العقلية الإقصائية

 


شعبا أرهقه الاستبداد, بعقليته الأنانية الإقصائية, التي فوتت كم فرصة من نهضة وطن, ورحابة كون لتحيا امة بسعادة ووفاق وأمل.


أرهقه العنف والصراعات والحروب, والهيمنة والتسلط, وفرض أمر واقع عليه أن يتقبله, بفساده وعفنة واستبداده.


شعبا قرر بوعي أن يغير واقعه, لينطلق ويلحق ركب العصر, بربيع شهد له العالم, حينما تصدر المشهد الثوري جمال الروح من قوى ناعمة وعقل ومنطق أنساني مشبع بحب وأمل وشوق للحياة, المرأة والشباب والثقافة والفكر بالكلمة والقلم تغلبوا جميعا على العنف والسلاح, تكالب عليها الاستبداد وتحالفاته.


رغم التحديات وحجم التراكمات وارث المظالم والألم, نفوسا تعافت وكانت في مستوى التحدي, ونفوسا لازالت عليله, فتفوقت عليها عقليتها الأنانية فتأبى إلا أن تتدبر الخطى الرتيبة للثورة, وهي لا تشكل غير إست بعوضة, وبعيونٍ قرنيتها محدبة الإطار، تغدو كل الأشياء صغيرة، وضئيلة، ولا شيء كبير سواها, مبدده أحلام وطموحات امة وشعب, بخطى واثقة تمشي حمقا.


هذه العقلية التي خرجت من رحم تلك المعاناة يشتد جنونها, عندما تملك مخالب وقوة, لتتحول لوحش يحاول أن يلتهم من حوله، تنسى ما جرى لها, وتمارسه على الآخرين, لتعيدنا لواقع أسوء مما كنا عليه, فارضه أنانيتها مقصيه كل من يعارضها, لا ترى بغير تلك المحدبة الملعونة بسلوك ومنطق إقصائي, وانتهاكات جسيمة, لتفرض أنانيتها وكيانها العفن .


في بلدي السعيد اليمن تعيسا بتلك العقلية الاقصائية التي تعبث بالشمال والجنوب معا, كلما تجاوزنا المعوقات لنتقدم خطوات للأمام , تعود بنا لنقطة الصفر, تفرض العنف واقعا والسلاح أداءه , في زمن لم يعد العنف والسلاح ينتج غير مزيدا من التشرذم والتمزق والألم والأوجاع والموت والخراب , وتبدأ روائحها الكريهة تنبعث , بمشاريع كراهية وتعصب مناطقي طائفي قذر, فسادها استبدادها أنانيتها, انتهاكاتها سجونها ومليشياتها , وتصب غضبها لمعاقبة الناس, وتزداد عنجهية حين لا تسمع أنين الضحايا, بل تصر على المضي  بخطأ ما رفضته الثورة, إنها الثورة المضادة بلباس ثوري قشيب.


تصدر الجهل والتخلف وتتجرأ على إعلان مشروعها البغيض , ليعود بنا لتاريخ سحيق من الظلم والاضطهاد والجهل والمرض , بتهديد الهوية وارث كبير من نضال الأمة التحرري تهديد الجمهورية والدولة والوحدة كقيمة ومبدأ .


هذا واقعنا اليوم , وطن يفقد سيادته واستقلاله , ويزج به في أتون صراعات إقليمية خارجية لا علاقة له بها , بل تحول لساحة لتصفية حساباتها , وطن يدمر بيد أبنائه , يتشضى ويتمزق وفق ما يشتهيه الوزان , بنقطة الضعف تلك العقلية الأنانية ألإقصائية التي ترتمي بكل أريحيه للعمالة لأجل أن تشبع غريزتها الأنانية وجشعها ألإقصائي .


عقلية تحمل البندقية في وجه شركائها , والاتهام والتكفير والخيانة لكل من يعارضها , وتقدم حمامة السلام للخارج , بمفارقة عجيبة .


في ظل عقلية كهذه الحرب اليوم تأخذ منحى خطير, حرب لم تحرر وطن ولا إنسان , بل حرب استدعت قوى ترفض فكرة الثورة والدولة لترسخ عصبيات اللادوله, لتعيد الاستبداد والطغيان والظلم والاضطهاد لتنتصر للثورة المضادة لثورة شعب وحلم وأمل الناس , حربا يرفضها الجميع تفقد الوطن سيادته واستقلاله , وتعيد إنتاج أزماته , حربا عليها ان تتوقف ليقف الانهيار والارتماء لمزيد من الارتهان , لنحافظ على ما تبقى من وطن وسيادة وكرامة امة .


 


 

Exit mobile version