يمن الغد – رمزي علي:
تعيش محافظة لحج اسوأ أزمة إنسانية على الإطلاق، اذا تشهد المحافظة انهيار كلي في قطاع الخدمات وبخاصة المتعلقة منها بقطاع الكهرباء والمياه، ويرجع ذلك إلى حرمان المحافظة منذُ أكثر من شهرين ونيف من مخصص الوقود لمحطات الطاقة الكهربائية، وتوقفها بشكل كلي وتام عن العمل لأيام وأسابيع طويلة، وهو الأمر ذاته الذي أدى لتوقف محطات ضخ المياة لسكان المحافظة واغرقها في ظلام دامس في عز شتائها .
وتزايدت حدة الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي منذُ أكثر من شهرين من الآن لتصل مدة الانقطاعات لأيام وأسابيع في كلاً من عاصمة لحج الحوطة ومديرية تبن .
صمت حكومي:
اثار صمت الحكومة الشرعية ورئيس الحكومة ووزارة الكهرباء والطاقة لمعانات سكان محافظة لحج جراء توقف تزويد محطات لحج بالوقود لأكثر من شهرين، وتركت الكثير من التسأولات لدى سكان المحافظة حول هذا الصمت المريب، وطيلة شهرين وأكثر من توقف الحكومة بتزويد محافظة لحج ولو بكميات إسعافية لتشغيل المحطات، ولم نسمع أي تصريح حكومي من الجهات المختصة عن السبب الحقيقي لتوقف الجهات المختصة في الحكومة الشرعية عن ضخ الوقود لمحطات كهرباء لحج .
كما لم نشهد أي اعتذار حكومي من الجهات المختصة في الحكومة ممثلة برئيس الحكومة ووزير الكهرباء والطاقة ولا اي من مسؤولي الوزارة والجهات المعنية، للإعتذار لأبناء المحافظة على هذه المأساة الإنسانية التي يتعرضون لها، مفضلين التزام الصمت،، الصمت الذي يثير الريبة والشكوك لدى السكان، وكأن معانات وصرخات هولاء المواطنين لم تعد تعني أياً من الأطراف الحكومية في الدولة، ولا يهتمون لأدميتهم كونهم بشراً ليس أكثر، في وقت تتزايد فيه شكاوي المواطنين من معاناتهم مع انقطاع التيار الكهربائي الذي يتجاوز أيام وأسابيع .
وبات المواطن لايعرف أين تكمن أسباب هذه الأزمة بسبب الصمت الحكومي المريب، والتي يتوجب عليها مصارحة الناس بالحقائق وتوضيح الأسباب الكامنة وراء هذا الانهيار التام لخدمة الكهرباء في المحافظة .
اجمالي توليد كهرباء لحج:
في أحسن الظروف وحينما يتم توفير الوقود الكافي لمحطات الكهرباء في محافظة لحج تنتج محطات بئر ناصر مديرية تبن 10 ميجا وات، ومحطة عباس في عاصمة المحافظة 10 ميجا وات فقط، اي أن إنتاج محطات كهرباء لحج لايتعدى 20 ميجا وات فقط، ولاتغطي ربع احتياج سكان المحافظة، بينما حاجة المحافظة من الكهرباء لاتقل عن 70 ميجا وات على الأقل .
وهذا الرقم يواصل الارتفاع سنوياً بفعل التوسع العمراني والسكاني والتجاري الكبير، الذي تشهده المحافظة، وتدفق مئات الآلاف من النازحين إليها من مديريات متأخمة مع الحدود الشمالية بسبب الهجمات المتكررة من قبل مليشيات الحوثي، ما أدى لإنتقال الآلاف من تلك المديريات ومن محافظات مجاورة للسكن في العاصمة الحوطة ومديرية تبن الملاصقة للعاصمة عدن، فضلاً عن انتشار العديد من مخيمات النازحين في هذه المحافظة تدفقوا من مختلف المحافظات الشمالية .
وهذا التوسع والكثافة السكانية المتزايدة خلال السنوات الأخيرة سبب تحديات كبيرة في قطاع الخدمات عامة لإدارة المحافظة، ووصلت ساعات الانطفاءات في أوقات سابقة مع توفر الوقود الكافي لأكثر من 12 ساعة انطفاء يومياً .
احتياج المحافظة لمحطة توليد:
باتت المحافظة بحاجة ماسة وملحة لتوفير محطة كهرباء جديدة لاتقل قدرتها عن 50 ميجا وات على أقل تقدير، ورغم مناشدات ومطالبات قيادة المحافظة ممثلة بالمحافظ تركي طيلة السنوات الماضية للحكومات المتعاقبة بضرورة تشييد محطة كهرباء جديدة تلبي احتياجات السكان، إلا أن ذلك لم يتحقق أسوة بما نفذته تلك الحكومات من محطات كهرباء في المحافظات الأخرى والمجاورة، بينها محافظة عدن وشبوة وحضرموت ومأرب ، لم تلتفت كافة الحكومات لمعانات ومناشدات لحج وابنائها .
يذكر ان المحطات القائمة حالياً هي محطات متهالكة وقديمة تعمل بمولدات سفري قدرة 1 ميجا وانتهى عمرها الافتراضي وتحتاج لصيانة دورية .
ازدواجية المعايير:
مأساة لحج كبيرة والحرب التي تُشن عليها أكبر وأعظم من أن يتصورها عقل، رئاسة وحكومة ووزارة كهرباء وكافة الجهات العليا في الدولة تخلت عن القيام بدورها على الأرض، لتترك المحافظة تنهار والمحافظ يصارع واقفاً في الحلبة وحيداً، لإنقاذ مايمكن إنقاذه وتجنيب المحافظة من الانهيار الكامل بجهود شحيحة لكنها تظل بنظرنا نحن أبناء المحافظة كبيرة .
هناك تهميش واقصاء وغياب تام للحكومة الشرعية ووزاراتها، ولا احد من قادة ومسؤولي الحكومة الشرعية يستطيع نكران هذا التهميش المتعمد لمحافظة تسمى لحج، ولم نشهد طيلة السنوات العشر الماضية من تحرير المحافظة وحتى قبلها من اي إهتمام حكومي ورئاسي بهذه المحافظة وإنصافها، وتوفير ابسط مقومات الدعم والخدمات لأبناء المحافظة الذي تستحقه أسوة بالمحافظات الأخرى .
ما تمارسه الحكومة اليوم بحق هذه المحافظة من تجاهل وحرمان وتهميش يؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن قيادات الدولة لازالت تنظر للحج وتتعامل معها كما كان يتعمل معها النظام البائد، الذي حرمها من اي مشاريع حقيقة وخدمية تخفف من أعباء معاناة السكان .
خاصة ونحن نعلم أن محافظة مثل لحج هي محافظة بدون موارد و ايرادات، اذا قُورنت لحج بمحافظة مثل عدن وشبوة، فهي لاشي ولاتمتلك اي مورد تمكنها من القيام بتوفير أدنى المتطلبات .
واذا أعدنا المقارنة نفسها بين ماتملكة عدن من موارد وإمكانيات وما تملكة لحج فأن المقارنه منعدمة اصلاً وغير قابلة لمثل هكذا مقارنات أصلاً، في الوقت نفسه عدن لا تشتري قاطرة وقود واحدة، لمحطات الكهرباء رغم مواردها الضخمة، ولم يُِبذل محافظها أو يضع نفسه في موضع محافظ لحج الذي يشتري وقود الديزل وقطع غيار للمحطات في أوقات عصيبة متعددة على نفقة المحافظة، وهذه ليست المرة الأولى ولن تكون الأخيرة، لكنها الأكبر والاكثر سوء تشهدها لحج، إذ طالت المدة وقاربت مايربوا من ثلاثة أشهر .
الحكومة والرئاسة ووزارة الكهرباء ومؤسسة الكهرباء صبوا كافة جهودهم لتوفير وقود ومتطلبات كهرباء العاصمة عدن وباتت شغل الجميع الشاغل، في حين محافظة لحج التي تلاصق العاصمة عدن ولاتفصلها عنها سوى 3 كيلو، باتت تغرق في الظلام والإهمال والحرمان والنكران، وخذلان أبناء لحج الخضيرة وتحويل حياتهم إلى جحيم لايطاق، ونحن في ذروة فصل الشتاء.
فكيف سيكون واقع محافظة لحج وأبناء لحج اذا حل فصل الصيف، أنه كابوس حقيقي إذا لم تعد الحكومة ومجلس الرئاسة إلى رشدهم، وإنصاف هذه المحافظة وابنائها بعيداً عن المزايدات والمكابرات السياسية الهشه .
اثار سلبية:
ألقت أزمة انقطاع التيار الكهربائي على سكان المحافظة لأكثر من شهرين ونيف بضلالها على مختلف مناحي الحياة، كما أتت بآثار سلبية على القطاع الصحي بدرجة رئيسية مثل المشافي والعيادات، فضلاً عن آثارها السلبية والكارثية على الاقتصاد والمحال التجارية وافسدت معظم المنتجات والأدوية والمشروبات والخضار، وكل المواد الاقتصادية والتموينية والغذائية والدوائية التي تحتاج إلى التبريد، كما الحقت هذه الانقطاعات بالكثير من الأضرار على الاقتصاد وأصحاب المحال التجارية .
خسائر غير محدودة خلفتها حرب الخدمات على محافظة لحج على جميع المستويات الاجتماعية والاقتصادية والصحية، في ظل عدم استشراف نهاية مرتقبة وتدخل حكومي عاجل لإيقاف معانات المحافظة وسكانها، مالم ستتضاعف المعاناة الإنسانية أكثر فأكثر مع اقتراب فصل الصيف.
كلفة عالية تتكبدها محافظة لحج اليوم في ظل انكفاء وصمت حكومي واضح عن هذه الأزمة غير العادية وغير الأنسانية تجاة محافظة يقطنها أكثر من 1.500.000 مليون وخمسمائة ألف نسمة .
فشل وعجز حكومي :
إلى أي مدى بإمكان أبناء هذه المحافظة والمحافظات الاخرى تحمل هكذا فشل، وعجز الحكومة الواضح، ونحن في أواسط فصل الشتاء فكيف سيكون الحال عند حلول فصل الصيف مع مثل هكذا انهيار للخدمات، حتماً ستكون الكوارث والمصائب أكثر واكبر، خاصة وأن الحكومة مغيبة تمامًا عن الواقع وعن معانات الناس، في الوقت الذي يُفترض بها في هذه الفترة دق ناقوص الخطر، وأن تكون على أهبة الاستعداد لصيانة وترميم كافة محاط الكهرباء وتجهيزها لمواجهة الصيف المقبل .
والى اي مدى بإمكان الموطن تحمل عجز الحكومة الاقتصادي وانهيار الخدمات، بعد فشلها في تأمين مرتبات الموظفين لاشهر، ويدفع الموطن البسيط فاتورة ثمن هذا الفشل في أعلى هرم الحكومة الشرعية .
ختاماً:
اداء حكومات الشرعية المتعاقبة تجاة محافظة لحج المنسيه والمغيبة تماماً عن إهتمام الحكومة وبخاصة الحكومات المشكلة اخيراً عن توفير اي موازنات تشغيلية لمحافظة لحج، ولم تعتمد لها البرنامج الاستثماري لسنوات متعاقبة لكي تستطيع إدارة المحافظة القيام بدورها الأكمل.
الأمر الذي أعاق تطوير المحافظة، فمن يصدق أن مرافق الدولة في لحج أعادها المحافظ بجهود متواضعة من موارد المحافظة التي تكاد تكون شبه منعدمة، في حين نرى ونسمع ونشاهد هذه الحكومات تضع في موازنتها السنوية موازنات لمحافظات غير محررة وتحت سيطرة مليشيا الحوثي، ومن بينها محافظات صنعاء وأمانة العاصمة ومحافظة ذمار والمحويت، التي لديها محافظين معينين من الشرعية يقيمون في فنادق الخارج، وليس لهم أي سلطة على المحافظات المعينين فيها لكنهم يستلمون موازنات سنوية وموارد شهرية تحول لهم من بنك عدن المركزي .