مقالات

الشرعية والتحالف.. الأزمات الحقيقية والمفتعلة

 


أتى هادي والإخوان بعد أزمة 2011، وعصفت بهم أزمة 2014.. أنقذهم التحالف وحاول أن يعيد ترتيبهم من جديد، وبدلاً من أن يستغلوا تلك الفرصة ويراجعوا ويصححوا أخطاءهم، علموا على تطوير نفس الأخطاء والطرق بنفس العقلية والذهنية التي ولدت أزمة 2014: استغلال دعم التحالف بالتعيينات والوظائف الجديدة والسيطرة على هادي.. تشكيل المقاومة وجيش جديد بنفس جيشهم الذي أسسوه بعد 2011، ومحاولة احتكار كل شيء وإقصاء كل من يختلف معاهم، متجاهلين ومتناسين بأن هذه كانت أحد الأسباب الجوهرية التي جعلت الكثير يلجأ إلى الإيمان بالحوثية والاصطفاف معها ليس حباً لها وإنما كرهاً للإخوانية التي احتكرت وأقصت وسرحت موظفين مدنيين وعسكريين وقيادات مختلفة تحت ذرائع ومسوغات عدة.. بعد أن كانت قد أحكمت قبضتها على بعض مؤسسات الدولة وأجهزتها.


 


تحالف هادي والإخوان يعيد نفسه مرة أخرى، إنه تحالف الضعيف مع الضعيف “وهن على وهن، وهم على وهم”.. عرفنا تحالفات مختلفة بكل ما عليها من ملاحظات، إلا أنها تكون قادرة على السيطرة على الواقع وتحمل المسؤولية وبأقل ما يمكن خلق محافظة شكلية على مؤسسات الدولة، لكن تحالف هادي والإخوان هو أسوأ وأقذر تحالف سياسي لربما على مدار التاريخ السياسي، لأنه تحالف من أجل الشراكة بالفساد فقط.


 


تحالف هادي والإخوان من أجل البحث عن المغانم دون تقديم ثمن لذلك، ولذا فهو تحالف ضعيف ورخيص دمر الدولة ودمر المجتمع سابقا وحاليا، ويدمر المنطقة أيضا.. ويستنزف التحالف ويسعى للانقلاب عليه وخلق أزمات جديدة مصطنعة دون أي مسؤولية لحل حقيقة الأزمات الجوهرية مع التحالف كما ينبغي وفق منطق سياسي محترم بعيدا عن المزايدات والحملات الإعلامية التضليلية.


 


يعزف إعلام الشرعية والإخوان على وتر التثوير ضد التحالف واتهامه بالتقصير، قيادات الإخوان والشرعية يلعبون دور الأب الشرير الذي يرسل أولاده السفهاء والمتخلفين لقذف منزل جاره بالحجارة.. وأمام جاره والناس يظهر انزعاجه من الموضوع وبأنه خطأ من أولاده المتخلفين الذي عجز عن تأديبهم، فيشتمهم ويوبخهم وحين يخلو بهم يقول أحسنتم يا أولاد، هكذا لابد أن يكون تكتيكنا وطبيعة معركتنا..


 


في الواقع تتخلق وتتطور أزمة قاتلة بين الشرعية والتحالف.. تقف الشرعية عاجزة عن أي تدابير في مواجهة هذه الأزمة.. تعجز عن أن تقوم بمسؤوليتها وتدع التحالف يقوم بمسؤوليته، تحمل التحالف مسؤوليتها ومسؤولية كل إخفاقها.. وأكثر من هذا أنها تتربص بالتحالف وتحاول جاهدة خلق أي أزمة إضافية للأزمة الجوهرية الحاصلة التي يجتهد التحالف في محاولة السيطرة عليها.


 


الأزمات الحقيقية التي تعاني منها الشرعية.. الفساد وتضخم الوظائف والتعيينات والصرفيات مقابل فشل وإخفاق بكل الملفات.. تعمل الشرعية ليل نهار بكل إصرار دون كلل أو ملل على الاحتكار واستعداء الآخر وهشاشة وركاكة إدارة الدولة والغياب عن الواقع، والبحث عن أزمات مصطنعة وأسباب ومبررات واهية.. ولذا كانت النتيجة إخفاق وتعثر جبهات الشرعية، كما أخفق وفشل وتعثر منطقهم السياسي والاجتماعي والدبلوملسي..


 


سيطر التحالف على نشوب اختلالات أكثر، نتيجة عجز الشرعية، فعزز تواجده وقوته حيث لابد أن يتواجد.. لاسيما في المناطق المحررة وبأماكن لا تزال فيها جبهات عسكرية وعمليات نوعية.. خلق قوى جديدة تقاتل لنفس أهداف الشرعية المعلنة.. فيحاولون جعل من كل هذه الجهود أزمات.. دون النظر في الأزمة الجوهرية التي هي ضعف الشرعية في بنيتها وعقلها السياسي والفساد الذي ينخر فيها.


 


لا يمكن الدفاع عن أخطاء التحالف والقول بعدم وجودها وإنكارها أو التقليل منها.. أو جعلها كلها تسببت فيها الشرعية.. للتحالف أخطاء أكيدة تظل الشرعية أحد الأسباب الرئيسة للوقوع فيها، وهنالك أسباب أخرى مختلفة يتحمل التحالف كل أخطائه صغيرها وكبيرها، عظيمها وحقيرها، وفق منطق سياسي حقيقي بطريقة منصفة وموضوعية بما له وما عليه.. بالاعتبار الكامل للظروف والتعقيدات التي عمل فيها، وكذلك الظروف والفرص التي كانت وما زالت سانحة للمراجعات والتصحيح بدون أي مبالغات أو مزايدات هنا أو هناك..


 


يدرك التحالف بأن عدم مجاملته في أخطائه ومصارحته فيها بكل شفافية وجرأة بدون استغلالها السياسي الرخيص وتوظيفها السياسي الابتزازي، هو الامتثال الحقيقي للقيم الوطنية والقومية والأخلاقية.. وبأن نجاحاته مرهونة بقدرته على تصحيح أخطائه وأن من يساعدونه في هذا هم أصدقاؤه الحقيقيون والبارزون بوطنهم وأمتهم.. وبأنه لم يعد اليوم بحاجة لمن يجمل له أخطاءه أو يدافع عنها ويزين له مسار الوقوع في الأخطاء.. لأنه يقف اليوم على تجربة ناضجة في هذا لمسار..


 


ولكن الأهم هو التساؤل الطبيعي والمنطقي، هل تسعى الشرعية والإخوان لمواجهة هذه الأخطاء من منطق سياسي محترم وبدافع وطني وأخلاقي؟!


هل تشخص هذه الأخطاء كما ينبغي أو تحاول أو تفكر؟!


هل هي مستعدة لمراجعة أخطائها وقيامها بمسؤولياتها كما يجب؟! أم أنها تخطئ في التشخيص فتخلق أزمات مصطنعة وتتجاهل جوهر الأزمات الحقيقية؟! وأنها تنطلق وفق أهواء سياسية وأساليب انتهازية ومزايدات رخيصة وأهداف سخيفة؟!


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى