مقالات

أريد ساقاً أقف عليها

 


قضايا كثيرة يبدي حزب التجمع اليمني للإصلاح  مواقف تجاهها  يصعب فهمها أو تفسيرها  بالمنطق السياسي أو مفهوم استعادة الدولة..


لنأخذ على سبيل المثال أربعاً من هذه القضايا:


الأولى: تعامله مع حزب المؤتمر الشعبي العام واستخدام خطاب إعلامي مملوء بالأحقاد والضغائن والإقصاء وانتهاج الحرب الضروس ضد تعيين أياً من قياداته والمنتمين إليه في الوظيفة العامة للدولة أو المشاركة عسكرياً في مواجهة الانقلابيين الحوثيين بل ومحاولة اجتثاثه وطمسه من الخارطة السياسية اليمنية رغم ما يمثله من ثقل سياسي وما يتمتع به من حضور شعبي يعلمه الإصلاح ويعرفه جيداً..


إن المفروض والطبيعي أن يسارع الإصلاح إلى الشراكة السياسية مع حزب المؤتمر باعتبار ذلك يحميه ويوفر له غطاء سياسي لصالحه خصوصاً وأن احتمالات تداعي المواقف السياسية ضده محلياً وإقليمياً ودولياً مستقبلاً واردة جداً.


وعليه أن يأخذ العبرة من التاريخ ويتذكر أحد شواهده عندما تم إقصاء الحزب الاشتراكي بعد حرب صيف 94  ليحل محله كمكافأة على مشاركته إن لم يكن قيادته لتلك الحرب تحت غطاء الدولة كما هي عادة الإخوان وأسلوبهم منذ النشأة وحتى الآن..


ثم ماذا كانت النتائج الكارثية جراء هذا الأمر الذي ما يزال اليمنيون يدفعون ضريبتها وكلفتها الباهظة بسبب مضاعفاته حتى الآن ولعقود قادمة.


الثانية: رؤيته وتعامله مع الوظيفة العامة للدولة واعتبار  أتباعه الأحق بها والأقدر والأصدق لتوليها وتسخير آلته الإعلامية الموازية ومنصات التواصل الاجتماعي لمناصريه وكل جيوشه الإلكترونية المعلومة والمستعارة لبث الشائعات وترويج الأكاذيب ضد كل من يتعين في منصب حكومي خارج جماعتهم أو رفض دخول بيت طاعتهم والسعي لإفشاله أو تصويره للرأي العام إنه كذلك..


والطبيعي أن يُسخر إعلامه للتعايش والبناء وإقامة بنيان الدولة ومواجهة الإنقلاب، خصوصاً وأن 80٪ من هذا الإعلام حالياً موجه ضد شركائه السياسيين بالشرعية وكيانات وأحزاب معادية للحوثيين وتقاتلهم في جبهات الساحل الغربي ولحج والضالع والبيضاء..


الثالثة: تعامله مع مبدأ حرية الرأي والتعبير فهو يتعامل بشكل فج وعدائي مع أي رأي مخالف ويستخدم كل وسائله الإعلامية التي تفوق إمكانات الدولة والأحزاب الأخرى أضعاف (حتى الإعلام الرسمي تم اجتياح أغلبه بمناصريهم) وهذا الأمر يبعث برسائل سلبية ويعزز من مخاوف كثيرين من المستقبل ..


الرابعة : تعامله مع التحالف العربي عموماً ومع الإمارات بشكل خاص..


فالكثير من الإعلاميين المحسوبين عليهم وكيانهم الإعلامي الموازي تشن حملات متتابعة ضد السعودية وإذا امتدحوها فتعريض بالإمارات أو كمدخل لتغليف الهجوم عليها.


أما ما يتعلق بالإمارات فإن قيادات بارزة في الإخوان ينزلون سباً وقدحاً فيها صباح مساء وعند صلاة الفجر وعند الغروب وحتى في أحلام نومهم في كل وسائلهم الإعلامية وبعضها تسبب غصة للمملكة العربية السعودية وحرجاً للرئيس عبدربه منصور هادي .


إن أقل يوم يتم فيه بث ونشر أخبار ضد الإمارات يتجاوز الثلاثين خبراً ومئات اذ لم يكن الآلاف من التغريدات في منصات التواصل الإجتماعي..


في رواية “أريد ساقاً أقف عليها” يحكي طبيب الأعصاب البريطاني “اوليفرساكس” تجربته الشخصية مع المرض وكيف تجاوز حالته النفسية بعد فقدانه للإحساس بأحد ساقيه بعد تعرضها لإصابة بسبب سقوطه في رحلة لتسلق الجبال..


يروى ساكس بطريقة علمية واجتماعية سبب كثرة السقطات في الحياة وكيف يمكن التعامل معها لتقف من جديد..


وحزب الإصلاح اليوم بحاجة ماسة لتعلم الدرس وإدراك أنه لا يمكن له الوقوف بينما هو يعادي شركاءه قبل خصومه ويكفر بمسلمات التعايش والاختلاف وحرية الرأي والتعبير والشراكة ليظهر أمام اليمنيين والإقليم والعالم بلا سيقان فيتعثر ويصعب عليه الوقوف..


*لماذا يعادي حزب الإصلاح المؤتمر الشعبي العام ويشن حملات قاسية ضده حتى يبدو للمتابع أنهم لا يعادون الحوثيين بقدر عدواتهم للمؤتمر؟


*لماذا يقف ضد التنظيم الناصري في تعز وغيرها؟


*لماذا يقف ضد المجلس الانتقالي والحراك الجنوبي؟


*لماذا تم تغييب جيلاً جديداً كان قد بدأ يتشكل من شباب الإصلاح ودفنته قيادته وأخرسته بعد الربيع العربي وكأن مهمته انتهت؟


بعض هذا الجيل بسبب الكبت والتهميش والضغط ينفجر الآن بمواقف متطرفة في الأمصار والأقطار تحكمه المصالح ليحدد المواقف.


*لماذا يقود حملات يومية ضد الإمارات العربية المتحدة الشريك الأول للسعودية في التحالف وهناك قنوات رسمية ولجان وهيئات يمكن طرح ونقاش أي قضايا عبرها بدلاً من التعامل بباطنية وسوء تقدير ومسؤولية؟


*لماذا كل هذا الضغط في فرض طوق حصار ضد الرئيس هادي والترهيب ضد رئيس الحكومة بن دغر ووزراءه الذين لا ينتمون لتجمع الإصلاح والظهور بأنهم من يمنح ويمنع وينزع الوظيفة الرسمية لهم؟


وهذا ليس شهادة في كفاءة الحكومة ورئيسها بل لأنها أيادي مرتعشة وتعتبر الوظيفة مغنم فإنها تخضع للتهديد وتستسلم للضغوط.


*لماذا التهم جاهزة لكل صاحب رأي أنه عميل للإمارات وبخطاب مقولب يعتبرون كل مختلف معهم أنه عفاشي ومن النظام الفاسد القديم رغم أنهم جميعاً بلا استثناء كانوا شركاء لعقود في ذلك النظام؟


أسئلة كثيرة تحتاج لإجابات مقنعة.. لماذا يفعلون ذلك ولمصلحة من ومن المستفيد؟


*إذا اعتقد التجمع اليمني للإصلاح أنه بهجومه اليومي ضد الإمارات يسعد السعودية ويمكن أن تسكت عنه للأبد فهو واهم..


وإذا اعتقد أنه باتباعه نهج جماعة الإخوان المسلمين في استهداف الإمارات والضغط على رئيس ضعيف مثل هادي حتى يطالب بإخراجها من التحالف ليخلوا له الملعب للبدء بلعبة ابتزاز طويلة النفس ضد المملكة العربية السعودية لجني الأموال وتكديس السلاح واللعب بورقة الحرب والدولة فهو واهم مرتين.!!!


 

زر الذهاب إلى الأعلى