“الجنوب”.. الذي لا يريده البعض

 


نشرت صحيفة “الأيام” خبراً عن قيام لجنة عسكرية مكلفة من قبل حكومة هادي، ببيع أرقام عسكرية قديمة منذ عهد دولة اليمن الديمقراطية الشعبية، وعرفت بكتيبة صالح منصر السييلي، وهي قوة عسكرية تم تجنيدها في العند قبل أن تتعرض للتسريح بعد حرب 1994م، ضمن مائة ألف موظف جنوبي سرحوا، حينها ولم تعالج أوضاعهم إلى اليوم. (الأيام)، أكدت ان اللجنة الحكومية تبيع أرقام (قوة السييلي) بمبلغ يتراوح بين (70 و100) ألف ريال يمني، في أحد فنادق العاصمة عدن.


 


قبل أسابيع سألني أحد أبناء لودر عن ما إذا كانت هناك إمكانية لتسوية أوضاع “كتيبة السييلي”، وقال لي إنهم مرقمون بـ(خمسة أرقام)، وإن تم تسريحهم بعد أن كانوا قوة عسكرية حقيقية، أغلب أفرادها ينتمون إلى لودر ومكيراس والضالع. اعترض الجنوبيون على مخرجات المبادرة الخليجية، وقال الكثير وأنا منهم “إنها مجرد مسرحية الهدف منها شرعنة الاحتلال اليمني للجنوب، أفشل الجنوبيون مسرحية انتخابات المرشح الوحيد، رفض الجنوبيون مؤتمر الحوار ومخرجاته، والبعض يصر على أن ما يحصل هو انتصار للقضية الجنوبية، وأن المارشال هو من سيأتي بالجنوب لا الجنوبيون الذين يرفضون هذه المشاريع”.


 


عقب مؤتمر الحوار اليمني فتح صندوق لمعالجة قضية الجنوب، ووضعته الحكومة في مزاد التسول، وقدمت الكثير من البلدان الداعمة مبالغ مالية كبيرة، وصلت وفق ما أعلن عنه “إلى ثلاثة مليارات دولار أمريكي”، لكنها لم تذهب لتسوية أوضاع الجنوبيين ابداً. بحت أصوات الناس في الجنوب وهم يطالبون بإنصافهم أو بتسوية أوضاعهم، ولكن لا حياة لمن تنادي.. حتى ذهبوا إلى تقديم دعوى قضائية ضد الحكومة، “إذا غريمك ابن أحمد بن دغر فمن المستحيل أن ينصفك حمود الهتار”.


 


عانى الجنوب الأمرين منذ ربع قرن كانت أبشع سنوات احتلال عرفها الجنوب، وها هم يبيعون حقوق الناس بمزاد علني، لأنه بالمختصر المفيد “الجنوب الذين يريدونه”، جنوب ممزق يعاني أهله من شظف العيش والبطالة والفقر، يتعرض أبناؤه للتنكيل والقتل والتخوين، يعرض شعبه لآلة إعلامية خبيثة، يشارك فيها بعض المرتزقة. إنهم يقولون ذلك بكل بجاحة “لا نريد الجنوب البعيد عن هيمنة صنعاء، يريدون جنوباً تحكمه عصابات صنعاء ومأرب”. يناوئون المجلس الانتقالي الجنوبي، ويشككون في قياداته ووطنيتهم، لا لشيء ولكن لأن هذه القيادات رفضت مشاريعهم. تلك مشاريع النهب والسلب لكل شيء في الجنوب، نهبوا كل شيء وجعلوا من بنك مأرب بنكاً مركزياً، في حين أن بنك عدن لا يزال فرعاً ومدون ذلك على بنايته.


 


حين اتجهت عدن، نحو بناء قوات أمنية وعسكرية، كانت المفخخات تنهش في شباب الجنوب، وتقتل وتجرح فيهم بالمئات، لأنهم كانوا يرفضون أن تكون للجنوب قوته العسكرية التي تدافع عن كرامة الشعب في وجه العدوان اليمني المتكررة.


 


الجنوب الذي لا يريده البعض، هو الجنوب الذي يستعيد فيه المسرحون وظائفهم وحقوقهم، جنوب تستعاد فيه الكرامة، وتنتهي فيه أعمال القتل والتنكيل بشعبه. يريدون جنوبا دون ميناء ولا مطار ولا مصافي، يريدون جنوبا ممزقا، مسرحا للعنف والإرهاب والتنكيل، تنهش فيه عصابات الموت ليل نهار. يشعرونك انهم يحنون إلى عهد النظام البائد، إلى عهد العصابات المسلحة التي كانت تحكم عدن على غرار حكم التنظيمات الإرهابية لبعض مدن العراق حالياً. يهاجمون دولة الإمارات العربية المتحدة الحليف الأوحد للجنوبيين، لا لشيء ولكن لأن هذه الدولة وقفت إلى جانب الجنوبيين وساندتهم في معركة التصدي للعدوان الشمالي الثاني، ودعمت معركة للتنظيمات الإرهابية اليمنية التي تقتل في الجنوبيين منذ مطلع تسعينات القرن الماضي. يتحدثون عن سجون سرية، ولكنهم لا يستطيعون سؤال حمود الهتار ولا قضاة الإخوان والشرعية عمن يعرقل إعادة تفعيل القضاء في عدن؟ لا يستطيعون سؤال الهتار لماذا لم ينظر في قضايا الموقوفين بتهمة الإرهاب، لأنهم يدركون كل الادراك أن الهتار منشغل بإعادة بناء القضاء على أساس “إخواني”، تمهيداً للدفاع عن من قتل وسحل أبناء الجنوب.


 


يريدون جنوباً خاضعاً لنفوذ “قطر وتركيا”، لأنه لا يهمهم مصلحة مستقبل بلد، فكل الذي يهمهم ما يجمعونه من أموال، لأنهم يعتقدون أن اللحظة التي تسقط فيها عدن والجنوب في الفوضى (لا سمح الله)، يفرون صوب شققهم التي اشتروها من تلك الأموال في القاهرة وإسطنبول. يحتفلون بزيارة وفد تركي الى عدن، ويشيدون بدعمها، في حين أننا لو بحثنا عن دعم أنقرة لعدن، لوجدنا أنه عبارة عن علب فاصوليا وأكياس من الدقيق منتهي الصلاحية.


 


يا للعار.. يناهضون الإمارات التي ساهمت في تحرير البلاد وتأمينها وأعادت البنية التحتية في المطار والميناء والمدارس والمرافق الطبية، ويحتفلون بتركيا التي قدمت لعدن مواد غذائية منتهية الصلاحية. من هنا تستطيع الحصول على معالم للجنوب الذي يريدون والجنوب الذي يرفضون… ولنا لقاء إن شاء الله.


 


 

Exit mobile version