ذهبت رياح أحمد العواضي..!

 


ماذا أنت فاعل؟ وكل تميمةٍ ضاقت، كأن الخوف والظلمات ما صنعت يداك، لمن ستشكو، كلما هبّو: تذكر أن من أسمائك الحسنى الزمان، وأن من أسمائك الحسنى القتال، وأن من أسمائك الرايات.


بصورة أكثر من مفاجئة اختفى الشاعر أحمد ضيف العواضي، والذي أرّخ بلغة الياسمين لمستقبل اليمن القريب.. اختفى كمن فر من واقعها المضطرب.. واقعها الذي رغم صدق نبوءات قصائده التي كتبها حتى العام 2000م عن مآلات البلد، إلا أنها كمن وضعته في صدمة..!


هل كان الواقع أشد وأقسى من نبوءته..؟


ليست ثمة إجابة معقولة إلاّ من خلال هذه النثرية التي يقول فيها “وكلما أرخيت أوسطها على هذا المسمى الشعر تضطرب المقامات العلى حزناً وتخذلك اللغات.”


لقد صاغت قصائد أحمد العواضي بكثير من الحزن المقفى والألم المدور مستقبل البلاد القريب، لكن رياح المحبة ذهبت والبلاد عضت معصهما أسىً.. وحلت محلها الظلمات.. لم تخذل اللغة الشاعر أحمد العواضي، لأن اللغة مجرد رمز للبلد، لكن الانغماس في الحزن المقفى والألم المدور استولد روحاً جديدة له.. روحاً نزحت للمنتج القديم والذي يتجدد مع كل خيبة تصاب بها البلاد.


ذهبت رياحك والبلاد ترمم الرؤيا لليلٍ عابرٍ. لا وحي إلاّ ما تجود به الإشارة، وهي آخر ما تبقى من هواك، وكلما أرخيت أوسطها على هذا المسمى “الشعر” تضطرب المقامات العلى حزناً وتخذلك اللغات.


هبت عليك أسنة القربى: رياحْ رثةْ (وقبائلْ) موتى كأن الوقت يرفع في أسنته الهلاك لمن ستشكو، كلما هبوا.. تذكر أن من أسمائك الرايات. خذ بعض الحصى وجوارح الكلمات سيفاً كي تشق به المدى شرقاً، كأنك قبل أن تتقوس الدنيا وقبل الوقت أقدم من نبوءتهم إذا هبوا تحصن في هواك.


ذهبت رياحك والبلاد تمر أسراباً إلى ما لا تؤوله الشجون. كأن لا بلداً سوى ما أنت صانعه من المعنى الحنون. يكاد حزنك أن يضيء نهاية الدنيا فيطفئه الذهول. فمن يضيء زجاجة الدنيا إذا هبوا عليك لكي (تريهم) آيةً سقطت قديماً من مجرتها وأتعبها التأمل في النحيل من القصائد والخيول.


ذهبت رياحك والنجوم يخونها الآتي فتقترب البلاد إلى اليسار من الخراب، إلى اليمين من السراب، إلى جدار مائل مالت عليه أواصر القربى رياح رثة (وقبائل) موتى ونفط في أسنته الخرافة والكتاب.. أواصر القربى التراب إلى التراب إلى القصيدة والرحى، وندامة الكسعى والطلل المضاف إليه أسمال الخرافة والأماكن والسراب.


 


 

Exit mobile version