أخبار العالماخبار الشرعيهاخبار المقاومةالإقتصاد والمالالحوثي جماعة ارهابيةالرئيسيةتقاريرمحلياتملفات خاصة

عيد العمال في اليمن.. ذكرى الوجع وتنهيدة قهر تشق عنان السماء

يمن الغد/ تقرير- خاص

عيد العمال.. حلت هذه المناسبة على اليمن، وكل عام منذ عشرة أعوام، لتنكي جراحه المثخنة بالبطالة والفقر والأزمات، فجميع اليمنيين يئنون تحت صخور القهر، وحرارة الفقر، ولهيب الآلام والأوجاع.

ذكرى مؤلمة:

لم يعد الأول من مايو مناسبة لاحتفال عمال اليمن بعيدهم العالمي بل أصبح ذكرى مؤلمة تعكس كيف تم تضييع وإهدار طاقات الطبقة المنتجة في المجتمع اليمني وتحويلها الى عناصر خاملة تفترش رصيف الفقر والبطالة دون حول ولا قوة.
يشير المحلل السياسي خالد بن طالب في سياق حديثه لـ”يمن الغد”، بأن عيد العمال يأتي وعمال المهن في اليمن مكتظين في جولات المدن المختلفة بحثا عن فرصة عمل لطالما حلموا بها.
وقال: لا يمثل هذا اليوم أي طابع مختلف لدى عمال الأجر اليومي، فعندما تقابلك طوابير البطالة وتنظر بعيون العمال العاطلين ستعلم بأن الجميع لا يعلم عن أهمية هذا اليوم أو ماذا يمثل لهم، لقد أجبرت لقمة العيش كافة المواطنين على التغافل حتى عن مناسباتهم، لا مجال سوى الركض خلف قوت اليوم الذي بات بعيد المنال لدى الكثير.
يقول سفير اليمن الأسبق في سوريا د. عبدالوهاب طواف: يأتي عيد العمال واليمن بلا عمل ولا عمال، مشيرا في مقال له بالمناسبة إلى أنه في زمن الدولة كان عيد العمال مناسبة وطنية سعيدة في اليمن، يحتفل به كل أفراد الشعب اليمني، وكان فرصة لتكريم العمال وتحفيزهم بالعلاوات والهدايا والشهادات التقديرية.

فقدان الوظائف:

80 من العمال فقدوا وظائفهم أي ما يعادل أكثر من 10 ملايين ونصف المليون عامل بفعل الحرب التي أشعلتها مليشيات الحوثي الإرهابية في 21 من سبتمبر عام 2014.
كما تم تسريح ما نسبته 70 بالمائة من العمال لدى شركات القطاع الخاص الذي لجأ إلى الهروب إلى الخارج وفق معلومات صادرة عن الأمم المتحدة العام الماضي.
فقدان العمال لأعمالهم ووصول الكثير منهم الى حالة الفقر المدقع جعلهم عرضة للتغرير ومضطرين الى الانخراط في الجماعات المسلحة من أجل تأمين أقوات أسرهم، وهو ما تستغله مليشيات الحوثي في الزج بالكثير من المقاتلين الى جبهاتها المنهارة ليتم حرف أيدي العمال عن مسارها الصحيح من أداة مساهمة في بناء وتنمية الوطن إلى معول هدم ويدها على الزناد.
يرى مراقبون أن انحسار طبقة العمال الذين يمثلون الطبقة المتوسطة في المجتمع سيؤدي الى الإخلال بتوازن النظام الاجتماعي ويسهم في تمييز المجتمع الى طبقة أشد فقرا وأخرى أشد ثراء ما قد ينذر بحدوث ثورة جياع لن تستطيع القبضة الحديدية للمليشات ولا المنتفعون من الحرب في الطرف المقابل الوقوف أمامها.

مطرقة المليشيا وسندان الحكومة:

للعام العاشر على التوالي والعمال في خانة البطالة والإهمال واقعين بين مطرقة المليشيات الحوثية التي تسببت في انعدام الكثير من فرص العمل في المناطق الخاضعة لسيطرتها وبين سندان غياب الدور الحكومي والمسؤولية الملقاة على عاتقه في توفير الأمن وخلق فرص للعمل في المناطق التي تم تطهيرها من مليشيات الموت ليقاسي العامل اليمني الأمرّين دون ظهور بوادر ومعالجات تساهم في التخفيف من معاناتهم.
ويعاني نحو ثلثي إجمالي تعداد سكان البلاد البالغ 30 مليون نسمة من الجوع، ومن بين هؤلاء، يحتاج 14.4 مليون يمني إلى مساعدات غذائية فورية للبقاء على قيد الحياة؛ و 10 ملايين بحاجة إلى مساعدة غذائية بشكل حاد، وفقا لتقارير دولية.
الباحث الاقتصادي اليمني فارس النجار في حديث له يفسر تأثيرات التغيرات الاقتصادية على المعيشية في اليمن قائلاً. يعيش الاقتصادي اليمني في حالة انهيار متواصلة بين كلا الطرفين، ومع كل انهيار يعصف العوز بالمواطنين الذين باتوا حديث المحافل الدولية في الحديث لكنهم في الواقع أشد فقرًا.
ويفيد النجار بأن حالة الانقسام النقدي وحدها من أكبر الكوارث على الحياة المعيشية بات المواطن يدفع التكلفة أضعاف في ظل فوارق الصرف وانعدام فرص العمل وتدهور المعيشة.

ضياع العمر:

غلاء الأسعار وغياب السيولة النقدية خاصة في مناطق الحوثيين يزيد الوضع المتأزم تعقيدا . وفي كل هذه الفوضى هناك حلول سلامًا شامل وإعادة صورة الدولة أو عسكريا وإنهاء حالة التمرد” وفقا لخبراء اقتصاد وسياسة.
تقول سمية الذماري أحد المعلمات في مدرسة أهلية بصنعاء لـ”يمن الغد”: أنها اصبحت تعمل مع التجار لبيع منتجاتهم كالملابس والبخور والعطور أيام العطل كون الراتب ينقطع بعد انقضاء الموسم الدراسي.
فيما يقول فؤاد القادري (49 عاما)، أحد المعلمين في مدينة إب الواقعة تحت سيطرة الحوثيين،”، إن معاناته مع انقطاع الرواتب تزداد يوما بعد آخر، حيث أصبح يمارس العديد من المهن بالأجر اليومي والذي كما يصفها بـ”الشاقة”.
ويضيف القادري لـ”يمن الغد”: أنه لجأ لتعلم مهن السباكة، والتلييس، والبناء، بعد أن فقد مصدر دخله الوحيد “الراتب”، وبعد أن أجبرته الظروف المعيشية للقيام بتلك الأعمال.
ويشير إلى أنه خلال السنوات الأخيرة تراجعت الأعمال اليومية، ولم يعد يستطيع توفير متطلبات الحياة الأساسية من مواد الغذاء وغيرها.
الموظف في مناطق الحكومة اليمنية ليس أفضل حالا من موظفي مناطق الشمال، في ظل تدهور العملة الوطنية وتآكل قيمة المرتبات فيها، إذ أصبح راتب الموظف لا يكفي لتوفير أدنى احتياجات الحياة اليومية.
في هذا السياق، في مدينة تعز اليمنية، يقول معلم إن الراتب الذي يتقاضاه لا يتجاوز الـ82 ألف ريال يمني (50 دولار أمريكي)، وأنه لا يكفي لإيجار الشقة التي يسكن فيها مع أسرته بالمدينة.

الاهتمام المطلوب:

في السياق، أعرب رئيس مجلس الوزراء اليمني أحمد بن مبارك عن أمله في أن تشهد الفترة القادمة حلولا للمشاكل والصعوبات التي يعاني منها العمال في حياتهم، وأن تستطيع الحكومة إيلاء المطالب العمالية الاهتمام المطلوب وفق الإمكانات المتاحة، وتخفيف معاناتهم جراء حرب مليشيات الحوثي الإرهابية المستمرة ضد الشعب اليمني .
وفيما هنأ بن مبارك جميع العمال في اليمن من النساء والرجال العاملين في القطاع العام والخاص، بمناسبة عيد العمال العالمي الذي يصادف الأول من مايو/آيار، أكد أن عمال اليمن أثبتوا صمودا وصلابة وأظهروا تحدياً للمصاعب وتفاؤلاً وإيماناً بمستقبل الوطن رغم الظروف الصعبة والاستثنائية الراهنة.
كما أكد أن “عمال اليمن برهنوا خلال الحرب التي يتعرض لها الوطن على أنهم سيكونون دائماً من عوامل قوة البلد، وكل التخريب والتدمير الذي أحدثته مليشيات الحوثي في البنى التحتية والمصانع والشركات التي بنيت بطاقات وسواعد أبناء اليمن بكل شرائحه لن تثنيهم عن مواصلة أداء واجبهم الوطني كل في موقعه الوظيفي، رغم استشهاد الآلاف منهم في مختلف القطاعات على يد هذه المليشيات”.

زر الذهاب إلى الأعلى