طمعاً في سلام يقينا حر الحرب وشقاء الاقتتال

 


كالعادة، في كل صباح، لا شيء يشعرني بأني حقيقي سوى أشياء كثيرة ألاحظها حين أرى نفسي في المرآة: تقاسيم شارب، إحدى عيني محمرة من أثر سهر البارحة، وسواد تحت عيني من شدة الأرق.


كل شيء يذهلك ويعيدك لزمن تنسى بأنك كنت فيه يوماً


تعبت من سماع الانفجارات وأصوات القذائف المتناثرة في الأرجاء الذي أدرك تماماً بأنها لن تنفعنا في شيء في ظل العاصفة الذي شنقونا بها


واشتقت جدا لرؤية الاطفال وهو يذهبون الى المدرسة حاملين فوق ظهورهم جبالاً من العلم الذي ادرك تماماً بانها ما ستخرج هذه البلاد من ازمته وترتقي به


هذا الصباح ربما يختلف قليلاً عن كل الصباحات حين يتعلق الامر بأنثى جميلة طاهرة نقيه نقاء الثوب الابيض المنقح من الدنس


“طمعاً في سلام يقينا حر الحرب وشقاء الاقتتال”


هكذا بداءات صباحها معي ولم تقل صباح الخير ابدأ


سلام


ماذا تعرفين عن السلام ياامي


آه آه آه “أهات خالطتها تنهيدة كادت دموعي ان تسير من عمق وجعها”


السلام: وبما اننا نتحدث عنه يا احمد فالحديث عن السلام شهي جداً


هو الشعور بالحياة, الحياة التي لم نعد نعلم ان كنا نعيشها ام تفرض علينا ان نعيشها بواقع اشعر بانه مستخدم وزمن مخطط لنا بالعيش فيه رغم بؤسه


قاطعتها قائلاً:


أحب حديثي معك لأنك ببساطة تقربي لشيء ملائكي يمشي على الأرض


قل لي يا احمد –بعد ان أغلقت فمي بيدها– قل لي :


كم تبقى من الوقت لدينا لنعيد ترتيب الحياة حسب توقيت العمر!


لا اعلم


فولادتي في هذا العالم هي بمثابة حصولي على تذكرة لمشاهدة عرض لغرباء الاطوار!


بين النصف المشاهد ﻭ النصف الممثل للعرض تتعذب الكلمات وتموت قبل ان تحتضر!


امي الحبيبة:


انا وأنتِ لسنا سوى أضغاث كائنات فتفكيرنا عالق لمجتمعنا في حنجرته، فكيف لي أن اعيد ترتيب الحياة وقد اضعت السلام!


احمد يا بني:


إذا جعلته يشعر بأنك تتوقع منه شيئًا ايجابيًا، فلديك فرصة في استخراج أفضل ما فيه “اقصد الذات”


كيف نريد بلوغ السلام وكل منا لا يملك على ذاته حق السلام “اعني الضمير يا عزيزي”


امي يا حبيبة:


انتهى حلم الطفولة بغروب شمس الأصيل و اشرقت شمس الصباح بعينان بارقتان بالأمل وقلب لم يشعر يوماً بالملل


وروحاً حالمة تحلم بالسلام


ورغم حالتي هذه اكتب الان:


بعد ما سكبت القليل من الغربة على الورق، فتحول لونه من الأبيض إلى الأصفر فهكذا يليق بالتحدث عن الأشياء الراحلة


السلام:


هو الشيء الوحيد الذي أخذ الحيز الأكبر من حياتي


ليس هناك شيء أسوأ من فقدان السلام


فمع كل سلام تفقده يسقط قلبك من الحياة وتشعر بعدها بالقوة, القوة التي تجعلك تبكي بضعف وتكتب لتفشل أبجديتك في المرور بسلام على الورق، تصرخ فتخرس الحياة صوتك، فتقف أمام نفسك لتعتذر:


عن الصوت الذي لم يصل، الكلمة التي ماتت قبل أن تعبر من الحنجرة، السلام الذي ترك ورائه دمار وخوف عابر


وذكريات مؤلمة لا تنسى


عن الاباء الذين يدفنون ابناءهم في صراع البقاء


عن تغلب حب القوة على قوة الحب


عن فقدان صداقتنا لضمائرنا ورحيل السلام عنا


كيف لا و السلام مناخنا للحرية


السلام :


ليس نتاج الارهاب أو الخوف.


ليس صمت المقابر.


ليس النتيجة الصامتة للقمع العنيف.


ليس المساهمة السخية، المطمئنة للجميع في صالح الجميع.


هو فعالية, سخاء, حق وواجب .


امي الغالية:


“طمعاً في السلام”


سأحدّد مساحة العالم وعلى ميزان كفك الطاهر سأزِنُ ذهب الشمس وشحوب القمر لنعيش في سلام دائم!


 


 

Exit mobile version