مقالات

في وداع الشيخ التهامي المثقف

 


تتوالى الأحزان حتى لا تكاد ترقأ الدموع، وصلني الآن خبر رحيل الشيخ عبد المنعم شامي، لا أكاد أصدق، كان الشيخ عبد المنعم شامي ركناً من أركان البلاد، كان رجلاً كبيراً شجاعاً وشهماً من ذوي المروءات الذين يركن عليهم.


كانت أول معرفتي به سنة 2001م، حين كنت أعد سيرة لمدينة المحالب التاريخية، وعندما سمع بذلك قرر أن يكون معي سنداً قوياً لما أقوم به، بعد أن أنهيت ذلك المشرع الذي نشر في صحيفة الثقافية وأحدث صدى اسعاً، قلت له أريد توثيق تراث وادي مور، فقال لي بأريحية وأنا سأتحمل تكاليف كل ما تقوم به من جهد.


وبفضل ذلك الشيخ المثقف الذي يحمل شهادة جامعية ويتولى الأمانة العامة للمجلس المحلي بمديرية الزهرة، وثقت الكثير من فن الطارق وفن الشامية، ناهيك عن كثير من جوانب التاريخ العلمي والفقهي والثقافي لهذا الوادي الخصب الذي يعد من أكثر مناطق اليمن خصوصية واكتنازاً بفنون التراث الشعبي من رقصات وأغان وأشعار وسرديات مذهلة، احتضنتها بيئة فارقة وقابلة لكل وافد.


ومنذ أول لقاء لي به سنة 2001م وحتى مغادرتي اليمن سنة 2015م، لم يحدث أن نزلت من صنعاء إلى تهامة دون أن يزورني الشيخ عبد المنعم أو يستزيرني ويحتفي بي، ودون أن يكون لقائي به مناسبة لتوثيق شيء من شعر حباجر أو عمير أو مصلح أو الجوهري أو عبيد حاسر أو سود معمى أو بكير أو غيرهم من مشاهير الشعر اء الذين تركوا بصماتهم في مور أو ترك مور بصماته فيهم.


أكثر ما كان يعجبني في الشيخ عبد المنعم أنه كان يمثل أنموذجاً لوجاهات أبناء المكان مزيج من الرجولة والشجاعة، البساطة والقوة، العظمة ولين الجانب، وفوق ذلك معرفته الواسعة بالمكان وناسة. ومحبته غير المتكلفة للتراث الذي أشغف أنا به وأحبه وأحب من يشاركني فيه.


أنا حزين لفراقك يا شيخ عبد المنعم، لا أريد أن أعزي أحداً من أهلك فيك بمقدار ما أريد أن أعزي نفسي فيك، أنا أهلك وصديقك.


رحمة الله تغشاك يا حبيب


 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى