الطابور الخامس في الدوحة

 


مصطلح الطابور الخامس، أطلقه الجنرال إميليو مولا، القائد العام لجيش الشمال إبان الحرب الأهلية الإسبانية، في العام 1936 م، حيث تألف جيش الوطنيين من أربعة طوابير، وكان يريد طمأنتهم بوجود دعم داخلي، فقال لجنوده «إن مع الوطنيين لجيش الجنرال فرانكو ضد الحكومة طابوراً خامساً، وسوف يتحرك في الوقت المناسب»، ثم أصبح المصطلح بعد ذلك، في الأدبيات السياسية، يعني الجواسيس والخونة، والآن أصبح يعني، في وقتنا الحاضر، المرتزقة ومثيري الفتن والاضطرابات.


لاحظتُ أن مثيري الفتن في الدوحة، وخلال حادثة خاشقجي، وما ترتب عليها، كان يهدف بشكل علني إلى تحطيم السعودية وتشويه صورتها، ولكن في عمق المشهد، وجدت رسالة أخرى، يحاولون تمريرها بأي ثمن، في جميع برامجهم وتقاريرهم، وهي ترسيخ صورة علاقة سرية بين السعودية وإسرائيل، باعتبارها تحصيل حاصل، وخلال بحث علمي قمت به، أخذتني الدهشة، لما وجدته وراء الأكمة.


لنتفق في البداية، أن إيران وتركيا وإسرائيل، هذه الدول البالغ تعداد سكانها حوالي 170 مليوناً، يُعدون أقليات متفرقة مقارنة مع المحيط العربي الكبير الذي يبلغ حوالي 400 مليون نسمة، وكما هو معروف، الأقليات، في الغرف الخلفية، تتحد في الأهداف لتبقى، ولنتفق أيضاً، أن اللوبي الصهيوني في أميركا، ومنذ خمسينيات القرن الماضي، تحول بشكل كامل من مستوى التأثير على السياسة الأميركية إلى مستوى السيطرة على القرار الأميركي، من خلال التوغّل في الكونغرس الأميركي.


هذه ليست مجرد تخمينات، فكلنا نعرف أن منظمة «إيباك» واحدة من أقوى المنظمات التي ترسم القرار السياسي في الكونغرس الأميركي وهي أكثر منظمة تساعد في مشروعات القوانين وتقديم معلومات والأوامر للنواب والشيوخ في آن معاً حول أي قرار سيصدر بخصوص الشرق الأوسط.


السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هنا، إذا كان اللوبي الصهيوني يسيطر على الكونغرس الأميركي، فلماذا تم تمرير مشروع قرار بإدانة السعودية بخصوص حادثة خاشقجي؟ إذاً، سنجد وراء الأكمة ثمة مؤامرة تم تخطيطها جيداً في الغرف الخلفية، ويجري تنفيذها بشكل علني وفاضح من قبل مثيري الفتن ومرتزقة الطابور الخامس الذين تجمعوا كلهم اليوم في الدوحة.


ما الذي حدث فعلاً؟ من خلال البحث، فإن المسألة في غاية الوضوح، فقد وجدت إسرائيل، ومنذ العام 1995، ضالتها في الحمدين ومرتزقتهم، كقوى طابور خامس، لإضعاف الأمة عموماً وتفكيكها، ومحاولة إضعاف الخليج العربي وجعله لقمة سائغة، أو على الأقل، خلخلة أركان البيت الكبرى، السعودية والإمارات، وأن مهمة الطابور الخامس في الدوحة، التحرك قبل المعركة الحاسمة، وليس خلالها، وقد صدرت الأوامر بالتنفيذ، لدرجة بات كثير من الجهلة، يعتقدون، أن تل أبيب تدافع عن مكة، وأن أردوغان هو خليفة للمسلمين جميعاً، وأن نتنياهو يحب السعودية ولذلك على هؤلاء الجهلة أن يكرهوا السعودية! مأساة حقيقية!


 


للعلم لست ضد أية علاقات ندية تتفق مع المصالح العليا، ولكنني ضد التسويق الفاضح الذي يقوم به الطابور الخامس في الدوحة للأكاذيب، وضد أن يتحول بلد عربي، مثل جزيرة شرق سلوى (قطر سابقاً)، بأفعال الحمدين وتميم، إلى مجرد طابور في الجيش الإسرائيلي، لخدمة الأغراض السرية غير المعلنة.


بالنسبة لنا، فإن ما يهمنا ويعنينا من تلك العلاقات، هي المعلنة الصريحة، موقف الشيخ زايد رحمه الله، حين قال «إن الدم العربي أغلى من النفط العربي» ومواقف ملوك المملكة العربية السعودية منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز آل سعود إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، والتي استنكرت وتستنكر وترفض اغتصاب الصهاينة لفلسطين.


 


 

Exit mobile version