الأمراض المُعدية تنهش شمال اليمن والمليشيات تواصل تدمير المنظومة الصحية (تفاصيل)
دفتيريا وحصبة وشلل أطفال.. أوبئة تفتك بالسكان في صنعاء ومناطق الحوثي
أوبئة عديدة تفتك بأطفال اليمن في صنعاء والمناطق الواقعة تحت سيطرة مليشيات الحوثي، في ظل تدمير ممنهج للمنظومة الصحية.
ويأتي الانتشار الواسع للأوبئة في ظل سياسة مليشيات الحوثي في تدمير القطاع الصحي، بعد أن نهبت مخصصات تمويلات برامج التحصين ومكافحة الأوبئة، ومنعت لقاحات الأطفال في مناطق سيطرتها، وذلك لإغراق البلاد بالأوبئة وتعميق معاناة المواطنين.
شمال اليمن الأكثر تضرراً:
وتعد مناطق شمال اليمن الأكثر تأثرا بالأمراض المُعدية خاصة الدفتيريا والحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال، وهو ما ينذر بكارثة إنسانية وصحية جديدة.
وخلال الثلاث السنوات الماضية، عاودت تلك الأمراض الانتشار في مناطق واسعة خاصة بشمال اليمن، بعد أن كانت شبه منعدمة.
ووفقا للأمم المتحدة فإن عدد الحالات المصابة بوباء الحصبة وحالات الاشتباه خلال العام الماضي في اليمن بلغت أكثر من 25,935 حالة، بينها أكثر من 259 حالة وفاة في مختلف مناطق البلاد.
فيما ذكر تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية، أن هناك زيادة ملحوظة في عدد حالات مرض الدفتيريا (الخُناق) خلال العام الماضي 2023، إذ ارتفعت بنسبة 57% مما كانت عليه في عام 2022.
وأكدت المنظمة الأممية، أنه تم الإبلاغ عن 1,671 حالة اشتباه إصابتها بالخُناق في اليمن، بينها 109 حالات وفاة، مقارنة بـ 1,283 حالة تم الإبلاغ عنها في عام 2022.
ومرض الدفتيريا أو الخُناق هو عدوى تسببها بكتيريا الخُنَّاق الوتدية. تتراوح العلامات والأعراض من خفيفة إلى شديدة وغالباً ما تظهر تدريجياً.
الحوثي يمنع اللقاحات:
وقال ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن الدكتور أرتورو بيسيغان، إنه من المتوقع أن تستمر حالات الإصابة بوباء الدفتيريا في العام الجاري 2024، مؤكدا أن هناك انخفاضا كبيرا في معدلات التحصين.
وأضاف أن نقص التمويل وانعدام الوصول لعدد كبير من اليمنيين سيؤثر سلباً على صحة وحياة الأشخاص الأكثر ضعفاً في اليمن، مع وصول نسبة الأطفال غير المحصنين أو الذين لم يتم تطعيمهم بأي جرعة لقاحات إلى 28%.
وسبق أن حذرت الأمم المتحدة من عودة تفشي الأوبئة في اليمن، حيث أكدت أن تطعيم الأطفال تراجع في المحافظات التي تسيطر عليها مليشيات الحوثي، وتوقفت حملات التطعيم والتوعية في المراكز الصحية بتلك المحافظات.
وبحسب الأمم المتحدة فإن توقف حملات التطعيم في مناطق المليشيات، يعد السبب الرئيسي لانتشار مرض الحصبة وأمراض أخرى يمكن الوقاية منها باللقاحات، إضافة إلى حملات التضليل الحوثية المكثفة ضد مأمونية اللقاحات.
عودة أمراض الطفولة القاتلة:
ويقول مدير إدارة الترصد الوبائي بفرع مكتب وزارة الصحة اليمنية بمحافظة تعز، الدكتور ياسين عبدالملك لـ”العين الإخبارية”، إن بعض الأمراض القديمة عادت للانتشار مجددا بسبب حرب الحوثي والإجراءات الظالمة بحق أطفال اليمن ومنع اللقاحات.
وأضاف الدكتور عبدالملك أن من هذه الأمراض “الدفتيريا والحصبة والحصبة الألمانية وشلل الأطفال، والكوليرا”.
كما أدت الحرب الحوثية إلى خروج الكهرباء عن الخدمة والتي كانت تعمل على تشغيل الثلاجات الحافظة للقاحات في غالبية المحافظات اليمنية.
وخلال سنوات الحرب -وفق ياسين- فإنه تم تزويد العديد من المحافظات بسلسلة التبريد لهذه اللقاحات، لكن وبسبب منع لقاحات الأطفال في مناطق الشمال من قبل الحوثيين خلال الثلاث السنوات الأخيرة تسبب بعودة ظهور وانتشار هذه الأوبئة.
وأشار إلى أنه ظهرت حالات إيجابية ومؤكدة بإصابة العديد من الأطفال بأمراض الدفتيريا والحصبة، وكذلك شلل الأطفال.
وأكد أن الشائعات التي انتشرت حول مأمونية اللقاحات، والتي نشرتها المليشيات ومنعت استخدام اللقاحات في مناطق سيطرتها، تعد أبرز وأكبر مشكلة واجهها القطاع الصحي وبرامج مكافحة الأوبئة في اليمن.
وأوضح أن تلك الرسائل الكاذبة حول اللقاحات، عارية من الصحة، على الرغم من تأثيرها بشكل واسع في المجتمع خاصة المناطق النائية، حيث تسببت بعزوف كثير من أولياء الأمور عن تطعيم أطفالهم.
تفشّي فيروس شلل الأطفال:
على الرغم أن اليمن بدأ في عملية تطعيم الأطفال بشكل منتظم منذ عام 1996، دون تسجيل أي مخاطر لهذه اللقاحات، وذلك قبل أن يتم الإعلان عن خلو اليمن من فيروس شلل الأطفال منذ عام 2006.
يشار إلى أن بداية عودة ظهور هذا الفيروس باليمن كانت في العام 2020 عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن تفشٍّ جديد لفيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاح (cVDPV1)، وتم تسجيل نحو 15حالة مصابة بالفيروس آنذاك في محافظة صعدة معقل زعيم الحوثيين.
وفي السياق ذاته، قالت منظمة الصحة العالمية في تقرير حديث لها، إنه تم تسجيل 237 حالة من فيروس شلل الأطفال المشتق من النوع 2 – من كل من فيروس شلل الأطفال الدائر المشتق من اللقاحات من النوع 2 (cVDPV2) وفيروس شلل الأطفال المشتق من اللقاح من النوع 2 (VDPV2)، وذلك منذ 2021 وحتى العام الماضي.
وأشارت المنظمة إلى أنه وطالما أن هناك طفلًا واحدًا مصابًا بشلل الأطفال، فإن جميع الأطفال غير المطعمين معرضون لخطر الإصابة بالمرض.
وخلال الفترة الماضية نفذت وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية أنشطة التحصين ضد شلل الأطفال كجزء من حملة التحصين الوطنية التي مولتها المبادرة العالمية لاستئصال شلل الأطفال وبدعم من منظمة الصحة العالمية ومنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، ووصلت الحملة إلى 1.29 مليون طفل معرض للخطر في 12 محافظة يمنية.