أخبار العالمالرئيسيةمحلياتمقالات

وزير خارجية بريطانيا يكتب حول القصف على اليمن

لا يوجد قرار يمكن لرئيس الوزراء اتخاذه أهم من إرسال قوات بريطانية للمشاركة في عملية عسكرية. ولم أكن أعتقد أبداً أنني سأكون جزءاً من مجلس وزراء آخر يناقش هذا الأمر، ناهيك عن مشاهدة رئيس وزراء آخر يُجري تقييماً لقرار كهذا.

لكن هذا ما وجدت نفسي فيه الأسبوع الماضي. ورأيت النهج الحذر والشامل والقوي الذي يتخذه ريشي سوناك.

هل استنفدت كل البدائل؟ هل هناك خطة واقعية يمكن أن تفي بما هو مطلوب؟ هل فُحصت كل الأهداف بدقة؟

جرى تقييم كل اعتبار ذي صلة بعناية. وسُئل كل وزير بكل دقة للتأكد من أن وزارته قامت بكل العمل اللازم قبل اتخاذ القرار.

لكن في النهاية، اتفقت الحكومة على أنه ليس أمامنا خيار سوى التصرف.

لماذا؟

حرية الملاحة مهمة للغاية. فمنذ 19 نوفمبر، نفذ الحوثيون 26 هجوما على الملاحة في البحر الأحمر. وعدم التصرف يعني القبول بأن هجماتهم غير القانونية وغير المقبولة يمكن أن تغلق فعلياً ممراً مائياً حيوياً مع الإفلات نسبيا من العقاب.

كذلك علينا أن ندرك الصلة بين الأحداث التي تقع في الخارج وحياتنا في بلدنا. ويتضح ذلك جليا من واقع تجاربنا في السنوات الأخيرة: أفعال الجهات الخبيثة في الخارج تهمنا وتؤثر علينا في الداخل.

البحر الأحمر هو أحد الشرايين الأساسية للتجارة الدولية: حيث يمر حوالي 15% من سفن شحن العالم عبر المضيق الذي يفصل أفريقيا عن آسيا. وإذا منع الحوثيون السفن من المرور عبر هذا الممر، فذلك يهدد سلاسل الإمدادات الحيوية، وبالتالي سترتفع الأسعار في بريطانيا وحول العالم.

ونتيجة مباشرة لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر، تقول الغرفة الدولية للشحن البحري أن 20% من سفن الحاويات في العالم اضطرت لتحويل مسارها للإبحار على الطريق الأطول حول الطرف الجنوبي لأفريقيا.

لكن لماذا نحن؟

تحالف حماية الشحن في البحر الأحمر يزداد اتساعا. وقد شاركنا فيه منذ البداية، وتلعب البحرية الملكية دوراً فعالاً في عملية “حارس الازدهار” للمساعدة في إبقاء هذا الممر المائي الحيوي مفتوحاً. لكن الهجمات استمرت.

بالتالي درس رئيس الوزراء بعناية طلباً من الولايات المتحدة للمساعدة في عمل عسكري محدود وموجّه. وبعد دراسة جميع الحجج، بما في ذلك المشورة القانونية، وبعد التشاور مع زملائنا في مجلس الوزراء وخبرائنا العسكريين والاستخباراتيين، أكد رئيس الوزراء على أنه علينا المشاركة في هذا العمل العسكري.

إنه على حق. ففي الأساس، عندما نتفق مع حلفائنا على ضرورة التصرف، وتكون لدينا القدرات اللازمة للمساعدة، فمن الصواب أن نفعل ذلك.

اقتصادنا هو أحد أكثر الاقتصادات انفتاحا. ونحن أمة تجارية. بالتالي فإن إبقاء الممرات البحرية مفتوحة هي مصلحة وطنية حيوية.

فعندما كنت رئيساً للوزراء، شاركت في حملة طويلة الأمد للقضاء على هجمات القراصنة الصوماليين في نفس المنطقة البحرية. وكان من الصواب اتخاذ إجراء ضد من يحاولون اختطاف السفن آنذاك. ومن الصواب اتخاذ إجراء ضد أولئك الذين يهاجمونها اليوم.

وكما كان الحال مع القراصنة الصوماليين، لم نتصرف وحدنا هذه المرة. فقد شاركت ست دول إجمالاً في هذه الضربات، بما فيها بريطانيا وأمريكا. وانضمت إلينا دول كثيرة أخرى في حماية السفن التجارية في البحر الأحمر وإدانة تصرفات الحوثيين.

لكن لماذا الآن؟

لم نسارع إلى تنفيذ هذه الضربات. فإلى جانب تشكيل قوة بحرية ونشرها، أصدرنا التحذيرات الواحد تلو الآخر. وأدان تحالف يضم 44 دولة هجمات الحوثيين قبل عطلة عيد الميلاد. كما طالبهم مجلس الأمن الدولي بوقف الهجمات.

وقد تحدثتُ مباشرةً إلى وزير خارجية إيران، الحليف الرئيسي للحوثيين. وأوضحنا دون أي شك أن الهجمات على السفن التجارية غير مقبولة على الإطلاق. يجب أن يتوقفوا عن الهجمات، واذا لم يتوقفوا فسنتخذ إجراءات بشأنها.

لكن الحوثيين اختاروا التصعيد. فقد ازداد عدد الهجمات – كما ازدادت حده هذه الهجمات.

وفي 9 يناير أطلق الحوثيون 21 طائرة مسيرة وصاروخاً على السفينة البريطانية دياموند، وكذلك على سفن حلفائنا الأمريكيين، في واحدة من أكبر هجماتهم حتى الآن.

العمل العسكري يجب أن يكون خياراً أخيراً. وبالفعل كان هذا هو الخيار الأخير في هذه الحالة. فعلى مدى شهرين تقريباً، تحملنا هذه الهجمات دون الرد المباشر على الأماكن والأشخاص الذين نفذوها. لكن ذلك لم يمنع استهداف قواتنا، ولم يردع الهجمات على التجار في البحر الأحمر، وبالتالي لم يدافع بشكل فعال عن مبدأ حرية الملاحة.

ماذا بعد؟

كانت ضرباتنا ضرورية ومتناسبة وقانونية. وقد حرص سلاح الجو الملكي البريطاني حرصا شديدا على تجنب وقوع إصابات بين المدنيين – وهذا على العكس تماما من تهديد طائرات الحوثيين المسيرة لحياة المدنيين من جميع الجنسيات الذين يعملون في مجال الشحن.

إن ادعاء الحوثيين بأن هذا الأمر كله يتعلق بإسرائيل وغزة إنما هو هراء. فقد هاجموا سفناً تابعه لدول من أنحاء العالم، كانت متجهة إلى وجهات مختلفة في أنحاء العالم.

عمليتنا المشتركة لا بد وأنها ساهمت إلى حد ما في تقويض قدرات الحوثيين التي بنوها بدعم إيراني. فقد استهدفنا مواقع نعلم أن الهجمات انطلقت منها. وسوف نقيّم بعناية تأثير ضرباتنا.

لكن الأهم من ذلك أننا أرسلنا رسالة واضحة: ما يفعله الحوثيون خطأ، ونحن عازمون على وقفه. سنعمل مع الحلفاء. وسندافع دائماً عن حرية الملاحة. والأهم من ذلك، سنكون مستعدين لدعم أقوالنا بأفعال.

*وزير الخارجية البريطانية
المقال نشرته صحيفة ديلي تلغراف.

زر الذهاب إلى الأعلى