح معركة بين أطراف صراع دولية وإقليمية، وتداخلت فيها الملفات وتشابكت، وأصبحت اليمن ملعبا لهذه الصراعات”.