مقالات

يتساءلون: هل هو مصلح أم مخرّب؟

 


تعتري المراقبين السياسيين والمتابعين منهم لأقوال الرئيس الأمريكي رونالد ترامب حالة من الحيرة تدفع بعضهم إلى التساؤل: هل يعمل على إصلاح سياسة بلاده أم يسعى إلى تخريبها؟ وهو تساؤل له ما يبرره من خلال ما تتضمنه بعض التصريحات وما تضمنه الأفعال. إن ما يقوله الرئيس ترامب عن سحب القوات الأمريكية من بعض المناطق الساخنة، وما يشير إليه بأن الولايات المتحدة ليست شرطي العالم، إنما يبدأ بذلك خطوة إصلاحية غير مسبوقة في التاريخ الحديث للدولة العظمى. وسوف يترتب عليها الكثير من الأحداث اللاحقة.


 كما أن تصريحاته التي يؤكد فيها خطأ الإزاحة بالقوة لنظاميّ كل من صدام حسين والقذافي، وإشارته إلى ما أعقب هذه الإزاحة من فوضى في البلدين، ومن ضياع للسيادة وتعريضهما للتفتت تحت مسميات مختلفة ، كل ذلك يعد تحولاً خطيراً في السياسة الأمريكية.


 ويمكن القول إن الرئيس ترامب يعاني من مشكلتين أساسيتين في مواقفة، الأولى تبدو واضحة في تناقضاته وعدم الثبات على موقف واحد في كثير من القضايا السياسية سواء منها تلك التي تتصل بعلاقة بلاده بأوروبا وروسيا من جهة وبالكوريتين الجنوبية والشمالية من جهة ثانية.


 أما مشكلته الثانية فهي في موقفه المنحاز مع الكيان الصهيوني الذي يحتل فلسطين العربية بقوة الحديد والنار وبدعم غير محدود من الولايات المتحدة في عمل غير إنساني ولا أخلاقي ، ويتنافى مع كل القوانين والأعراف الدولية والاجتماعية. وحتى الآن لم تقترب إصلاحات ترامب من هذا المجال بل ارتكب في حق هذه المأساة أكبر قضية لم يجرؤ على القيام بها سابقوه، وهو قراره بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وهو ما يجعله يبدو أكثر تعاطفاً واندفاعاً إلى صانعي المأساة من كل رؤساء الولايات المتحدة في العصر الحديث.


 إن أكبر عبء مادي ومعنوي تعاني من تبعاته الولايات المتحدة الأمريكية هو في قناعتها بأن تكون وصية غير إنسانية على الكيان الصهيوني، وهذا ما كان ينبغي أن يلتفت إليه الرئيس ترامب في رؤيته الإصلاحية -إن كانت كذلك- التي تتدارك أخطاء وخطايا السياسية التقليدية لبلاده. ويلاحظ أن اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة يتخذ موقفاً عدائياً من ترامب، يبدو ذلك من خلال مواقف اللوبى الاقتصادية والسياسية ومن خلال صحافته التي تشن حرباً شَعواء على الرئيس ترامب ومواقفه.


 إن الأنظار تتجه إلى ما يتخذه هذا الرئيس، أو بالأحرى ما ينوي اتخاذه، من إجراءات إصلاحية. والعالم يأمل أن يشمل برنامجه القادم شيئاً يخص الكيان الصهيوني، ويتعامل مع خطورة التمادي في الدعم غير المحدود لهذا الكيان العدواني المكلف.


 *من حائطه على الفيسبوك – الأربعاء 16 يناير/ كانون الثاني 2019م


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى