القوات الجنوبية.. خيار استراتيجي دولي لمواجهة إرهاب الحوثي بالبحر الأحمر
بات دعم القوات البحرية وخفر السواحل في المناطق الجنوبية والساحل الغربي اليمني وتطوير قدراتها، أحد الخيارات الاستراتيجية للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لردع الهجمات المتكررة وأعمال القرصنة البحرية التي تقوم بها مليشيا الحوثي، ذراع إيران في اليمن، في البحر الأحمر وخليج عدن وباب المندب.
وخلال الأيام الماضية، كشف مسؤولون أميركيون في البنتاغون عن تحركات متواصلة تجريها الإدارة الأميركية لأجل تشكيل قوة واجب لتأمين الخطوط الملاحية المارة في الشرق الأوسط عقب تصاعد الهجمات التي تشنها الميليشيات الحوثية. بحسب تصريحات المسؤولين فإن هناك 38 دولة أعلنت تأييدها للمشاركة في أي تحركات قادمة تحفظ أمن وسلامة الملاحة الدولية في البحر الأحمر وباب المندب.
وخلص تقرير نشره مركز سوث 24 للدراسات، إلى أهمية أن يقوم المجتمع الدولي بتقديم دعم كبير للقوات الجنوبية للمشاركة في عملية تأمين الملاحة والممرات المائية في باب المندب وخليج عدن وصولاً إلى البحر الأحمر.
وأشار التقرير إلى أن تأمين المنطقة عامل مهم لاستقرارها وحماية ممراتها الدولية، ويبدو أنه حان الوقت للتفكير جدياً من قبل المجتمع الدولي بدعم جهات سياسية وعسكرية ذات موثوقية، وبالذات القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذين قدموا أنموذجاً ناجحاً في محاربة التنظيمات “الإرهابية” وأنشطة الميليشيات في أكثر من عملية، وقضوا على منابعها نسبياً خلال السنوات الفائتة.
وقال: “إن المخاطر المحدقة بجنوب اليمن وممراته المائية السيادية يجب أن تشكل هاجساً عملياً لضمان تأمين قوة ردع عسكرية بحرية وجوية جنوبية إلى جانب القوات البرية المنتشرة، لمواجهة هذه المخاطر المحتملة في خليج عدن وباب المندب والبحر الأحمر.
استعداد انتقالي
ومنذ تصاعد الهجمات الإرهابية الحوثية في البحر الأحمر في نوفمبر الماضي، كان المجلس الانتقالي الجنوبي سباقاً في رفض تلك التحركات التي تهدد الملاحة الدولية وخطوط التجارة وتضر بالبلد وتفاقم من الأزمات الإنسانية والاقتصادية. وأكد الانتقالي استعداده الدائم للعمل على تأمين مسار الملاحة الدولية وردع السلوك الإرهابي الحوثي، وذلك من خلال رفع جاهزية قواتنا البحرية الجنوبية والعمل على تطويرها، بالشراكة مع دول التحالف العربي والشركاء الإقليميين والدوليين.
ويعرب المجلس الانتقالي بشكل متكرر عن قلقه من “السلوك الإرهابي” للحوثيين الذي أصبح يشكل تهديدا للأمن والسلم في المنطقة، مشيرا إلى أن النهج العدواني الحوثي ظهر طوال النزاع المسلح في اليمن، ويؤدي الآن إلى أعمال قرصنة حقيقية في مياه خليج عدن، لافتا إلى أن الميليشيات الحوثية أداة إيرانية لا تضر اليمن فحسب، بل جيرانها في المنطقة أيضًا.
الرفض المتكرر الذي تبناه الانتقالي الجنوبي، ضد القرصنة والهجمات الحوثية في البحر الأحمر، كان مبرراً، وخصوصاً وأن تباعات تلك الأعمال الإرهابية ستنعكس سلباً على الوضع في الداخل من ارتفاع تكاليف الشحن البحري ونقل المواد الغذائية والوقود وغيرها من التبعات التي ستضاعف الأزمات الإنسانية التي يعيشها المواطنون شمالاً وجنوباً.
وأكد المتحدث الرسمي للقوات الجنوبية، المقدم محمد النقيب، في حديث له مؤخراً، استعداد وجاهزية القوات للمساهمة والمشاركة في تأمين الخط الملاحي الدولي، رفقة الشركاء الإقليميين والدوليين، موضحا أن القوات الجنوبية أصبحت اليوم قوة فاعلة ومحورية واثبتت خلال السنوات الماضية قدراتها وكفاءتها في هزيمة مشروع إيران الذي تقوده ميليشيا الحوثي وأيضا خطر الإرهاب الذي يقوده تنظيما القاعدة وداعش.
وأوضح أن باب المندب وخليج عدن مناطق سيادية، ونحن على استعداد للدفاع عن هذه السيادة الوطنية وتأمينها بالشراكة والتنسيق الكامل مع الشركاء الإقليميين والدوليين، مشيرا إلى أن تعزيز قدرات القوات الجنوبية وتطوير قدراتها يعد انطلاقا لهذه الشراكة القادمة، خصوصا وأن القوات الجنوبية رافد قومي لمنظومة الدفاع والأمن العربي والإقليمي، وجزء لا يتجزأ منها.
دعم البحرية الجنوبية
في 27 نوفمبر الماضي، نشرت صحيفة “نيزافيسيمايا غازيتا” الروسية، تقريراً كشفت فيه أن استعداد القوات البحرية التابعة للانتقالي ورفضها المتكرر للهجمات البحرية الحوثية يدفع بشكل كبير نحو إمكانية أن تتلقى هذه القوات المحلية دعماً كبيراً من الولايات المتحدة الأميركية، لأجل المشاركة في مهام بحرية تهدف إلى وقف تحركات الحوثيين وتهديداتهم المتكررة ضد الملاحة الدولية في مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
التقرير الروسي أكد أن دعم القوات البحرية التابعة للانتقالي سيساعد على تشكيل قوة جديدة من الداخل، وستكون هذه القوة مستعدة لمواجهة الهجمات الحوثية التخريبية التي تستهدف الملاحة الدولية.
ما نقلته الصحيفة الروسية من معلومات، أكدته زيارة المبعوث الأميركي إلى اليمن، تيم ليندركينغ، الذي بدأ جولة استثنائية في دول الخليج والمنطقة، لأجل التباحث حول قضية تعزيز حماية الملاحة الدولية وإخماد الهجمات الحوثية التي تستهدف السفن في مياه البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وأكدت الخارجية الأمريكية، في بيان صادر عنها، أن “واشنطن تعمل مع شركاء بحريين رئيسيين لتأمين ممر آمن للشحن العالمي، فيما يعمل ليندركينغ مع الأمم المتحدة والسعودية والإمارات وعمان والشركاء الدوليين الآخرين لدعم حل الصراع في اليمن في أقرب وقت ممكن”.
لقاءات مركزة
واستهل المبعوث الأميركي الجولة بعقد لقاء مصغر يوم الخميس 7 ديسمبر، مع رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي- عضو مجلس القيادة الرئاسي، عيدروس الزبيدي في العاصمة الرياض. وبحث اللقاء، مخاطر التصعيد الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب وسلوك القرصنة الذي تمارسه المليشيا المدعومة من إيران ضد السفن التجارية المارة في الخط الملاحي الدولي.
واستعرض اللقاء آليات مواجهة التصعيد الحوثي، وسُبل توسيع التعاون والتنسيق مع الدول الشقيقة والصديقة لتعزيز الأمن البحري وحماية خطوط الملاحة في البحر الأحمر وباب المندب، وبهذا السياق أكد الزُبيدي جاهزية المجلس الانتقالي الجنوبي والقوات المُسلحة الجنوبية للعب دور محوري في تأمين الممر الدولي جنبا إلى جنب مع الشركاء الإقليميين والدوليين.
كما أكد الزُبيدي أن المجلس الانتقالي الجنوبي يدين تلك السلوكيات الإرهابية التي تهدد أمن وسلامة خطوط الملاحة الدولية، وتُعرّض الأمن والسلم في المنطقة للخطر، منوها إلى أن تلك الممارسات العدائية تمثل تهديدا مباشرا للأمن الغذائي في بلادنا، وتضاعف من تداعيات الأزمة الإنسانية التي أفرزتها حربها العبثية على شعبنا.
بدوره عبر المبعوث الأمريكي عن شكره وتقديره للمواقف الإيجابية للزُبيدي الرافضة للتصعيد الحوثي في البحر الأحمر وباب المندب، وموقفه الداعم للجهود التي يقودها الأشقاء والأصدقاء لإحلال السلام في بلادنا، مؤكدا على أهمية التعاون والتنسيق المشترك لتعزيز الأمن البحري وحماية خط الملاحة الدولي في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وفي 8 ديسمبر، عقد عضو مجلس القيادة الرئاسي- رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي، عيدروس الزبيدي، في العاصمة عدن، لقاء عاجلا مع قائد القوات البحرية الفريق الركن بحري عبدالله سالم النخعي، للاطلاع على جاهزية القوات والجهود المبذولة لإعادة بنائها وتطوير قدراتها القتالية للقيام بالمهام الوطنية المسندة إليها في تعزيز الأمن البحري وحماية خطوط الملاحة الدولية في باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر.
بحسب مراقبين، فإن لقاء رئيس المجلس الانتقالي الجنوبي بالمبعوث الأميركي في الرياض وعودته مباشرة إلى العاصمة عدن وعقد لقاء عاجل مع قائد القوات البحرية يؤكد صحة المعلومات الخاصة بالتحركات الأميركية نحو تعزيز القوات البحرية الجنوبية وإسناد مهامها للقيام بدورها في تأمين المنطقة البحرية في باب المندب والبحر الأحمر وخليج عدن.
من جانبه أشار عالم السياسة الأمريكي من أصل لبناني وليد فارس، إلى أنه في ضوء استعداد الجنوبيين للقتال من أجل سلامة الملاحة قبالة سواحل شبه الجزيرة العربية، يمكن للبنتاغون أن يقدم لهم الدعم المناسب. وكتب المحلل على مدونته: “ستكون خطوة ذكية واستراتيجية من جانب الولايات المتحدة أن تصبح شريكاً لعدن، وتزودها بقدرات بحرية تحت رعاية البحرية الأمريكية”. وأضاف إن “التحالف (تحالف دولي للدول التي تحاول حماية الطرق البحرية من الحوثيين) سيستقبل شريكاً سيكون على الحدود مع الحوثيين المدعومين من إيران”.
قبل المجتمع الدولي بدعم جهات سياسية وعسكرية ذات موثوقية، وبالذات القوات الجنوبية والمجلس الانتقالي الجنوبي، الذين قدموا أنموذجاً ناجحاً في محاربة التنظيمات “الإرهابية” وأنشطة الميليشيات في أكثر من عملية، وقضوا على منابعها نسبياً خلال السنوات الفائتة.