مقالات

ياصنعاء.. إما الحوثي وإما اليمن

 


صارت صنعاء بعيده جدا عن كل اليمن، وكل ماجمعته هذه المدينة في خمسين سنة وأكثر منذ استقر الحال بعثره الجاهل عبدالملك الحوثي في أربع سنوات، العائليات التجارية، الأحزاب السياسية، الصحف والمنظمات، الشخصيات، الأسواق، حتى المطاعم والفنادق.


ما لم يتدارك كبار صنعاء ومحيطها الأمر، ويدفنون الحوثي اليوم قبل الغد فإن صعده ستدفن صنعاء وتعيدها لحالها قبل الجمهورية اليمنية، اليوم يسير اليمني في شوارع مدينة مأرب فيرى أهله من كل المناطق يخدمون بعضهم، هذا يفتح دكان وذاك مطعم وآخر فندق، هذا الوجود كله كان في صنعاء، لكنه اليوم يتسرب منها، وما بقي فيها، لا يزال يظن أن صنعاء ستتجاوز “الحوثي” عن قريب.


تبحث عن غرفة في فندق في سيئون أو المكلا، فترى مأربي وشبواني وتهامي وتعزي.. فتحوا لهم محلات جديدة بين فندق ومطعم او مغسلة.


قال لي عصام بلكنة صنعانية كاملة انه لم يسبق له أن استقر خارج صنعاء الا هذه المره فمنذ ثلاثة أشهر غادرها واستقر في المكلا ويعمل في احد فنادقها.


لاعلاقة له بالسياسة.. لكن صنعاء صارت ملونة بـ”الاخضر” شعار تعبده من دون اليمن، وكلما طال الأمر بدأت الجامعات والمدارس والمستشفيات تنتقل منها.


لايفهم الحوثي، مشاعر الناس، ولا يكترث لها.. لكن الناس سيرون هذه اليمن وهي تغادر صنعاء.


تسير في شوارع عدن.. فترى كأن صنعاء كلها صارت فيها.


رجال ونساء من قلب صنعاء، لاعلاقة لهم بالسياسة أيضا، لكنهم تركوا صنعاء “الظالم سلطانها”، وصارت مصادر رزقهم في قلب عدن.


لم يقطعوا علاقتهم بصنعاء.. لكنها لم تعد مركز الحياة عندهم، اليمن التي كانت متكومة في صنعاء توزع مابقي منها، والالاف منهم في دول أخرى خارج اليمن.


لا يزال اليمنيون متمسكين بالحياة في صنعاء على أمل أن تغسل الحوثي من وجهها قريبا.. ولأن المناطق خارج صنعاء لاتزال تعاني من المشاكل الادارية والامنية.


أما ان استقر الحال في المناطق التي تطهرت من دنس عبدالملك وزبانيته وشعاراتهم العنصرية وقبحهم الديني وعدوانيتهم القومية والوطنية، فلا اعتقد ان احدا فيها سيسمع اسم صنعاء من جديد.


وفي الشتات يمن كامل.. يمن الجمهورية والتعددية يكاد يتوزع في المنافي..


الحوثي وحده صامد في عدوانيته وشره وصلفه، حتى انه يعين محافظا لحضرموت داخل صنعاء.


ولعل حكاية صديقي “المدير العام” في المكلا، هي ابلغ رد على هذه الصفاقة وصمود الجهل الحوثي..


تلقى مدير عام في المكلا اتصالا من صنعاء دعوة له لزيارة وزيره فيها، مع وعد انه سيتم تحسين ظروفه لو قبل، فقال لهم: لكن انتم اصلا بلامرتبات فكيف تدعوني لوظيفة بلامرتب؟


قال لهم انه كان اذا ارسل موظفا الى صنعاء يرسل له مستحقاته من المكلا.


قالوا له: ولكنك مؤتمري، ولن يقبل بك الحراك، فقال لهم: مافي حراكي قتل مؤتمري.. اما انتم فقتلتم رئيس المؤتمر بكله. فكيف سأضمن عمري أنا عندكم.. في صنعاء لا عاد تضمن عمر ولا مرتب.


صنعاء، بحاجة لهبة يمنية تنقذها من الحوثي، قبل أن تفقدها اليمن بكلها.. ولكن هي ايضا عليها ان تنتبه أنها تخسر اليمن شبرا شبرا وتشتري جماعة بلا عقل ولا منطق ولا دين ولا وطنية.


 

زر الذهاب إلى الأعلى