عربيمحليات

فراغ الحكم في غزة يدفع الأهالي لتنظيم أنفسهم

يمن الغد – اسامة الاطلسي


في ظل تدهور الأوضاع الإنسانية والأمنية في قطاع غزة، بدأت ملامح تحركات شعبية جديدة في الظهور، تعكس تحولًا عميقًا في المزاج العام للسكان. فقد دفع الانهيار الإداري في توزيع المساعدات، إلى جانب فقدان السيطرة الأمنية في العديد من المناطق، العديد من المواطنين إلى تشكيل مجموعات محلية تهدف إلى حماية الأحياء وتنظيم عمليات توزيع الغذاء بعيدًا عن الأطر الرسمية أو الفصائلية.

وتقول مصادر محلية إن هذه التشكيلات، التي تتكون من شباب ووجهاء مجتمعيين، ظهرت في مناطق مختلفة من غزة، وسط حالة من الاستياء المتزايد من أداء القيادة والفصائل المسيطرة، والتي باتت عاجزة عن تأمين أبسط متطلبات الحياة. ويقول أحد المشاركين في هذه المبادرات: “تعبنا من انتظار قرارات لا تأتي. بدأنا نتحرك بأنفسنا لحماية أسرنا وتنظيم ما يمكن تنظيمه”.

هذا التحرك الشعبي لا يحمل طابعًا حزبيًا، بل يأتي من القاعدة المجتمعية المتضررة من الحرب والفقر، ويعكس فقدانًا واسعًا للثقة في القيادات الحالية. ويرى مراقبون أن هذه الظاهرة قد تمثل بداية تحول سياسي واجتماعي في غزة، حيث يبحث الناس عن نماذج بديلة للقيادة والإدارة، في وقت لم تعد فيه الشعارات تكفي لإقناع الجائعين أو تأمين أمنهم.

ويحذر محللون من أن استمرار تجاهل هذه الأصوات الشعبية قد يؤدي إلى انفجار اجتماعي، لا سيما في ظل التدهور الحاد في الخدمات، وغياب أي أفق حقيقي لوقف إطلاق النار أو إعادة الإعمار. ويضيف أحد المحللين السياسيين: “ما يحدث اليوم ليس مجرد احتجاج، بل نواة محتملة لتغيير أوسع، إذا لم يتم احتواؤه عبر حلول سياسية حقيقية تعيد الكرامة والأمل للسكان”.

في النهاية، تعكس هذه التشكيلات الشعبية رغبة حقيقية في استعادة زمام المبادرة من قبل مجتمع يشعر بأنه تُرك وحده في مواجهة الجوع والدمار، دون قيادة فعالة أو مؤسسات حقيقية. فهل تُسمع هذه الصرخة الجديدة، أم تُضاف إلى قائمة الأصوات التي تم تجاهلها في طريق الانهيار؟

زر الذهاب إلى الأعلى