ابن مبارك يلجأ لإرشيف معين.. البحث عن حلول لكهرباء عدن في اللحظات الأخيرة

على بعد شهرين من حلول فصل الصيف، يكثف رئيس الوزراء الجديد أحمد عوض بن مبارك من جهوده ومحاولاته لمعالجة ملف الكهرباء بالعاصمة عدن المُثقل بالأزمات المعقدة وما يقابله من خيارات صعبة وامكانيات حكومية محدودة.

تحركات دشنها ابن مبارك الأسبوع الماضي، بلقاء مع وزير الكهرباء والطاقة مانع بن يمين، للاطلاع “على وضع المنظومة الكهربائية بالعاصمة عدن وبقية المحافظات في الوقت الراهن والتحديات التي تواجهها، والمعالجات المقترحة” بحسب الخبر الرسمي من وكالة “سبأ”.

وفي حين أكد ابن مبارك بأن “حل مشكلة الكهرباء من أولويات الحكومة”، يكتفي الخبر الرسمي إلى أن الاجتماع ناقش “مساري المعالجات الطارئة والتوجهات الاستراتيجية في قطاع الكهرباء وفق نهج يحقق الكفاءة في الإنتاج والتوزيع”.

المعالجات الطارئة كشفت عنها تحركات رئيس الوزراء عقب الاجتماع، بزيارته الميدانية يوم السبت الماضي إلى محطة الرئيس (بترومسيلة) والتي تعد اكبر محطات توليد الكهرباء بالعاصمة عدن بقوة 264 ميجاوات الا أنها تعمل منذ نحو عامين بشكل جزئي 90 ميجاوات فقط، بسبب عدم انجاز مشروع تصريف الطاقة الكهربائية.

إلا أن الخبر الرسمي المنشور عن الزيارة، أشار إلى أن رئيس الوزراء اطلع على “سير انجاز مشروع تصريف الطاقة الكهربائية والمتوقع الانتهاء منه في مارس القادم، وكذا خطط تشغيل المحطة بكامل طاقتها الإنتاجية، والاستعدادات الجارية للصيف القادم”.

وعلى الرغم من أهمية إنجاز المشروع ودخول المحطة بكامل قوتها، الا أن بقاءها تعمل بوقود النفط الخام سيشكل تحدياً كبيراً امام الحكومة بتوفير ما تحتاج له المحطة بشكل يومي من حقول الإنتاج في شبوة.

حيث يتم حالياً تزويد المحطة براً عبر الناقلات منذ استهداف مليشيات الحوثي لموانئ تصدير النفط ووقف عملية التصدير، كما ان المليشيات منعت ايضاً نقل خام النفط من ميناء النشيمة بشبوة عبر إحدى السفن إلى محطة بترومسيلة في عدن.

وبحسب مختصين فإن المحطة التي تعمل بشكل جزئي تستهلك نحو 2500 برميل نفط خفيف وتحتاج من 8-10 ناقلات وقود يومياً، وفي حالة تشغيلها بكامل طاقتها فإنها تحتاج إلى 10 آلاف برميل يومياً أي ما لا يقل عن 30 ناقلة يومياً.

وهو رقم كبير في ظل التحديات المالية التي تواجهها الحكومة، بالإضافة إلى وجود تحديات أمنية، حيث سبق وان تعرضت ناقلات الوقود الخاصة بالمحطة إلى الاحتجاز أكثر من مرة في أبين جراء حدوث قطع للطريق من قبل مجاميع قبلية وعسكرية لأسباب مختلفة.

ويؤكد المختصون بان الحل الأمثل هو ان تعمل الحكومة على تشغيل المحطة بوقود الغاز الطبيعي الأرخص، وان تسعى مع الجانب السعودي للإيفاء بالوعود التي أعلنت عنها الرياض عقب تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في ابريل من عام 2022م، حيث أعلنت حينها عن حزمة من المشاريع للعاصمة عدن من بينها انشاء منظومة الغاز لتوليد الكهرباء.

مشيرين إلى ان تحويل المحطة للعمل بوقود الغاز يمكن ان يفتح المجال لمشروع أكثر أهمية، وهو تعزيز طاقة المحطة عبر تنفيذ ما تسمى بـ”الدورة المركبة” بإضافة توربين بخاري يستغل طاقة حرق الغاز في توليد الكهرباء، ما يعني توليد 200 ميجاوات إضافية وبنفس كمية الغاز المستخدمة.

خطوة يراها المختصون دفعة قوية في التخلص من الاعتماد على وقود الديزل الأعلى كلفة، حيث ان انشاء منظومة الغاز ستستفيد منه ايضاً المحطة القطرية (60 ميجاوات) والتي تم نقل توربينها للصيانة في هولندا بسبب الضرر الذي لحق به جراء تشغيله بوقود ديزل رديئ، ومن المتوقع عودته إلى المحطة في مارس القادم.

معضلة الوقود، ترتبط بالخطوة الأخرى التي قام بها ابن مبارك في سياق جهود حل ملف الكهرباء، حيث أصدر أول من أمس قراراً بتشكيل لجنة مناقصات شراء وقود محطات توليد الكهرباء، وتحديد مهامها، الا أن القرار يظل حبراً على ورق في ظل العجز المالي لدى الحكومة عن شراء أي كميات وقود لمحطات التوليد منذ انتهاء المنحة المقدمة من دولة الامارات في نوفمبر الماضي.

وهو ما أدى إلى توقف أغلب المحطات العاملة بوقود الديزل والمازوت في عدن والمحافظات المجاورة، في حين تقول مصادر عاملة في مؤسسة الكهرباء بان الحكومة تلقت وعوداً من الجانب الاماراتي بإرسال منحة جديدة من وقود الديزل والمازوت، ومن المتوقع ان تصل إلى عدن خلال هذا الأسبوع.

اما أحدث خيارات الرجل، فكان قرار الاجتماع الذي ترأسه أمس الاثنين وضم محافظ عدن والبنك المركزي ووزراء الكهرباء والمالية والشئون القانونية، “لمناقشة الخطط المعدة لإيجاد بدائل لزيادة الطاقة التوليدية للكهرباء استعدادا للصيف القادم، وتخفيف معاناة المواطنين”.

وبحسب ما نشرته وكالة “سبأ” فقد وجه ابن مبارك، الوزراء المعنيين بدعوة الشركة المتعاقد معها لتوفير باخرة عائمة لتوليد الطاقة بقدرة 100 ميغاوات لتعزيز الكهرباء في العاصمة عدن، لمناقشة جوانب تنفيذ الاتفاق والعوائق القائمة، والرفع بالمقترحات اللازمة لاعتمادها.

الحديث عن باخرة عائمة هو قرار سبق وان اتخذه رئيس الوزراء السابق معين عبدالملك عام 2021م وعبر شركة تدعى “بريزم Prism”، الا أنه لاقى اعتراضات شديدة من قبل مسئولين وعلى رأسهم وزير المالية سالم بن بريك لمرتين وفي وثائق رسمية تم نشرها بعد ان تم إثارة الأمر والكشف عنه.

وكان أهم اعتراض لوزير المالية وأضاف هو ما اعتبره بأنه “سعر مرتفع لشراء الطاقة من الشركة وهو 4.25 سنت أمريكي لكل كيلووات/ساعة ولمدة 3 أعوام”، مؤكداً بأن هذا السعر يعد “بزيادة كبيرة عن الأسعار التي تمت الموافقة عليها في مشاريع أخرى مماثلة”.

مشروع أو “صفقة” كما تم تسميتها لاحقا، جرت محاولات تسويقها على أنها حلٌ اقل تكلفة من تكلفة الطاقة المشتراة بوقود الديزل والتي تصل إلى نحو 350 ريالاً للكيلوالوات الواحد باعتراف حكومي، الا انه اتضح لاحقاً عدم صحة هذه المزاعم.

فوزير المالية اشار حينها بان من أسباب اعتراضه على العقد هو انه لم يوضح ما اذا كانت تكلفة الوقود ضمن السعر المشار اليه، وهو ما يعني بان السعر لا يشمل الوقود الذي تعمل عليه المحطة وهو وقود المازوت، ما يجعل من تكلفة الكيلووات الواحد على الحكومة في هذا المشروع تصل إلى نحو 250 ريالاً.

وهو ما يثير الاستغراب حالياً من عودة ابن مبارك للحديث عن نفس المشروع مع غياب تام لأي تفاصيل حوله، وما اذا كان مختلفاً عن مشروع سلفه معين، ام انه هو ذاته، وانه ماضٍ أيضا على خطاه في ملف الكهرباء بالبحث عن حلول ترقيعية وفي اللحظات الأخيرة.

Exit mobile version