فوضى مصرفية عارمة وغياب للرقابة وانتشار واسع للعملات المزيفة “ماذا يحدث في صنعاء؟”

تشهد العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، انتشارًا لعملات أجنبية مزورة أربكت التداولات النقدية، وألحقت خسائر مادية لدى المواطنين، في ظل أزمة اقتصادية خانقة.
وبحسب مصادر مصرفية في صنعاء، ضُبطت عملات مزيفة باحترافية كبيرة، من فئتي 100 دولار أمريكي و500 ريال سعودي، في السوق المصرفية بالمدينة خلال الأسابيع الماضية.
وقالت المصادر، إن “حالة الفوضى التي يعيشها القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الحوثيين، وغياب الرقابة الفاعلة، في ظل تنازع الصلاحيات بين وزارة المالية في حكومة الحوثيين والبنك المركزي بصنعاء، وندرة وجود أجهزة الفحص الإلكترونية، إضافة إلى قلة وعي المجتمع، كلها عوامل تسهم بشكل كبير في توسع رقعة انتشار العملات الأجنبية المزيفة، التي باتت تستنزف مدخرات المواطنين دون أدنى تعويض”.
وأشارت إلى أن الميليشيا وسلطاتها المعنية، تتعامل بقصور مع أزمة العملات المزورة، وتعتقل المواطنين الضحايا لعمليات التزوير.
ويواجه اليمن عامة، انخفاضًا في احتياطي النقد الأجنبي، في ظل توقف صادراته من النفط الخام، توازيًا مع أزمة سيولة نقدية تعيشها المناطق الخاضعة لسيطرة ميليشيا الحوثي، شمالي البلاد.
ويقول الباحث الاقتصادي معتصم الشبوطي، إن “الكثير من الدول تعاني مشكلة تزوير العملات المحلية أو الأجنبية، لكن في البلدان النامية تصبح عمليات التزوير أسهل، بسبب الأوضاع الأمنية وضعف الجهات الرقابية”.
وأشار الشبوطي في حديث لـ”إرم نيوز”، إلى أن “تزوير العملات في مناطق سيطرة الحوثيين، خاصة في صنعاء، اختيار مدروس من هذه العصابات التي أخذت أكبر عملة ورقية من بين العملات التي لجأ إليها الكثير من الناس مؤخراً، بسبب حالة التضخّم”.
وذكر الشبوطي، أن “هناك أضرارًا كبيرة لانتشار هذه العملات المزيفة، سواء على المدى القريب أو البعيد، وذلك من خلال مساعدتها على انتشار الجريمة، وهي مصدر تمويلي للعمليات غير القانونية من إرهاب وتجارة مخدرات والاتجار بالبشر وغيرها”.
وأضاف أن “العملات المزورة، تعمّق المشكلات الاجتماعية، وتضعف الثقة بالمعاملات اليومية بين الناس، وتؤدي من جهة أخرى إلى ارتفاع مستوى الجريمة، نتيجة الخلافات التي تنشأ عقب المعاملات”.
ويرى الشبوطي، أنه يجب حلّ المشكلة الأمنية بالمقام الأول، لتفادي كل هذه الأضرار.
ونجحت الحكومة اليمنية وميليشيا الحوثي، أواخر يوليو/ تموز الماضي، في التوصل إلى اتفاق ترعاه الأمم المتحدة لوقف التطورات الأخيرة المتعلقة بالجانب المصرفي والاقتصادي، بعد تصعيد متبادل بلغ ذروته مع إجراءات عقابية فرضها البنك المركزي اليمني المعترف به دوليًا في عدن.
وكان البنك المركز، أوقف نشاط 6 من البنوك التي رفضت نقل مقراتها الرئيسة من صنعاء إلى عدن، الخاضعة لسيطرة الحكومة الشرعية.
ولا يستبعد المحلل الاقتصادي ماجد الداعري، أن “تكون ميليشيا الحوثي متورطة في عمليات تزوير العملات الأجنبية التي تجري في صنعاء، عبر مافيات تابعة لها تستغل أي فرصة لتحقيق الربح غير المشروع من خلال حيل تبتز بها المواطنين، للاستيلاء على مدخراتهم من العملة الصعبة”.
وقال الداعري لـ”إرم نيوز”، إن “العملات المزيفة ظهرت أكثر من مرة في مناطق مختلفة من اليمن، لكن ظهورها المفاجئ في مناطق سيطرة ميليشيا الحوثي جاء في ظل تراخيها عن محاربتها، وفي الوقت الذي يكثر فيه الحديث عن تسويات اقتصادية مرتقبة، والجهود التي تبذل لتوحيد العملة والبنك المركزي”.
وأشار إلى أن “الحوثيين لا يتورعون عن استغلال معاناة الناس، ولا يتوقفون عند أي حدود عندما يتعلق الأمر بالأرباح والمصالح”.
وكانت وزارة الخزانة الأمريكية، فرضت عقوبات في العام 2017، على شبكة من الأفراد والشركات على ارتباط بإيران، بتهمة تورطها في مخطط واسع لتزييف أوراق نقدية يمنية، عبر شراء معدات ومواد متطورة للطباعة.

Exit mobile version