تاريخ من زبيد

 


أحد المسنين في وادي زبيد كنت أتردد إليه كثيراً، يكاد يكون هذا الرجل، رحمهُ الله، ممن ساهم في صياغة وتكوين ثقافة الانتماء الفكري إلى تهامة وزراعة حب الأرض والإنسان التهامي في مهجة القلب.


استطعت أن أحصل منه على قصص كثيرة، وروايات عجيبة كان قد حفظها من أجداده ومن كبار السن الذين أدركهم في طفولته.


حدثني عن مدافع الجراكشه ومن سرقها من متحف زبيد، وعن المدفع العثماني، وحدثني عن معارك القوقر والكيديه وامجله، وعن دور والي زبيد الهاشمي في طعن تهامة والزرانيق بالظهر ووقوفه مع الإمام الطاغية الهالك يحيى بن حميد الدين.. كما ذكر لي موقف علماء زبيد الذي رفض أن يفتي للطاغية الهالك يحيى بكفر الزرانيق أو جواز قتلهم وسبي نسائهم.. في حين كانت فتاوى زيدية تخرج من بلاط الطاغية تتحدث بذلك.


 


كان يبغض الجباليا أو أهل الهضبة بشكل كبير جداً، ولا يكاد يقبلهم مطلقاً.


 


حدثني، أيضاً، عن نهب أراضي والده وجده من أودية النخيل على يد ولاة آل حميد الدين، وحينما قامت ثورة سبتمبر استولى عليها الجمهوريون وانتقلت أرضهم من يد ظالم إلى ظالم قال إن الجمهورية لم تعد المظالم إلى أهلها، ولم تف بالعهود أو الوعود لأبناء تهامة.


ويستشهد كثيراً بآية قرآنية على ظلم وظلال الجباليا (الهضبة).


يقول قال الله تعالى في المصحف: (وَلَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلا كَثِيرًا أَفَلَمْ تَكُونُوا تَعْقِلُونَ)، ثم يتبعها بقوله يا أحمد، امجبلي ضال.. والله قال كذا.


توفي الرجل قبل عامين بعد أن استولى الحوثيون على ما تبقى من مزرعته وطردوه منها ليموت نازحاً مشرداً.


 

Exit mobile version