مقالات

اليمن.. مفكرون حاصرتهم اتهامات “الكفر والردة”

 


تنويه:


لا أعلم له كاتباً؛ وإنما وصلني عبر صديق؛ قال إنه متداول على (الواتساب) الذي تضيع فيه معظم الحقوق، وتكثر فيه سرقة الأفكار والرؤى!


بصرف النظر عن المحتوى.. لكن من يعلم كاتبه فليبلغه تقديري ويبلغني باسمه تكرماً..


 


شكراً للمهندس عبدالسلام منصور الجند


…..


في سبتمبر 1980، أصدر الدكتور حمود العودي كتاباً بعنوان (المدخل الاجتماعي في دراسة التاريخ والتراث العربي – دراسة حول المجتمع اليمني).


 


وبسبب هذا الكتاب تم اتهامه بالردة والكفر… فـ في 17 يناير 1985، تقدم حمود هاشم الذارحي ومحمد طارش عبدالله ومحمد علي المؤيد وعمر أحمد سيف إلى النيابة العامة، بدعوى احتساب ضد د. حمود العودي، بأنه “صدر منه في مؤلفاته التي اطلعنا عليها: الكفر بالله والاستهزاء به، الكفر بالقرآن، الكفر برسول الله، صلى الله عليه وسلم، وإنكار عصمته وتكذيبه، إنكار الغيب والاستهزاء بمن آمن به، الطعن في الإسلام، الطعن في الصحابة، اتهام اليمنيين بالكفر والنفاق، الترويج للشيوعية والدعوة لها والتمجيد لزعمائها، تمجيد المرتدين بقيادة الأسود العنسي”. وطلبوا إلقاء القبض عليه والتحقيق معه ومحاكمته، مبدين استعدادهم لتقديم الأدلة.


 


أحال النائب العام الشكوى إلى رئيس نيابة صنعاء، فأخذت أقوال أحد المحتسبين.


 


وفي الـ22 من الشهر نفسه، أخذت أقوال المتهم، فتبرأ مما تضمنته الدعوى. ولكن في اليوم نفسه، عاد د. العودي إلى منزله ليتلقى اتصالاً هاتفياً يقول: لقد قضي الأمر، ولن تقبل توبتك التي وعدت بها في الصباح، ولا دفاعك، فقد لا ترى صباحاً بعد اليوم”.


 


اضطر لمغادرة اليمن في ذلك اليوم بمفرده، قطع مسافة طويلة سيراً إلى عدن.


وبقي 5 سنوات متنقلاً بينها وبين دمشق وبعض العواصم العربية والأجنبية.


 


كتب توكيلاً لرئيس اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، مرفقاً برأيه الذي كتبه دفاعاً عن نفسه وعن كتابه “المدخل الاجتماعي لدراسة التاريخ والتراث العربي والإسلامي”. رفضت المحكمة ذلك، ولم تورد منه شيئاً في حيثيات الحكم، وعقدت جلساتها وإجراءاتها في جو من التكتم والسرية.


 


كتب رداً تحليلياً مفصلاً وشاملاً على ما ورد في لائحة أدلة الإثبات، أرسله إلى رئيس الجمهورية، رئيس مجلس القضاء الأعلى. لم يتلقَّ رداً، فبادر إلى نشره في كتيب صغير حُظر توزيعه في اليمن.


 


وفي 2 يناير 1986، كتب رسالة إلى رئيس الجمهورية، رئيس مجلس القضاء، أبدى فيها استعداده للمثول أمام المحكمة، شرط ضمان: حقه في اختيار هيئة الدفاع، علانية المحاكمة، كفالة حق جميع أطراف القضية في التعبير عن آرائها داخل وخارج المحكمة، وتأمين حياة كل أطراف القضية.


 


ويقول “الشيء الوحيد الذي سمعته ووصلني بعد ذلك بشهر ونصف الشهر تقريباً هو صدور حكم محكمة جنوب صنعاء في القضية، والذي لم يكن ليحمل أي جديد، أكثر مما حكم به مقدماً وزير العدل بحضور النائب العام، وهو: إما التوبة وتسفيه ما قلته أو كتبته، وإما إقامة حد الردة. وإزاء ذلك قمت أولاً بتجميع كل الوثائق المتعلقة بالتهمة، وإجراءات المحاكمة، ودفاعي عن نفسي، ضمنتها كتاباً منشوراً بعنوان التهمة والدفاع، من محكمة الصمت إلى محكمة التاريخ”.


 


وصدر عام 1988 ملف ثان في كتاب بعنوان “متهم بالكفر يبحث عن محكمة”، تضمن نص الحكم الابتدائي، والرد التفصيلي، متضمناً وقائع وحيثيات إجراءات المحكمة العليا، ونص حكم البراءة الصادر في العام 1992، وتحليل الأبعاد والدلالات السياسية والدينية، والدروس المستفادة.


 


قال د. العودي إنه عام 1986 بلغته أيضاً، وهو في عدن، أخبار عن دعوى شبيهة رُفعت ضد د. عبدالعزيز المقالح، بسبب قصيدته التي يقول فيها: “كان الله –قديماً– حباً، كان سحابة، كان نهاراً في الليل، أغنية تتمدد فوق جبال الحزن. صار الله رماداً، صمتاً، رعباً في كف الجلادين، أرضاً تتورم بالبترول، حقلاً ينبت سبحات وعمائم…” لكن إجراءات المحاكمة لم تكتمل، قطعها المقالح نفسه، بما يمكن وصفه برسالة مصالحة مع المحتسبين.


 


لم يكن العودي الوحيد من تم اتهامه بالردة والكفر من قبل قريش ورموزها، بل سبقه بذلك كثير من الرموز اليمنية مثل الملك عبهلة بن غوث العنسي الذي اتُهِمَ بالردة وادعاء النبوة لأنه قاد حركة وثورة وطنية ضد الوصاية الفارسية والقرشية على اليمن، وكذلك عبدالله ابن ابي بن سلول الذي اتُهِمَ بأنه كبير المنافقين، وكذلك الحافظ والمقريء والصحابي عبدالرحمن ابن ملجم المرادي، وقيس بن مكشوح والأشعث ابن قيس الكندي، ومعد بن يكرب الزبيدي، وعبدالرحمن ابن الاشعث ابن قيس الكندي، وكذلك الحسن الهمداني، ونشوان الحميري، وعلي ابن الفضل، والمحلوي والمقالح وغيرهم الكثير لأنهم سلطوا الضوء على الحقائق التاريخية أو قادوا ثورات وطنية قومية والتي غيّبتها كتب قريش وبني هاشم عن الجميع.


 


* من صفحة الكاتب علی (الفيس بوك)


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى