
يمن الغد – تقرير
أكدت مصادر عسكرية مطلعة، أن قادة ميليشيات الحوثي، بدأوا التحصن في منازل و”فلل” تعود لمدنيين، لاتخاذهم كدروع بشرية تحميهم من الغارات الأمريكية.
وقُتل مساء أمس الثلاثاء، 4 أطفال وامرأتان، وأصيب 16 آخرون في غارتين أمريكيتين، زعمت ميليشيا الحوثيين أنهما استهدفتا “مدينة سكنية بمديرية الحوك”، غربي محافظة الحديدة، المشرفة على مياه البحر الأحمر.
وفي المقابل، أكدت المصادر في القوات المشتركة بالساحل الغربي، أن الضربات طالت “فيلتين سكنيتين مملوكتين لمسؤول حكومي سابق وشيخ قبلي نافذ، استولت عليهما ميليشيا الحوثيين بعد سيطرتها على المحافظة في عام 2014، وحولتهما إلى مسكنين لأسرتي اثنين من قياداتها العسكرية المتوسطة”.
وذكرت المصادر، أن الحوثيين نقلوا خلال الفترة الأخيرة عددًا من منصات إطلاق الطيران المسيّر وعتادًا ومعدات عسكرية إلى المبنيين القريبين من معسكر سلاح المهندسين، قبل أن تستهدفهما الضربات الأمريكية مساء أمس.
وأشارت إلى سقوط عدد من القتلى والجرحى من أسرتي القياديين في ميليشيا الحوثيين، اللذين لم يُعرف مصيرهما بعد، إلى جانب خسائر بشرية وأضرار مادية في صفوف المدنيين القاطنين قرب المنطقة المستهدفة.
بدورها، قالت مصادر حقوقية في مديرية الحوك بالحديدة لـ”إرم نيوز”، إن ميليشيا الحوثيين باشرت باعتقال نحو 8 مدنيين، كانوا يصورون بهواتفهم الشخصية عن بعد، آثار الدمار والخسائر في الموقع المستهدف، وهو ما تحظره الميليشيا على غير وسائل إعلامها.
وبحسب المصادر، فإن “جهاز الأمن والمخابرات” التابع لميليشيا الحوثيين، أصدر تعميمًا يمنع فيه المواطنين من تصوير المواقع المستهدفة أو نشر معلومات عنها وعن طبيعة الأضرار الناجمة، “حتى لا يسهّل على العدو مهمة جمع المعلومات”، وفقًا لما نصّت عليه التوجيهات.
وعلى مدى قرابة 4 أسابيع من الهجمات الأمريكية، تكررت حوادث نزيف المدنيين في غارات مشابهة، استهدفت مقرات وملاجئ سرّية لقيادات وشخصيات من ميليشيا الحوثيين، وسط أحياء سكنية في كل من صنعاء وصعدة؛ ما أسفر عن سقوط ضحايا من المدنيين.
ودعت السلطة المحلية بأمانة العاصمة اليمنية صنعاء، لدى الحكومة اليمنية المعترف بها دوليًّا، أمس الثلاثاء، المواطنين في العاصمة، إلى توخي الحذر والابتعاد عن مواقع تجمّع وأنشطة الحوثيين، “بما في ذلك المقارّ غير الرسمية أو المستولى عليها أو التي حُوّلت للأغراض العسكرية، حرصًا على سلامة المدنيين وحفاظًا على أمن الأحياء السكنية”.
استراتيجية الاحتماء بالمدنيين:
وذكر مدير مركز “أبعاد للدراسات والبحوث”، عبدالسلام محمد، أن حدّة الضربات الأمريكية، دفعت العديد من قادة ميليشيا الحوثيين للهروب نحو الإقامة في أماكن وسط التجمعات السكنية، أو لعقد اجتماعاتهم العسكرية السرّية بمناطق مزدحمة بالمدنيين، الذين يتخذونهم دروعًا بشرية، ظنًّا منهم بأن ذلك سيُثني الأمريكان عن استهدافهم.
وقال” إن بعض قيادات ميليشيا الحوثيين تعدّى ذلك من الناحية الأخلاقية، وبات يحتمي في منزله خلف أطفاله ونسائه وجيرانه، بينما يحارب من يدفعونهم للقتال نيابة عنهم.
وأشار إلى أن الحوثيين يراهنون من خلال استراتيجية الاحتماء بالمدنيين، على الجدل الذي من الممكن أن تثيره مثل هذه الضربات التي تطال الأبرياء، لدى الإعلام الغربي ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، وهو ما سيشكل أدوات ضغط على الإدارة الأمريكية لإيقاف هجماتها في اليمن..
حماية الرؤوس الكبرى:
ويرى المحلل العسكري، العقيد محسن مسعد، أن القيادات الحوثية العليا توارت عن الأنظار وتراجع نشاطها منذ انطلاق عمليات واشنطن العسكرية في منتصف الشهر الماضي؛ إذ انتقلوا إلى مواقع غير معلومة، في احتراز أمني مشدد، يحول دون وقوعهم فريسة للضربات الأمريكية.
وكشف مسعد لـ”إرم نيوز”، أن الشخصيات القيادية العسكرية ذات الثقل والقرار، انسحبت من المناطق الملتهبة كمحافظتي الحديدة وحجة، الواقعتين على سواحل البحر الأحمر، وانكفأت في مناطق العمق الحوثي المحصّنة، كصعدة وعمران، لتجاوز المرحلة الحالية المليئة بالشكوك وانعدام الثقة على مستوى التركيبة الداخلية لميليشيا الحوثيين.
وأضاف مسعد، أن النشاط الراهن على الصعيد الميداني بالنسبة لميليشيا الحوثيين، متروك لقيادات عسكرية متوسطة من الدرجة الثالثة والرابعة، مكلّفة بإدارة العمليات العسكرية التي شهدت تراجعًا ملحوظًا خلال الأيام الماضية. غير مستبعد أن تكون هذه الخطوة مدروسة من قبل أعلى الهرم القيادي لدى ميليشيا الحوثيين، بهدف امتصاص الضربات وغضب الإدارة الأمريكية، دون التضحية برؤوس القيادات الفاعلة والمؤثرة من الصفين الأول والثاني.
مرحلة استهداف الرؤوس:
من جهته، يعتقد الكاتب جمال علي، أن توسّع بنك أهداف العمليات الأمريكية، أصبح يشمل أماكن لم تكن تخطر على بال ميليشيا الحوثيين أنفسهم، وهذا ما يعني امتلاك واشنطن قاعدة بيانات ومعلومات كاملة عن الميليشيا.
وبحسبه، فإن هذه المرحلة من الاستهداف، تركّز على القيادات الميدانية الحوثية، “التي تعتبر حلقة الوصل بين المقاتلين وبين القيادات العليا، بحيث يفقد الحوثيون توازنهم، ثم تتلوها مرحلة استهداف الرؤوس الكبرى، تزامنًا مع عمليات عسكرية برّية”، وفق ما ذكره في منشور على “فيسبوك”.
وخلص علي، إلى أن قرار اجتثاث ميليشيا الحوثيين قد اتُّخذ بموافقة وإجماع دولي وعالمي، ولم يعد بإمكان الميليشيا إحداث تغيير في هذا القرار أو مواجهته، “وبالتالي، فإن ما يمكن فعله من قبلها لتجنيب المواطنين ويلات هذه المعارك، هو الانسحاب من المحافظات الحيوية، وحلّ كل التشكيلات الأمنية والعسكرية، وهذا ما لن يفعلوه أبدًا”.