وقعت قبائل الصبيحة ميثاق شرف لإنهاء الثارات بهدف قطع الطريق أمام مخططات الفتنة.
وشكل توقيع قبائل الصبيحة على ميثاق شرف قبلي لإنهاء الثارات نقلة حاسمة لقطع الطريق أمام أي تحركات لضرب الجبهة الداخلية جنوب اليمن.
فقبائل الصبيحة المنتشرة على جغرافية استراتيجية تنحدر من التلال الجبلية إلى الشريط الساحلي الرابط بين مضيق باب المندب وعدن، عانت طويلا من ملف الثارات الذي غذّاه الاستقطاب السياسي لهذه القبائل التي تعد اليوم عمودا رئيسيا في القوات العسكرية تحت مظلة الشرعية.
كما استغل الحوثيون ملف الثارات في الصبيحة كثغرة أمنية لتغذية حرب الطرقات وأنشطة التهريب التي تنفذها خلايا إرهابية، وهي قضايا استثمرت إعلاميا في الأعوام الأخيرة لمهاجمة القوات الجنوبية وإحداث شرخ مجتمعي وقبلي وتسميم الأجواء السياسية التوافقية.
وعلى إثره، أطلقت قوات العمالقة الجنوبية حملة أمنية وعسكرية لتأمين بوابة عدن الشمالية قبل عام، فيما أعادت قوات درع الوطن مؤخرا انتشارها على امتداد حدود الصبيحة المتاخمة لتعز من طور الباحة إلى قرب كرش لمواجهة مليشيات الحوثي.
ولمؤازرة تلك الجهود المدعومة من مجلس القيادة الرئاسي، قاد مشايخ وشخصيات ووجهاء وقيادات عسكرية وأمنية مهمة توحيد قبائل الصبيحة، التي توجت بتوقيع وثيقة شرف بين جميع القبائل التي تستوطن 3 مديريات وهي المضاربة ورأس العارة، وطور الباحة، وأجزاء من مديرية القبيطة تحديدا في منطقة كرش ومحيطها.
وتعد قبائل الصبيحة في محافظة لحج من أشرس القبائل المقاتلة في جنوب اليمن، واشتهرت بقدرتها القتالية الصلبة كما أنها رمانة ميزان الجنوب في معارك التصدي لمليشيات الحوثي، حيث انخرط أبناؤها في مختلف القوات العسكرية التي أكبرها العمالقة ودرع الوطن.
وبحضور كبار المسؤولين في الحكومة المعترف بها دوليا، توصلت قبائل الصبيحة لوثيقة تاريخية لإنهاء الثارات وإسناد الحملة الأمنية المشتركة لقوات العمالقة ودرع الوطن.
وأتى ذلك كثمرة لجهود قبلية وسياسية جرت تحت إشراف القادة العسكريين المنحدرين من الصبيحة على رأسهم العميد حمدي شكري والعميد بشير المضربي والفريق محمود الصبيحي.
وتعهد زعماء وشيوخ قبائل الصبيحة خلال توقيع ميثاق الشرف على إنهاء ظاهرة الثارات القبلية بين كل القبائل، واعتبار أي شخص يرتكب جريمة ضد شخص قضية يتحمل مسؤوليتها لوحده، ولا دخل لقبائل الصبيحة بها، فضلا عن عدم التستر على القاتل أو حمايته.
وكشفت مصادر قبلية حضرت الاجتماعات التي عقدت بشكل منفصل في مديريتي المضاربة ورأس العارة وطور الباحة، أنه سيجري تشكيل لجنة لمعالجة قضايا الثأر بين قبائل الصبيحة، وسيكون ميثاق الشرف الموقع مرجعا لكل القبائل في علاقاتها الاجتماعية.
ويقضي الميثاق المؤلف من 11 بندا بعدم “إيواء أو التستر على أي مرتكب لجرائم جسيمة، كالقتل والتقطعات والسلب أو النهب، أو ممارسة أية أعمال تخل بالأمن والاستقرار في مناطق الصبيحة، في خطوة تحدث لأول مرة ومن شأنها قطع الطريق أمام أي اختراقات حوثية لهذه البنية الاجتماعية المتماسكة.
وأجمع القادة العسكريون والمدنيون والأمنيون والسياسيون على أهمية “تعزيز الجبهة الداخلية في مواجهة الحوثي والانتصار للمنطقة والحفاظ على التضحيات والمواقف التي اتخذتها قبائل الصبيحة منذ فجر الثورة.
وأكد قائد قوات درع الوطن العميد بشير الصبيحي، أهمية “توحيد الصف، ونبذ التفرقة، وتعزيز التقارب بين جميع أبناء الصبيحة والعمل على بذل كافة الجهود لإنهاء ظاهرة الثأر ومعالجتها”، وكذلك إنهاء أي مظاهر سلبية داخلية.
وشدد القائد العسكري على “ضرورة التصدي لمخططات الحوثي عبر الخلايا النائمة التي لا توجد فقط في بعض مناطق الصبيحة، وإنما في جميع المحافظات المحررة، حيث لا بد من رصدها وضبطها من قبل شرفاء الوطن”، لافتا إلى أن ذلك يبدأ بتوحيد ونبذ الخلافات والثارات بمناطق الصبيحة.
ما قاله الصبيحي أكده قائد اللواء الثاني عمالقة العميد حمدي شكري بأن “بلاد الصبيحة مستهدفة من قبل مليشيات الحوثي، إثر موقعها الجغرافي، ما يوجب على الكل تحمل المسؤولية”، في “الدفاع والحفاظ على أمن واستقرار المنطقة”.
وأشار إلى أن إنهاء ظاهرة الثأر بإجماع رجال ومشايخ ووجهاء قبائل الصبيحة، يعد انتصارا مهما على “على العدو الحوثي المتربص بهم وبمناطق الوطن، الذي يبذل جهودا كبيرة في استحداث الفتن لشق النسيج الاجتماعي”.
في السياق ذاته، شدد مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الدفاع والأمن الفريق الركن محمود الصبيحي، على أهمية الوثيقة التاريخية ودعم الحملة الأمنية، والسلطة المحلية للحفاظ على السكينة العامة، وتعزيز الأمن والاستقرار، وجهود التنمية في مناطق الصبيحة.
وأشاد الصبيحي، وهو وزير الدفاع اليمني الأسبق الذي أطلق سراحه الحوثيون العام الماضي، بنضال قبائل الصبيحة وتاريخهم العريق، ودورهم الوطني المشرف وتضحياتهم الجسيمة للتصدي لمشروع المليشيات الحوثية الإرهابية.