‏مأزق “المسيرة” الحوثية الطائفية والمسار السياسي

 


معضلة الحوثيين وبقية الإسلامويين هو الوقوع في مأزق التفريق بين الالتزام بالخطاب الديني الموجه بناءً على الأدبيات التي تقوم عليها هذه الحركة أو تلك، والفعل السياسي الذي لا يلتزم بكل ذلك، وهو المأزق الذي سيواجهون مع كل خطوة يكون الآخر المختلف أحد طرفيها/أطرافها.


 


ومع كل مأزق سنجد التفسيرات التي تصل حد الإسفاف ولي أعناق الأدلة الدينية ذاتها، وإن كانت الأحداث مغايرة يقبعون خلفها من سياط المتضررين منهم ومن إصرارهم على المضي في التمسك بأدبياتهم عندما يتعلق الأمر بمصالحهم رغم إلحاقها الضرر بالمجتمع، أو التغاضي عنها إن كان في ذلك مصلحة لهم أيضاً وإن كان فيها ضرر للمجتمع!!


 


ولعل أقرب الأمثلة التي لا تزال ذكراها الأليمة ماثلة في أذهاننا كان المأزق الذي وقع فيه الإخوان المسلمون إبان تسنمهم كرسي الحكم في مصر والنفوذ الذي تحصلوا عليه في بلدان أخرى عقب ربيع لا نزال نعاني من تبعاته حتى اليوم.


 


فمع كل فعل سياسي كان يظهر التخبط بين التمسك بأدبيات الجماعة المتوارثة لعشرات السنين أو التعاطي السياسي مع الأحداث بما يقتضي المصالح العامة لبلد تتنوع فيه الديانات والمذاهب والمشارب الفكرية بـ”موالاة من يوالي الله ورسوله” و”التبرؤ ممن يوالي اليهود والنصارى”، ومع كل حدث يضطرون للتوضيح والتفسير والتأويل لقواعدهم التي تتساءل عن “شبهات” المخالفة لأدبيات جعلوها بمثابة “المقدس” الذي يقرنون الخروج عنه بالخروج من الإسلام!!


 


فالولاء والبراء إحدى القواعد الأساسية التي تقوم عليها الحركات الإسلامية بمختلف صنوفها (شيعة وسنة)، بل هي العامل المشترك الوحيد الذي تتفق عليه هذه الجماعات، وتتخذ منها حجة لكل مخالف لها بهدف القضاء عليه. وأينما اتجهت هذه الجماعات ومهما تعددت مشاربها فإن “الولاء والبراء” يظل معيار التعامل المزاجي لتصنيف الآخر في خانتي الخير أو الشر وتحديد مصيره في خانتي الجنة أو النار.


 


وهاهم الحوثيون اليوم يقعون في المأزق نفسه، باستقبال السلطان قابوس سلطان عمان لرئيس وزراء إسرائيل، فإما “البراء” من النظام العماني لأنه -بحسب أدبياتهم- “يوالي اليهود” ومن المفترض، بحسب تفسيراتهم للولاء والبراء، مقاطعته ومعاداته معاملة بأمثلة أخرى كثيرة لا مجال لذكرها، وإما إيجاد “مخرج” تفسير وإن بدا مثيراً للضحك مراهنين في ذلك على “القداسة” التي تضفيها أدبيات الحركة عليهم فأوامرهم ونواهيهم هي أوامر الله ونواهيه، وكل تصرف يقومون به في أمور الدنيا هو إلهام من عند الله!! وتجبر قطعانها على اتخاذها أساسا يحدد العلاقة بينهما!!


 


وتبارت قياداتهم ومفكروهم أخذ منهم جهداً ووقتاً في طرح تفسيرات يمكنها من الخلاص من آلام التفكير بعلاقة التعاون القائم بين السلطنة التي استقبلت “اليهودي” نتنياهو والحوثيين المحتاجين لهذه العلاقة لتيسير ما استعسر من أمورهم والتي تبدو الآن بدون شك مخالفة ما قاله “سيده حسين” وضحكنا كثيراً لسخافة ما طرح حتى الآن والأمر مرشح لتفسيرات أكثر ظرافة وأشد خسة لاسيما تلك التي تصر على محاولات استغبائنا، فالمهم عندهم إيجاد مخرج من مأزق الخطاب الديني الذي يتعارض مع مسارهم السياسي.


 


ويكفي أن تقرأ التفسير التالي الذي جمع فيه من طرحه عصارة فكره وتجاربه وخبرته السياسية وتبحره في تأويل ملازم (سيده حسين) لتدرك بقية التفسيرات المضحكة الأخرى، فيقول مخاطبا القطيع إن (رئيس وزراء الكيان الصهيوني المحتل يزور سلطنة عمان من أجل إقناع سلطانها بالتوسط لدى المجلس السياسي الأعلى (للحوثيين) للإفراج عن ضباط إسرائيليين أسرهم أبطال الجيش واللجان الشعبية في الساحل الغربي)!!


 


 


 

Exit mobile version