مقالات

لغة العيون

 


 العين مرآة القلب، فلا يستطيع الإنسان أن يكتم شيئاً عن الآخرين أو يخفيه أو ينكره، لأنهم سيرون ذلك المخفي قد كُتب على صفحة العين واضحاً جلياً..


 يقول الشاعر:


“كتم الحب فأفشته العيون”..


 ولأن لغة العيون لا تعرف الكذب يلجأ الكثير إلى استخراج الحقيقة من منكريها أو مدعيها


 بقولهم :”حط عينك بعيني”..


 ونصف السارق المحترف بإنه سارق مبهرر، أي لا يخشى نظر الناس إلى عيونه..


 وللعيون لغة مفهومه لا تحتاج إلى مدرسه أو معلم أو مترجم


يقول الشاعر:


أشارت بطرف العين خيفةأهلها                             إشارة مذعور ولم تتكلم ِ


 فأيقنت أن الطرف قد قال مرحباً


    وأهلاً وسهلاً بالحبيب المتيم ِ


 ويقول شاعر آخر:


 يبين طرفانا الذي في قلوبنا


 إذا استعجمت في المنطق الشفتان


 يقول مجنون ليلى:


 كلانا مظهرٌ للناس بُغضاً


           وكلٌ عند صاحبه مكينُ


 فكيف يفوت هذا الناس شيءٌ


      وما في القلب تظهره العيونُ


 


 ونحن دائما وأبداً إذا دخل الحب قلوبنا غطى على كل العيوب، فلا نرى إلا ما يحلو لنا أن نراه..


 وليس كما هي الأمور:


 وعين الرضا عن كل عيب كليلة


كما أن عين السخط تبدي المساوئا


 وتقول الأمثال : ” القرد بعين أمه غزال”


 العين قتاله:


 والمهم والخطير في موضوع العين أنها سفاح خطير ومجرم كبير وضحاياها كثيرٌ كثـيرٌ كثير


 وأكثر هؤلاء الضحايا هم أمة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم القائل في حديثه: ” أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين” وأدري أن مفهوم الحديث واضح ويعني الإصابة بالعين


 ولكني وجدت له معنى آخر اجتهاداً مني فإن أخطأت فلي آجر وإن أصبت كان لي أجران.. والمعنى الذي أريد توضيحه يشرحه قول الشاعر جرير:


 إن العيون التي في طرفها حور


      قتلننا ثم لم يحيين قتلانا


 وطبعاً العرب هم أكثر الضحايا، لأنهم دون خلق الله كافه مولعون  بالعيون ومشغولون بعشق العيون ويولون العيون وملحقاتها من رموش وحواجب اهتماماً ورعاية لا توصف


 وهم على مر العصور في دائرة العيون لم يخرجوا منها إلا قتلى أو  جرحى أو أسارى أو مجانين..


 يقول شاعرهم المتنبي:


وأنا الذي اجتلب المنية طرفه


فمن المطالب والقتيل القاتلُ


 ويغني آخر :


 صادت فؤادي بالعيون الملاح


 وثاني:


 أنا أسير العين والحواجب


وذبحوني عنيّه وقتلوني عنيّه


 وعينه مني ومجنني


وهكذا ضاعت الأمة وانهزمت لأنها لا تستطيع أن تخوض معركتين  في وقت واحد


 وللعلم وجدت أن ضحايا العيون أكثر من ضحايا المعارك التي يخوضها العرب في معركة الكرامة والذود عن الأوطان مصداقاً لقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: ” أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين”


 


 تستاهلي يا عين:


ولا يزال النزاع والخلاف بين العين والقلب قائماً والاتهامات المتبادلة مستمرة وكل منهما يلقي باللوم على الآخر..


 عاتبت قلبي لما


          رأيت جسمي نحيلا


 فألزم القلب طرفي


            وقال كنت الرسولا


 فقال طرفي لقلبي


          بل كنت أنت الدليلا


 وأنا أجزم بأن العين هي السبب في وقوع الإنسان في شباك العشق والهوى ولهذا أمر المولى عز وجل قائلاً:


 ” قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم”.. وحذر المصطفى صلوات ربي وسلامه عليه قائلاً: ” النظرة سهم مسموم”


 وقال الشاعر:


 نظر العيون إلى العيون هو الذي


      جعل الهلاك إلى الفؤاد سبيلا


 مازالت اللحظات تغزو قلبه


         حتى تشحط بينهن قتيلا


 وقد أفتت جدتي في هذه المسألة وفضت النزاع وأصدرت الحكم قائلة:


 تستاهلي يا عين إذا بكيتي


    أنتي الذي اخترني وذي رضيتي


 وقد يقول قائل:


 إن الأذن تعشق قبل العين أحياناً


 أقول له : أحياناً


 وإذا وجد العاشق عن طريق الأذن ما لم تحمده عيناه ردد المثل القائل وقد غير رأيه ” أن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه”


 إضاءه:


 كل الحوادث مبدأها من النظر


 ومعظم النار من مستصغر الشرر


 والمرء مادام ذا عين يقلبها


  في أعين الغيد موقوف على الخطر


 


 


 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى