القرار حيز التنفيذ.. الإرهاب حوثي والعقوبة تقصم وتثقل كاهل اليمنيين

يمن الغد / تقرير – خاص

بدأت التوقعات والتقديرات محذرة من احتمالات زيادة الضرر على الاقتصاد العالمي في ظل تزايد التصعيد العسكري في البحر الأحمر.
وتزايد التصعيد في البحر الأحمر إثر هجمات مليشيا الحوثي على السفن التجارية تهديدا للملاحة الإسرائيلية في إطار لستغلال الجماعة الانقلابية باليمن للقضية الفلسطينبة عقب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.

تهديدات مستمرة:

وتشهد طريق الملاحة البحرية عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي، تهديدات مستمرة من جماعة الحوثيين؛ الذين استهدفوا عددا من السفن التجارية في البحر، ما دفع كل من أمريكا وبريطانيا وغيرها من الدول إلى إرسال مدمرات حربية لحماية الملاحة.
كما أنشأت الولايات المتحدة بمعية بريطانيا تحالفاً يضم نحو 20 دولة، لردع هجمات الحوثيين على ممرات الملاحة الدولية في المنطقة، وأطلقت عملية “حارس الازدهار” نفذت من خلالها عدة هجمات ضد أهداف عسكرية لجماعة الحوثيين في شمال اليمن، غير أن عدداً من الدول الأوروبية، ومنها فرنسا وإسبانيا رفضت الانخراط في هذا التحالف، وأكدت أن أي مشاركة لها في حماية طرق الشحن الدولي “ستكون دفاعية ولن تنفذ هجمات ضد الجماعة”.
ونفذت المقاتلات الأميركية والبريطانية غارات جوية على مواقع عسكرية للحوثيين في عدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرة الجماعة، وبالمقابل ردت الجماعة باستهداف السفن الأميركية والبريطانية.
والجمعة، أعلنت الولايات المتحدة، أن تصنيف جماعة الحوثي اليمنية “منظمة إرهابية” دخل حيز التنفيذ.


وفي 16 يناير /كانون الثاني الماضي أعلنت واشنطن تصنيف الجماعة منظمة إرهابية عالمية، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ بعد 30 يوما، ردا على هجماتها في البحر الأحمر ضد السفن التجارية.
وقالت الخارجية الأمريكية في بيان نشر على منصة إكس: “دخل اليوم (الجمعة) حيز التنفيذ تصنيف جماعة الحوثي كجماعة إرهابية دولية، ردا على هجماتها المستمرة على السفن المدنية في البحر الأحمر”.
وردا على ذلك، قال متحدث الجماعة، محمد عبد السلام، في بيان على منصة إكس إن “قرار التصنيف يعكس جانبا من نفاق أمريكا المكشوف والمفضوح”.
قالت جماعة الحوثي، إن تصيف الولايات المتحدة لها كمنظمة إرهابية إجراء غير قانوني.
وذكرت وزارة الخارجية في حكومة الانقلاب الحوثي (غير معترف بها دوليا) أن هذا الإجراء الأمريكي غير الشرعي وغير القانوني يفقدها الكثير من المصداقية لدى أغلب دول العالم، وفقا لوكالة سبأ التابعة للجماعة.
وأعربت عن إدانتها لممارسة أمريكا لسياسة الكيل بمكيالين وازدواجية المعايير بما أسمته تصنيف “الحوثيين” في قائمة الإرهاب الأمريكية.
وحذرت الأمم المتحدة وعدد من الدول والمنظمات الدولية من التأثيرات المدمرة لهجمات الحوثيين المستمرة على السفن التجارية والتي تؤدي إلى تعطيل حركة الشحن التجاري في هذا الممر الحيوي الذي يمر عبره سنوياً ما بين 10 ألى 12% من حجم التجارة العالمية مع حوالي 35 ألف سفينة، ما يساوي 790 مليار يورو تقريباً، بالإضافة إلى إضرارها بالأمن الإقليمي وتفاقم الأوضاع المعيشية المتدهورة أصلاً لليمنيين، إذ يضاعف ارتفاع تكلفة تأمين السفن والشحن أسعار السلع الأساسية.

أنانية أميركية:

ويرى سياسيون وحقوقيون ان تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، تزيد معاناة اليمنيين اكثر ما تؤثر على الجماعة الانقلابية.
وفي حديثها لـ”يمن الغد” تشير الحقوقية جميلة الخيلي الى ان قرار تصنيف مليشيا الحوثي منظمة ارهابية سيكون له تبعات وأعباءً إضافية إلى جملة الأزمات التي يعانيها بلدهم في ظل الوضع الإنساني الكارثي.
واشار السياسي محمد الحسني الى ان القرار سيؤدي إلى رفع تكاليف التأمين والنقل البحري من اليمن وإليها”.
وقال خلال حديثه لـ”يمن الغد”: لا تكترث بالقرار ولا تعيره اهتماما”. وان الشعب اليمني يعاني منذ عشر سنوات ويلات انقلابها ليأتي هذا القرار ليزيد معاناته اذ أن المواطنين في اليمن سيكونون أمام مرحلة جديدة من ارتفاعات أسعار السلع الأساسية المستوردة من الخارج، وضعف العملة المحلية.
وقال ان هذا القرار يعكس الأنانية الأميركية فهو يأتي ليراعي مصالح أميركيا وإسرائيل فيما سيدفع المواطن اليمني الثمن.

حرباً إقليمية أوسع:

يبدي معهد التمويل الدولي تشاؤما لاحتمال ارتفاع أسعار النفط بنسبة 40 في المئة وانكماش (نمو بالسالب) اقتصاد المنطقة بنسبة 0.6- في المئة اثر التصعيد في البحر الأحمر.
وبحسب تقرير للمعهد، فإن تبعات هذا التصعيد المحتمل للصراع في المنطقة قد تطاول الاقتصادين العالمي والإقليمي، وتتجلى في ارتفاع أسعار النفط والسلع، وزيادة التضخم، وسيؤدي ذلك إلى خفض النمو الاقتصادي العالمي في نهاية المطاف.
وفي السيناريو الأسوأ الذي تضمنه تقرير معهد التمويل الدولي، فإنه “في حالة اتساع الحرب سينخفض معدل النمو العالمي إلى 2.4 في المئة في العام الحالي 2024، نتيجة زيادة اضطرابات الشحن عبر قناة السويس ومضيق هرمز، بخاصة إذا بدأت إيران أو أحد وكلائها استخدام النفط سلاحاً من خلال وقف الشحنات المارة عبر المضيق، الذي يمر عبره نحو 30 في المئة من استهلاك النفط العالمي”.


ويقدر ذلك السيناريو انكماش اقتصاد المنطقة بنسبة 0.6- في المئة، وسيصيب الاقتصاد اللبناني الضرر الأكبر. وأضاف التقرير أن “حرباً إقليمية أوسع يشارك فيها (حزب الله) يمكن أن تؤدي إلى تدمير ما تبقى من اقتصاد لبنان، فيما سيلحق أضراراً جسيمة بالبنية التحتية الإسرائيلية، مما يؤدي إلى انكماش اقتصاد لبنان بنسبة 20- في المئة في الأقل، واقتصاد إسرائيل بنسبة 4.5- في المئة هذا العام”.
على رغم صعوبة توقع مقدار وفترة الزيادة في أسعار الطاقة، قدر التقرير ارتفاع أسعار النفط والغاز بنحو 40 في المئة خلال العام الحالي 2024، ليبلغ سعر النفط 120 دولاراً للبرميل، فضلاً عن الزيادة الكبيرة في كلفة الشحن والتأمين، مما سيسبب ضغوطاً تضخمية في فترة لا يزال معدل التضخم فيها أعلى من مستهدفاته. وسيتراجع معدل نمو التجارة العالمية إلى 0.8 في المئة فقط، نتيجة استمرار الهجمات على سفن الشحن، مما سيرفع معدل التضخم أيضاً.

بريطانيا تعزز قواتها:


واطلق الاتحاد الأوروبي (EU)، مهمته البحرية الخاصة بحماية السفن التجارية من هجمات جماعة الحوثيين في البحر الأحمر، في إطار الجهود الدولية لضمان حرية الملاحة في المنطقة وتأمين حركة السلع الأساسية إلى جميع أنحاء العالم.
وأفاد موقع (greek city times) اليوناني، أن الاتحاد الأوروبي سيطلق، في 19 فبراير، قوة عمل بحرية جديدة تحمل الاسم الرمزي (EUNAVFOR ASPIDES) والخاصة بـ”حماية سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر والمناطق المجاورة من هجمات المتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران”.
وأضاف الموقع أن العملية ستشمل في البداية مشاركة كل من فرنسا وإيطاليا وألمانيا واليونان، وربما دولاً أخرى ستشارك لاحقاً، وستكون اليونان مقراً للعملية، فيما ستتولى إيطاليا القيادة العسكرية لها.


وذكرت مصادر، أن سفناً من البحرية الفرنسية والألمانية واليونانية والإيطالية في عملية “أسبيدس” التي ستنطلق من قاعدة لاريسا الجوية في اليونان، ونقلت قناة “العربية” السعودية عن دبلوماسي أوروبي، قوله إن “هناك 3 سفن حربية من فرنسا وإيطاليا وألمانيا في طريقها الآن إلى البحر الأحمر”، للمشاركة في العملية العسكرية.
وأشار الموقع إلى أن العملية الأوروبية ستكون مهامها على عكس عملية “حارس الازدهار” التي تقودها الولايات المتحدة والتي تشن غارات جوية ضد أهداف الحوثيين، إذ ستكون عملية “أسبيدس” دفاعية بحتة، وتعتمد على مجموعة من السفن والطائرات لتوفير درع وقائي للسفن التجارية التي تعبر البحر الأحمر، “ويعكس هذا النهج رغبة الاتحاد الأوروبي في تهدئة الوضع مع ضمان المرور الآمن للبضائع عبر الممر المائي الحيوي”.
وكان مفوض السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي؛ جوزيب بوريل، أكد في وقت سابق أن ستكون دفاعية بطبيعتها، وستقتصر مهمتها على تأمين الطرق البحرية وحماية السفن التجارية فقط، وردع أي هجمات في البحر الأحمر، “ولن تكون جزءا من الهجمات ضد ‎الحوثيين”.
ورحب وزراء خارجية الدول السبع الصناعية، السبت، بالإطلاق المرتقب للمهمة الأوروبية “أسبيدس” والجهود المستمرة التي تبذلها عملية “حارس الازدهار” التي تقودها الولايات المتحدة الأمريكية وبمشاركة بريطانيا، لحماية ممرات الشحن الدولي الحيوية في البحر الأحمر وخليج عدن، وضمان حرية الملاحة في المنطقة وتأمين حركة الغذاء والوقود والمساعدات الإنسانية وغيرها من السلع الأساسية إلى مختلف الوجهات والسكان في جميع أنحاء العالم.

ماذا يعني القرار:


على عكس إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب، التي صنّفت الحوثيين “منظمة إرهابية أجنبية” (FTO) Foreign Terrorist Organizations، بموجب المادة 219 من قانون الهجرة والجنسية (INA)، قررت إدارة الرئيس جو بايدن تصنيفها على أنها “كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص” (SDGT) Specially Designated Global Terrorist group، وذلك في محاولة من البيت الأبيض لعدم عرقلة إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن بموجب العقوبات المفروضة على الحوثيين.
وفي بيان أعقب الإعلان عن العقوبات قبل نحو شهر، أوضح مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان أن التصنيف “أداة هامة لقطع تمويل جماعة الحوثي، وتقييد وصولهم إلى الأسواق المالية، ومحاسبتهم على أفعالهم”، مشيراً إلى وضع هذا التصنيف خصيصاً، لتفادي تأثر المدنيين اليمنيين بالقرار، مشيراً إلى أن الشعب اليمني “لا يجب أن يدفع ثمن أفعال الحوثيين”.
ويسمح تصنيف “كيان إرهابي عالمي محدد بشكل خاص” لحكومة الولايات المتحدة بتجميد أصول أفراد وكيانات تقدم الدعم أو المساعدة للكيان المصنف، بالإضافة إلى فروع ترتبط بها أو منظمات صورية أو شركاء.

عواقب التصنيف “كيان إرهابي”:


مع استثناءات محدودة منصوص عليها في الأمر التنفيذي بإنشاء التصنيف، يتم حظر جميع الممتلكات والمصالح في ممتلكات الأفراد أو الكيانات المدرجة في الولايات المتحدة، أو التي تقع داخل الولايات المتحدة، أو التي تقع في حوزة أو سيطرة أشخاص أميركيين.
يحظر أي معاملة أو تعامل من قبل أشخاص أميركيين أو داخل الولايات المتحدة في ممتلكات أو مصالح في الممتلكات المحظورة بموجب التصنيف، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر تقديم أو تلقي أي مساهمة من الأموال أو السلع أو الخدمات إلى أو لصالح الأفراد أو الكيانات المحددة بموجب الأمر.
تُحظر أي معاملة من قبل أي شخص أميركي أو داخل الولايات المتحدة تتهرب أو تتجنب أو تهدف إلى التهرب أو تجنب أو محاولة انتهاك أي من المحظورات الواردة بموجب التنصيف.
يجوز تقدير العقوبات المدنية والجنائية على الانتهاكات.
تعطيل الشبكات الإرهابية، وبالتالي قطع الوصول إلى الموارد المالية وغيرها من الموارد من المتعاطفين معها.
يشجع التصنيف الكيانات المعنية على الخروج من أعمال الإرهاب.
ما الفرق بين “كيان إرهابي عالمي” و”منظمة إرهابية أجنبية”؟

الحظر الجنائي:


بخلاف تصنيف “كيان إرهابي عالمي مصنف بشكل خاص” (SDGT)، يفرض تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية”، حظراً جنائياً على تعمد تقديم “دعم مادي” أو موارد إلى المنظمة الخاضعة للتصنيف، بحسب “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” (fdd.org) وهي مؤسسة أميركية فكرية.
وتصل العقوبة الجنائية لتقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية إلى “السجن مدى الحياة”، فيما تصل العقوبة لتصنيف “مجموعة إرهابية عالمية محددة” إلى “السجن 20 عاماً”. ويخضع المخالفون في إطار كلا التصنيفين “لغرامات مدنية ومصادرة ممتلكات”.

التعويضات:


ويحظر تصنيف مجموعة على أنها منظمة إرهابية أجنبية (FTO) على الأميركيين والأشخاص والمؤسسات الخاضعة للولاية القضائية الأميركية تقديم “دعم مادي”، كما يتيح للضحايا إمكانية “رفع دعاوى قضائية للحصول على تعويضات عن الأضرار المدنية الناشئة عن تقديم دعم مادي لمنظمة إرهابية”.
وفي حالة تصنيف منظمة على أنها “مجموعة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص”، لا يُسمح للضحايا رفع دعاوى قضائية للحصول على تعويضات عن الأضرار، وتشمل العقوبات “استهداف أي مؤسسة مالية ترتبط بالنظام المالي الأميركي”.
ويسمح للحكومة الأميركية “بتجميد الأصول، وفرض عقوبات مالية على كيانات في نطاق الولاية القضائية للولايات المتحدة فقط”، كما يحظر إصدار التأشيرات، والدخول إلى الولايات المتحدة.

معايير الإدانة:

وفيما يتعلّق بحدود القانون أو العتبة القانونية للملاحقة الجنائية لتقديم الدعم المادي لـ”منظمة إرهابية”، تتطلّب الإدانة “دليلاً على أن المخالفين كانوا على علم بأنهم يقدمون الدعم لمنظمة تشارك في أنشطة إرهابية”.
في المقابل، لا يحظر تصنيف “مجموعة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص” إصدار التأشيرات، والدخول إلى الولايات المتحدة، وتتطلب الإدانة دليلاً على أن شخصاً أميركياً “تعمد” تقديم الدعم لمنظمة إرهابية، وهو ما يشترط “معايير أعلى من الأدلة”.

الولاية القضائية:

يتجاوز تطبيق تصنيف “منظمة إرهابية أجنبية” الحدود الإقليمية، إذ ينص بشكل صريح على أنه “قابل للتطبيق في أي مكان على أي شخص”.
أما في حالة تصنيف “مجموعة إرهابية عالمية مصنفة بشكل خاص”، لم يذكر التصنيف صراحة أنه قابل للتطبيق فقط على الأشخاص الأميركيين أو أي شخص يتسبب في انتهاك شخص أميركي للعقوبات المفروضة على “مجموعة إرهابية عالمية محددة بشكل خاص”.

Exit mobile version