
يمن الغد – تقرير
سجل الريال اليمني، مساء الخميس 19 يونيو 2025، تراجعًا قياسيًا جديدًا أمام العملات الأجنبية، في واحدة من أسوأ موجات الانهيار التي تشهدها العملة الوطنية منذ بدء الحرب قبل أكثر من عشر سنوات، وسط تحذيرات اقتصادية من تداعيات كارثية على حياة المواطنين واستقرار الأسواق في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
وجاء التراجع التاريخي للريال اليمني في ظل تصاعد الأزمة الاقتصادية وتوقف معظم مصادر الدخل الرئيسية، نتيجة تداعيات الحرب التي أشعلها الحوثيون.
وقالت مصادر مصرفية في عدن” إن الريال اليمني انهار بشكل غير مسبوق في سوق الصرف، حيث سجل 715 ريالًا مقابل الريال السعودي، و2727 ريالًا للدولار الأمريكي، في تراجع تاريخي جديد”.
وهذه المرة الأولى التي يصل فيها سعر صرف الريال اليمني إلى هذا المستوى الخطير، منذ انقلاب مليشيات الحوثي أواخر 2014.
ويرى خبراء اقتصاد أن الانهيار المتسارع للعملة اليمنية يعود إلى مزيج من العوامل البنيوية والسياسات المالية غير المنضبطة، التي راكمت الاختلالات في السوق وأفقدت الريال اليمني توازنه.
ويأتي في مقدمة هذه الأسباب فشل البنك المركزي اليمني في عدن في إدارة السياسة النقدية، لا سيما في ما يتعلق بآلية مزادات بيع العملة الأجنبية، التي شابها الكثير من العشوائية وانعدام الشفافية، الأمر الذي أتاح لشبكات من المضاربين والمصارف النافذة التحكم بالسوق وتوجيه الأسعار بما يخدم مصالحهم الخاصة.
كما ساهم غياب الدور الرقابي الفعّال على شركات الصرافة وتفشي السوق السوداء في تسعير العملات بشكل غير رسمي في تعميق الأزمة، حيث باتت التعاملات النقدية تسير خارج أطر المؤسسات الرسمية، ما قوض قدرة الدولة على التدخل وضبط التوازن النقدي.
ويُضاف إلى ذلك عجز الحكومة عن توظيف المنح والمساعدات بطريقة مؤسسية تخدم الاستقرار المالي، حيث لم ينعكس الدعم الخارجي على استقرار السوق أو تحسن الخدمات أو القوة الشرائية للمواطن، ما أفقد الشارع ثقته بأي دعم قادم.
ومن الأسباب أيضًا تراجع الإيرادات العامة بشكل ملحوظ، خصوصًا في قطاع النفط، الذي كان يشكل الرافد الأهم لخزينة الدولة، بالإضافة إلى العجز شبه الكامل عن تحفيز الاقتصاد الحقيقي وخلق مصادر دخل بديلة، في وقت تتسع فيه فاتورة الاستيراد وتتراجع فيه القدرة على تغطية التزامات الدولة تجاه موظفيها ومواطنيها.
وكشف تقرير أممي حديث أن الريال اليمني فَقَدَ أكثر من نصف قيمته في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، منذ هجمات مليشيات الحوثي على منشآت النفط في أكتوبر/تشرين أول من العام 2022، وتوقف تصدير النفط والغاز على إثر ذلك.
وقال برنامج الغذاء العالمي في تقريره الأخير بشأن حالة الأمن الغذائي في اليمن لشهر مايو/أيار الماضي، إن الريال اليمني وصل إلى أدنى مستوى له على الإطلاق عند 2,511 ريالًا مقابل الدولار الأمريكي بحلول نهاية أبريل/نيسان 2025، في مناطق سيطرة الحكومة.
وأضاف أن “الريال اليمني انخفض بنسبة 33% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الجاري، على أساس سنوي، وفَقَدَ 54% من قيمته مقابل الدولار الأمريكي، منذ توقف صادرات النفط الخام في أكتوبر/تشرين أول 2022”.
كما دفع هذا الانخفاض في قيمة الريال، أسعار الوقود والمواد الغذائية المحلية إلى مستويات غير مسبوقة، حيث أدى ذلك إلى زيادة في البنزين بنسبة 20% والديزل بنسبة 29%، فيما ارتفعت تكلفة سلة الغذاء بنسبة 33% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وفقا لذات المصدر.