مقالات

من مواطن تهامي إلى المبعوث الأممي

 


السيد مارتن جريفيث مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن..


 


أهلاً بك في الحديدة، ثاني أكثر المحافظات سكاناً بعد تعز بتعدادٍ يزيد عن 4 ملايين نسمة.


 


مرحباً بك في المحافظة الأكثر فقراً رغم ما فيها من ثرواتٍ يمكن أن تجعل أبناءها من الأكثر دخلاً والأفضل حالاً مما هم عليه منذ قرن تقريباً.


 


هل تعلم سيادة المبعوث أن أكثر من 70% من سكان هذا المحافظة المهمة والمزدحمة باتوا تحت خط الفقر وأحوج ما يكونون للإغاثة العاجلة، رغم وجود أكبر مخازن الإغاثة في وسط المدينة.


 


وأن أكثر من 200 ألف من أطفال الحديدة لا يحصلون على التغذية الكافية، ونحو 50 ألف منهم يعانون سوء تغذية، وضعف هذا العدد معرضون للأوبئة والحميّات في فصل الشتاء.


 


سيد جريفيث:


 


كانت محافظتنا آمنة مطمئنة حتى اجتاحتها عصابات الحوثيين بمختلف الأسلحة في أكتوبر 2014، وكان لدينا محافظ شرعي اضطروه للاستقالة بعد أن رفض الموافقة على تجنيد أكثر من 4000 من مليشياتهم وتعيين أتباعهم في وظائف إيرادية.


 


وأنت تتجول اليوم في أحياء المدينة المنكوبة اطلب من مستضيفيك (الغزاة) القادمين من ما وراء التاريخ أن يذهبوا بك إلى أحياء الخمسين والتسعين والربصة وغليل وكذلك المطار.


 


المهم اطلب منهم أن يطلعوك على ما أحدثوه من حفريات وخنادق، وكيف قطعوا أوصال الشوارع ودمروا شبكات المياه والكهرباء، وكيف أنهم استخدموا عشرات من حاويات الميناء متارس وملأوها بالتراب وقطعوا بها بعض الشوارع.


 


وكيف أنهم حتى سيطروا على المستشفيات وأعطوا الأولوية لجرحاهم وأتباعهم على حساب المرضى الفقراء.


 


كذلك اطلب منهم أن تزور سجن القلعة والسجن المركزي وسجن نادي الضباط، بل أتحداك أن تجعلهم يطلعوك على خارطة سجونهم السرية التي قتلوا فيها أكثر 16 مواطناً بالتعذيب.


 


واطلب منهم كذلك كشفاً بمواقع احتجاز أكثر من 220 مختطفا مدنيا، كثير منهم مرت عليهم 3 سنوات وآخرون مخفيون قسرياً لا يعلم عنهم أطفالهم وذووهم شيئاً.


 


هل تعلم مستر جريفيث أن 25% تقريباً من سكان المدينة غادروها نازحين، وأن ما لا يقل عن 40% منهم لم تصلهم سلة غذاء واحدة وأغلبهم لم يتم استيعابهم ضمن مخيمات إيواء.


 


بل إنهم جميعاً غادروا بيوتهم ومدينتهم في ظروف تشبه المغامرة دون تأمين ممرات آمنة لهم لذلك دفع نحو 50 مدنياً حياتهم بقصف التحالف وقذائف الحوثيين أثناء رحلات النزوح.


 


جل ما نريده منك أن تكون صادقاً في نقل حقيقة ما رأيته للعالم، أن نحو 400 ألف نسمة تتمترس بهم المليشيا الانقلابية وتتخذ منهم دروعاً بشرية لتقايض بحياتهم مكاسب سياسية في ظل انحسارها العسكري الأكيد.


 


ولعل من المهم تذكيرك أن الحديدة ليست الميناء والمدينة فحسب بل 26 مديرية، الجنوبية منها تعيش معاناة إنسانية صعبة ومؤسفة نظراً لما تشهده من قصفٍ حوثي يومي بشكل عشوائي يستهدف المدنيين، بإمكانك على سبيل التأكد أن تزور حيس والتحيتا كأنموذجين على ذلك، فالضحايا من مدينة حيس التي حررتها القوات المشتركة بإسناد التحالف خسرت نحو 70 مدنياً بينهم أطفال ونساء بقذائف الحوثيين وقرابة 60 آخرين قضوا بالصواريخ.


 


وفي طريق ذهابك إلى العاصمة عدن بإمكانك أن تمر على مخيمات النزوح الرديئة في الخوخة وضواحي عدن ومزارع لحج وكيف يعاني الفقراء مع اشتداد برد الشتاء.


 


فكر فيهم بصفتك إنساناً ليس أكثر.. وسنكون في انتظار إفادتك لنشهد على ما ستقوله عن بلدتنا الطيبة المحتلة من قبل عصابات همجية انقلابية نعرفها أكثر منك.


 


كل ما أرجوه منك أن تكون صادقاً وأن لا تكذب أو تجامل أو تضلل على حساب الرسالة الإنسانية التي تحملها.


 


إياك يا مارتن أن تتاجر بمعاناتنا، فلعنة التاريخ والفقراء لن تتركك..


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى