آخر تطورات مسرحية البحر الأحمر.. قوى الساحات واستكمال المهمة والبلاد تعيش مأساة غير مسبوقة
تعيش البلاد مأساة غير مسبوقة، باعتراف العالم اجمع، ناتجة عن تحالف قوى ساحات فوضى 2011، وتحالف تقاسم المصالح والمكاسب المجسد في انقلاب 2014.. كان “بن مبارك” ايقونة رئيسية فيها، ليعود حاليا من بوابة الحكومة لاستكمال المهمة، في زمن يمارس فيه تحالف دولي جديد مسرحية نارية انطلاقا من البحر.
بعد عقد ونيف من الزمن.. اللعبة مستمرة
بعد عقد ونيف من الكارثة، تواصل قوى المصالح المحلية والاقليمية والدولية، التنكيل واستهداف حياة اليمنيين، بكل ما تمتلكه من قوة تدمير وتدبير، تعددت اسمائها واشكالها وطرقها، لكنها لا تختلف في تنفيذ أهدافها المرسومة.
وبعد 14 عاما من الكارثة التي حلت على اليمنيين، تواصل التقارير الاممية والدولية التحدث عن المأساة الغير مسبوقة التي وصلت اليها البلاد، وانها باتت على حافة “الجوع”، ومع ذلك تستمر تلك الاطراف العمل بكل قوة دفع نحو اتمام المهمة التي يبدو انها القضاء على كل ما هو يمني.
والمتتبع لما يجري في البلاد منذ فوضى الساحات في 2011، وما تلاها من تنسيق وتخطيط وتنفيذ لتحقيق أهداف المؤامرة المرسومة للنيل من اليمن الذي حقق منذ تسعينيات القرن الماضي قفزات نوعية في شتى المجالات، فكان يجب ايقافه حتى لا يتحول إلى دولة فاعلة ومؤثرة.
من الفوضى الى الحروب
وانتقلت الازمة اليمنية من فوضى الساحات، إلى الحروب المدمرة المهلكة للبشر والحجر، التي انطلقت شرارتها من فوهة بنادق واسلحة ايران، في 2014، لتتواصل المؤامرة بشقيها “الاخواني والشيعي” الممولة اقليميا بالمال، ودوليا بالخطط والسلاح.
وانتقلت الازمة اليمنية وفقا لمراقبين، من مرحلة القتال والصراع الداخلي بمشاركة اقليمية، إلى مرحلة القتال الداخلي بمشاركة دولية، والتي بدأت كلها بمسرحية اختطاف احمد بن مبارك، ويبدو انها ستنتهي بمسرحية البحر، بعودة الرجل المثير للكثير من التساؤلات وعليه علامات استفهام عدة إلى الواجهة.
وما بين المرحلتين تفاعلات تداعيات الفوضى والحروب، لتنتج واقع مؤلم ومأساوي مليء بالدماء والدمار وقضايا انسانية متعددة، يكابدها اليمنيين الذين وصل بهم الحال إلى حد الفاقة والبحث عن مساعدات انسانية تبقيهم على قيد الحياة وتردع عنهم “المجاعة” التي تهددهم من جميع الاتجاهات، بعد نقل المعركة الايرانية من البر اليمني إلى البحر ومحاصرة البلاد بأسلحة متعددة المهام والجنسيات.
أوراق المؤامرة
ووفقا لمراقبين للشأن اليمني، فإن اعادة تقليب الاوراق المنبثقة من ساحات الفوضى وتحالف القتل والدمار “الحوثي – الاخواني” من خلال تعيين احمد بن مبارك رئيسا للحكومة في عدن، تدخل البلاد في اتوان مرحلة اكثر غموضا، خاصة وان الرجل اختاره الحوثيين لتنفيذ مسرحية انقلابهم من خلال اختطافه وهو لا يملك سلطة القرار حينها، فهل كان الأخطر وكلمة السر في المشهد؟
ولا يأمل اليمنيين في ان يحقق الرجل أي انجاز خاصة وانها جاء من الساحات التي كانت سببا فيما تعيشه البلاد اليوم من كوارث انسانية واغاثية ومعيشية واقتصادية، وفوقها كلها كارثة تدمير وهدم نظام بات اليمنيين يحلمون بعودته ولو شهرا واحدا.
وعبر الكثير من اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي على القرار الصدمة، عن انزعاجهم ورفضهم للرجل لإدراكهم لدوره في تنفيذ مؤامرة التدمير للبلاد، وفشله في إدارة الجهات التي تولى مناصبة قيادية فيها منها الخارجية التي لم تستطيع مواجهة ناشطي الحوثي للتأثير في الراي العام الاوروبي والامريكي، وأزمة اليمنيين في مصر، وأزمة الجوازات التي كسبها الحوثي، فضلا عن رفضه تعيين سفيرا بدله في واشنطن عند تعيينه وزيرا وظل المنصب شاغرا لأشهر.
منعطف خطير
وفي أول كلماته بعد تعيينه على راس الحكومة اليمنية، ورغم وعوده بانه سيكون له أثر على حياة اليمنيين، اقر بانه جاء والبلاد تمر “بمنعطف خطير”، ما يعد اقرارا منه مقدما بالفشل وانه سيكون له أثر في “حياة كل يمنية ويمني”، كما كان له تأثير عقب اختطافه للتشاور من قبل الحوثيين.
قرار في زمن الحرب
ويعد قرار تعيين بن مبارك رئيسا للحكومة، ذات اهمية كبيرة بالنسبة للمراقبين للوضع في اليمن، خاصة وان الرجل جاء من أعلى منصب للدبلوماسية اليمنية، فهو لديه المعلومات الكافية عما يجري في أزمة البحر الأحمر التي افتعلتها مليشيات الحوثي الارهابية شريكة الرجل وجماعته في مؤامرة الساحات وحروب السنوات التسع الماضية.
ووفقا للمراقبين فان الرجل سيكون له دور كبير في تحقيق ما هو مرسوم في اطار مسرحية البحر الأحمر الايرانية – الامريكية لخدمة اسرائيل ومشروعها في المنطقة.
كما انها جاء بعد ان مارست دول اقليمية سياسة تجويع ممنهجة بحق اليمنيين جميعا، وفي ظل فتح قنوات تواصل دبلوماسية اقليمية مع شركاء الساحات في صنعاء، فالرجل شريك سابق متواطئ دائم، ومتخذ مواقف وقرار مستقبلا.
ضربات جديدة
وفي الانتقال إلى تطورات المشهد في اطار مسرحية البحر عسكريا، فقد شن التحالف الامريكي – البريطاني، أعنف ضربة من نوعها منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر، وفقا لما أعلنته القيادة الوسطى الأمريكية.
وأكدت القيادة الامريكية في بيان لها، تدمير صواريخ ومسيرات وشن سلسلة غارات أمريكية بريطانية على مواقع عدة للحوثيين في صعدة والحديدة، بعد يوم واحد من الضربات الأمريكية – البريطانية المشتركة ضد أهداف الحوثيين. وقالت واشنطن إنها أحبطت عمليات إطلاق صواريخ مضادة للسفن كانت جماعة الحوثي على وشك تنفيذها في البحر الأحمر، ونشرت القيادة الوسطى صوراً لما قالت إنه انطلاق طائرات وإطلاق صواريخ على أهداف لجماعة الحوثي في اليمن.
مزيد من الضربات
وفي حين اكد مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان، أن الولايات المتحدة تعتزم شن المزيد من الضربات ضد اهداف ايران في اليمن والمنطقة، أعلنت وزارة الدفاع الامريكية ” “البنتاجون”، عدم التسامح مع الحرس الثوري الإيراني وحلفائه في المنطقة.
واشار البنتاجون إلى أن الأعمال غير القانونية التي يقدم عليها الحوثيون تزعزع استقرار المنطقة، وأن ضرباتنا تهدف إلى إضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن وتعطيل الملاحة.
ايطاليا … تهديدات الحوثيين لا تخيفنا
من جانبها قالت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني، الاثنين، إنه من مصلحة بلادها الاستراتيجية ضمان حرية الملاحة في البحر الأحمر، مشيرة إلى ان البعثة العسكرية الأوروبية المرتقبة التي تشارك فيها ايطاليا “ذات مهمة دفاعية”.
من جانبه وزير الخارجية الايطالي أنطونيو تاياني، قال أن “تهديدات الحوثيين لا تخيفنا”، وأنه “إذا تعرضنا لهجوم سنرد ويجب أن يكون هذا واضحاً”، وذلك ردا على تحذيرات أطلقها القيادي في جماعة الحوثي “محمد علي الحوثي” لصحيفة (لا ريبوبليكا)، بمهاجمة إيطاليا إن “شاركت القوات الدولية في البحر الأحمر”.
وقال تاياني: “نحن ندافع عن حرية حركة التجارة، ولا نهاجم أحداً، لكننا لا نريد بالمقابل أن يهاجمنا أحد”.
وكانت تقارير لوسائل إعلام غربية افادت، بأن بعثة الاتحاد الأوروبي التي ستنسق مع الجهود العسكرية الأمريكية لحماية السفن التجارية في البحر الأحمر من هجوم المسلحين الحوثيين، ستكون تحت قيادة أميرال إيطالي.
مساعي تعطيل الملاحة مستمرة
إلى ذلك قال وزير الدفاع البريطاني جرانت شابس، الاثنين، إن الضربات على أهداف لحركة الحوثي في اليمن لم تقلل بشكل كامل من رغبة الحوثيين في تعطيل الشحن في البحر الأحمر.
وأضاف شابس أمام البرلمان “كان لهذه الهجمات تأثير كبير على إضعاف قدرات الحوثيين لكن رغبتهم في مواصلة تعطيل البحر الأحمر لم تتضاءل بالكامل”، مشيرا إلى انهم في التحالف الدولي لحماية الملاحة بالبحر الأحمر، لن يترددوا في اتخاذ إجراءات مرة أخرى ضد الحوثيين.
وكان رئيس الوزراء البريطاني ريشى سوناك، دافع عن مشاركة المملكة المتحدة في موجة ثالثة من الضربات الجوية ضد جماعة الحوثيين في اليمن، قائلا إن حملة المضايقات “غير القانونية” التي يشنها الحوثيون في البحر الأحمر لها “عواقب اقتصادية”.
وقالت صحيفة “أي” البريطانية، إن هناك مخاوف من أن تؤدى الهجمات على السفن التجارية في الشرق الأوسط إلى ارتفاع أسعار البضائع في المتاجر، حيث تضطر شركات الشحن إلى إعادة توجيه سفنها عبر طرق أطول وأكثر تكلفة لتجنب الاشتباكات مع الجماعة المتمردة.
جولة بلينكن
ووصل أنتوني بلينكن وزير الخارجية الأميركي، إلى العاصمة السعودية الرياض، الاثنين، في أول محطة بجولته الدبلوماسية لمنطقة الشرق الأوسط، التي تشمل كذلك مصر وقطر وإسرائيل، إضافةً إلى الضفة الغربية.
وتأتي جولة بلينكن بعد يومين من شنّ الولايات المتحدة ضربات ضد أهداف ايرانية في اليمن والعراق وسورية مرتبطة بميليشيات لها علاقات وثيقة مع إيران.
وكانت الخارجية الأميركية قالت في بيان لها، أن وزير الخارجية الأميركي سيواصل العمل لمنع انتشار الصراع مع التأكيد مجدداً أن الولايات المتحدة ستتخذ الخطوات المناسبة للدفاع عن أفرادها، والحق في حرية الملاحة في البحر الأحمر.
من البحر الأحمر إلى الأسود وبحر الصين
وفي هذا الصدد، تشير تقارير اعلامية دولية، إلى ان دول العالم تستعد لإعادة تسليح قواتها البحرية مع استمرار التوترات الدولية، آخرها هجمات الحوثيين على السفن التجارية الغربية في البحر الأحمر.
وتتابع “يبدو أننا سنشهد زمنا جديدا من الحروب، ليس أرضا أو جوا بل بحرا”. إنه بالفعل زمن العودة لصراع البحار، فرقعة الحروب تتّسع، وكأن البرّ ليس كافياً، لذا تتمدد تلك النزاعات المسلحة إلى البحار.
المجال البحري أصبح الآن جزءاً أساسياً من النزاعات العالمية، من البحر الأسود إلى الأحمر أو بحر الصين.
نأخذ حرب أوكرانيا وروسيا على سبيل المثال، فالحرب امتدت للبحر الأسود. خطوط الشحن الأوكرانية تعرقلت، والأسطول الروسيُّ تعرّض لخسائر.
وفي البحر الأحمر، الحوثيون يستهدفون السفن الأميركية والبريطانية والأوروبية.
وقد حذرت صحيفة “لو فيغارو” الفرنسية من أن هذه الهجمات لا بدَّ أنها تُنذِرُ بأخرى مشابهة.
وإذا ما كانت الحرب بين القوى الدولية ستندلع، فالشرارة ستنشأ في عرض البحر على الأرجح، وفق باحث في مركز للدراسات الاستراتيجية البحرية نقلت عنه الصحيفة الفرنسية، خاصة أن عرض البحار منطقة مفتوحة من الناحية القانونية.
ومع استمرار النزاعات والتوترات الدولية، تقوم عدة دول بإعادة تسليح قواتها البحرية.
في نفس الوقت سيكون استخدام الذكاء الاصطناعي حاسِمًا، حيث تستثمر الصينُ بكثافة في هذه التقنيَّات تحت الماء.
فالبحرية الصينية تعاني من افتقارها إلى الخبرة في القتال البحري، لكن الصينيين يدركون هذا التأخير، ويهدفون إلى زيادة تدريبهم إلى أقصى حد، خاصة فيما يتعلق بالعمليات البرمائية.
فالبحرية الصينية تجاوزت الأميركية، كَمّياً وليس نوعيا، وأميركا تعمل على استعادة التفوق. أما من ناحية التكاليف فالميزانية البحرية كبيرة.
عندما رد الأميركيون والبريطانيون والفرنسيون على هَجَمات الحوثيين في البحر الأحمر، استُخدمت فـرقاطة فرنسية لاعتراض طائرة بدون طيار معادية كانت تستهدفها. (عن : المنتصف)