لماذا الحوثي يريد حرباً جديدة؟ قراءة في الرؤية من زاوية أخرى


على الرغم من أن تحرك “الحوثي” خارج نطاق الجغرافيا اليمنية وتنفيذ هجمات على السفن في البحر الأحمر وإشعال منطقة باب المندب بالهجمات المتكررة من خلال الصواريخ والمسيرات، يأتي في إطار الأجندة الإيرانية، إلا أن البحث عن مبررات لاستعداء دول العالم وإجبارها على تحديد أهداف للجماعة الحوثية وضربها كنوع من العقاب الرادع، يمثل هدفا مشتركاً يخدم إيران في إطار سياستها في المنطقة ويخدم الحوثي في إطار سياسته داخل مناطق الشمال اليمني التي يسيطر عليها بالقوة.
ليس لدى الحوثي ما يخسره، فالمشروع الحوثي لا يملك ما يقدمه للناس من خدمات ومشاريع، ولا يحمل في تفكيره السياسي أي مبادئ لرؤية بناء دولة تخدم كل الناس، ولا يمتلك خطط لمشاريع أو تنمية أو رفع مستوى الحياة اقتصادياً وثقافياً وحتى عسكرياً وسياسياً، فكل جهوده تنصب وراء تجنيد الشعب لخوض الحروب وحسب، وهذا الأمر يكشف أسباب تردد الدول أو الأطراف الأخرى في خوض الحروب، لأن لديها اهتمامات أخرى تتمثل في مصالح شعوبها وتنميتها وتقديم الخدمات، حتى هذه الدول تخوض الحروب من أجل خدمة مصالح شعوبها.
ولأن الجماعة الحوثية تخوض الحروب بدون أي تفويض شعبي، أو بناءً على مصلحة لكل الناس، فإنها تتخذ قرار الحرب بشكل غير مدروس بناءً على عقديتها الفكرية وكذلك أجندتها الداخلية التي تتشابك مع الأجندة الإيرانية في المنطقة، فهذا يمنحها فضاءً مطلقاً، لأن تخوض الحروب بدون أي اعتبارات للمحاسبة أو الردع مثلاً من برلمان الشعب أو ممانعة بعض الجهات أو الأحزاب السياسية في مناطق سيطرتها، أو للتداعيات الاقتصادية على حياة المواطنين، ومن هذا المنطلق فهي ستكون مستعدة لخوض الحروب نيابة عن أي دولة أو جماعة أخرى بمقابل مالي أو مغريات أخرى.
سوف تستمر الجماعة الحوثية في هجماتها على السفن التجارية في البحر الأحمر، لأن المبرر لديها لا يزال قائما وهو كما تدعي الحرب على غزة ومنع المساعدات الإنسانية عن أهلها، وحتى بعد أن يتم وقف الحرب ودخول المساعدات سوف تعمل على إيجاد مبرر آخر يمكنها من الاستمرار في الحرب، سوف تشترك فلا يزال لديها الإمكانيات والكبيرة التي تمكنها لخوض حروب أخرى.
مهاجمة القوات الأمريكية سواءً في قواعدها المنتشرة في المنطقة أو تلك على الأساطيل الحربية البحرية، أحد المبررات القادمة لأن تستمر الحوثية في تجنيد الشعب وراء شعاراتها، فبعد مقتل عشرة من قواتها على يد القوات الأمريكية في البحر الأحمر ومنعهم من السطو على سفينة تجارية، يمثل دعاية للتحشيد والذهاب نحو الانتقام، وسوف تستغل الحوثية مقتل هؤلاء على أكمل وجه وبعاطفة جياشة تلهب حماس المراهقين والمندفعين نحو الوهم الزائف.
فالهدنة المعلنة منذ حوالي عامين أججت المجتمع في مناطق سيطرته وبدأت أصوات الناس واهتمامها تنصرف نحو الاحتياجات الرئيسية الواجبة على السلطة الحوثية القيام بها وتقديمها، مما خلق حالة من الاحتقان كادت معها أن تنفجر الأوضاع في الداخل، فالحرب الجديدة التي يسعى إليها الحوثي مع أمريكا والدول الغربية الأخرى سوف تمنحه فرصة للهروب من الواقع المتأزم داخلياً.

Exit mobile version