المبعوث الدولي لحماية رافعات ميناء الحديدة…!

 


يتباكى المبعوث الدولي السيد غريفيث على تدهور الوضع الإنساني في الحديدة بشكل خاص واليمن بشكل عام، وخلال زيارته الأخيرة حرص أن يلتقي بقيادات عصابة الحوثي وزيارة ميناء الحديدة، وكان لافتا أنه يتفقد الرافعات والرصيف باهتمام بالغ، ومن أجل ذلك عقد مؤتمر صحفيا حتى اعتقد البعض أنه سيتحدث عن إصابة الرافعات بالكوليرا وسوء التغذية، لكنه لم يكترث بمآسي أبناء الحديدة، وأراد من الزيارة إعلان استلامه مفتاح ميناء الحديدة، وأن يعطي لنفسه حق إدارة هذا الميناء.


 


 


 


لحظتها كانت المدينة تنزف.. وقذائف الهاون والدبابات الحوثية تقصف مواقع المقاومة بوحشية.. اعتقدنا ونحن نتجول في المدينة أن غريفيث الذي سرب قبل ساعات لوكالة رويترز خبر عدم زيارته للحديدة غير متواجد إلى أن اتصلت بأحد الزملاء في العاصمة صنعاء فأكد لنا خبر تحرك المبعوث الدولي إلى الحديدة.


 


 


 


المهم.. فعلها المبعوث الدولي وأراد من وراء زيارته لميناء الحديدة أن يضرب عصفورين بحجر واحدة، فقد تعمد أن يحرم الشعب اليمني وخصوصاً أبناء الحديدة فرحة النصر والتحرير، وجن جنونه من انتصارات المقاومة، فطالب بلاده أن تتحرك وتدعو مجلس الأمن للانعقاد لوقف تقدم المقاومة اليمنية من إحراز انتصار كامل في الحديدة، وسعى غريفيث أيضا إلى إنقاذ عصابة الحوثي من الهزيمة والانهيار مقابل أن يسلموا له الميناء وليس للحكومة الشرعية.


 


 


 


هذه هي أهداف زيارة المبعوث الدولي، بينما ظلت مدينة الحديدة وسكانها لا تعنيه في شيء؛ لأن الأهم هو سلامة الرافعات في الميناء، وليس حماية المدنيين الذين تتخذ عصابة الحوثي أجسادهم دروعا بشرية ومتاريس لاستمرار حربها القذرة في هذه المدينة المسالمة.


 


 


 


انتهت الزيارة التآمرية وخيل للمبعوث الدولي أن بنادق المقاومة اليمنية ستنام إلى آخر الدهر، وأنها سترحب به كما رحب الحوثة الذين يتوهمون أنهم بمتاجرتهم بميناء الحديدة وتسليمه للأجانب يمكن أن يقبل الشعب اليمني بذلك، بل لقد أدرك الأبطال بشاعة المؤامرة وازدادوا إيمانا وقناعة بضرورة استكمال تحرير مدينة الحديدة مهما كان الثمن الذي يدفعونه.


 


 


 


لذا تشاهد أبطال المقاومة غير مكترثين بهذه الزيارات المكوكية والهدن الكاذبة، فهي لا تزيدهم إلا قناعة بأن معركة تحرير مدينة الحديدة أصبحت معركة مقدسة ومصيرية.


 


 


 


في كل مكان تجد أن قوات المقاومة اليمنية في أتم الجاهزية لخوض المعركة الفاصلة، تدرك ذلك وهم يتحدثون معك أنهم على حق.. يقنعوك بسرعة عجيبة بضرورة اجتثاث عصابة الكهنوت، خاصة عندما تجول بنظرك في تفاصيل المدينة وتشاهد العبث والدمار طال كل شيء جميل في عروس البحر الأحمر، فحيثما تتجه ببصرك ترى صور ومشاهد تفطر القلب لواحدة من أبشع وأفظع الممارسات الهمجية التي حدثت في غابر الأزمان، فهذا ما تعيشه اليوم مدينة الحديدة وأبناؤها.. إنها نفس التراجيديا التي تقشعر من هولها الأبدان.


 


 


 


جرائم مليشيات الحوثي في الحديدة تشبه ببشاعتها جريمة الطاغية أحمد حميد الدين الذي أباح لعكفته العاصمة صنعاء عام 1948م، انتقاماً من سكانها بعد ثورة الدستوريين، فاستباح الهمج كل شيء في المدينة، واليوم أباح الحوثي كل ما في مدينة الحديدة لميليشياته.. دماء وأموال الناس وحقوقهم، وبنفس السرق (المهنجمين)، لكن إلى الآن لم يظهر من يمتلك شجاعة (الحلبي) ويقول للحوثة: (اسرقوا.. اسرقوا.. بس بنظام)


 


 


 


“يا لطيف.. حتى غريفيث جاء (يتفيد) الميناء مرة واحدة”!! قالها بغضب أحد أبطال المقاومة وأطلق يده مهددا: “والله ما دخل أجنبي الميناء إلا وقد أكلتنا الدود.. يا صحافة قولوا لمجلس الأمن: الميناء أبعد عليهم من عين الشمس، والحديدة مدينة أبي وأجدادي ولن نقبل حوثي ولا بريطاني.. فهمتهم..”!! وضرب بيده على سلاحه.. كان شرر الغضب يتطاير من وجهه الذي تغطية الأتربة، وعيناه تبعث بريقا يثير الخوف.


 


 


 


وقال مقاوم آخر: “شوفوا ما فعل الحوثي بأهلنا.. شوف مدينة الحديدة.. صوروا البيوت.. صوروا الدمار.. وجثث المغرر بهم الذين يرميهم للموت ويترك جثثهم مرمية في الشوارع.. تريدونا نسكت ونتوقف؟!! لقد ضحينا بأغلى الرجال على طول الساحل.. كم من بطل، سقطت جماجمهم من أجل تحرير الحديدة، واليوم يبونا نرقد مثل جبهة نهم.. لا والله.. وليعرف ذلك القاصي والداني.. بنادقنا لن تستريح إلا بعد تحرير العاصمة صنعاء.. سمعتم.. لن نسمح لكائن من كان أن يسرق نصرنا بصفقة سياسية قذرة.. البلاد مش حق الحوثي.. مش حق الحوثي.. إذا سكت الإعلام.. بنادقنا لن تسكت.”


 


 


 


قطع نقاشنا أحد منتسبي المقاومة وهو يخاطب من حولنا: الغداء جاهز.. فشعرنا بمنقذ يخرجنا من هذا النقاش الحاد.


 


 


 


قلت لمن حولي تخيلوا أن الشاعر إبراهيم صادق يتجول معنا في شوارع الحديدة ماذا سيقول عن مآذن المساجد التي حولها الحوثيون إلى أشباح يسكنها القناصة لإزهاق أرواح الأبرياء؟ ماذا ستكون ردة فعله والحوثي قد حول عقود الفل ومشاقر الكاذي إلى الغام ومفخخات، وعبثه الانتقامي الحاقد طال كل شيء في مدينة الحديدة..؟  منازل، فنادق، متاجر، محطات تحلية المياه، سوبر ماركتات، حتى محلات “السرويس” كلها أصبحت محروقة أو منهوبة.. وما تبقى صار مجرد أطلال.


 


 


 


وبين كل هذا الدمار والرماد، تشاهد ملازم الصريع الدجال حسين الحوثي مكدسة وكميات كبيرة من منشورات وصور وخطب الدجال عبدالملك الحوثي مرمية بقرب الشوالات الرملية وأكوام من الظروف الفارغة للمقذوفات النارية المختلفة، وصور صرعى المليشيات وبقايا حيطان وأبواب محطمة وملابس قديمة ولعب أطفال مبعثرة.


 


 


 


كان الوقت ظهراً.. فاشتقنا للصلاة.. وبنا رغبة جامحة للتضرع والابتهال إلى الله أن يرحم أهلنا في الحديدة وكل اليمن، لكننا صدمنا عندما وجدنا أن بيوت الله في شارع صنعاء قد حولها أنصار الشيطان إلى متاريس ومقالب وأماكن لقضاء حاجاتهم.


 


 


 


الغيرة على بيوت الله ارتفعت عند الزملاء.. فقال صادق شلي مازحاً: احمدوا الله أن الحوثة لم يلحقوا يفجروا المساجد، والله لوما طاردهم أبطال المقاومة ما خلوا بها حجر، فتفجير المساجد ودور تحفيظ القرآن وقتل الناس داخل بيوت الله مهنة محببة للحوثيين ومتوارثة من جدهم الأول أبو لؤلؤة المجوسي.


 


 


 


رجعنا إلى المكان المفترض أنه آمن داخل المدينة ومعنا (علي) أحد شباب مدينة الحديدة من منتسبي المقاومة والذي قام بمهمة مرافقتنا وتعريفنا على أحياء المدينة.. ونعرفكم على  (علي) الذي يصفه زملاؤه بالمقاتل الشجاع حيث يخوض معارك شرسة ببسالة نادرة  ضد الحوثة رغبة منه في العودة إلى منزلهم الذي لا يبعد عنه إلا عشرات الأمتار و ماتزال تحتله عصابة الحوثي.


 


 


 


تصوروا.. لم تتسع الأرض للمقاوم (علي) فهو يقاتل المليشيات في كل شارع وحارة.. يريد العودة إلى عشه.. تربطه علاقة مميزة مع رفاق السلاح من أبطال العمالقة والمقاومة التهامية.. إنه واحد من أبناء هذه المدينة الجريحة، والمتابع لتفاصيل التحركات داخلها..


 


 


 


هذا الشاب يروي زملاؤه عنه حكايات كثيرة ومنها.. قيامه مع عدد 5 من رفاقه باقتحام كلية الهندسة وطرد المليشيات منها خلال ساعات.. إنه يقول بثقة: الحوثي بمدينة الحديدة أصبح (أسد مفرشة) ويريد المبعوث الدولي يعمل له مخالب وأنياب في الوقت الضائع..!


 


 

Exit mobile version