مقالات

الانفصال الإلهي!

 


مُشاركة الجنوبيين الفاعلة في قتال الحوثيين في الساحل الغربي ومحافظة صعدة؛ لم يشفع لهم عند الشرعية. فصارت لا تدّخر جُهداً في إذكاء الصراع بينهم، وتحويل الدعم الإماراتي للجنوب إلى تُهمة تستدعي التحريض عليها. مع أنّ الإمارات لم تأت إلى اليمن بالقوة.. كما لم يثبُت عليها قبل وبعد ذلك دعم وتمويل تجمهرات فوضوية، كحال إمارة قطر، إضافة لرفضها تحويل الحرب إلى متاجرة وارتزاق، وسعيها بوتيرة متسارعة وخُطط مدروسة لتحرير اليمن من الكهنوت الحوثي الموغل في العنصرية.. وما حققته في المحافظات الجنوبية ومدن الساحل الغربي، وصولاً إلى الحديدة، شواهد ملموسة يصعب إنكارها.


 


كُنا نلاحق الجنوبيين بتهمة الانفصال، على اعتبار أنّ الشمال مع الوحدة، وشاء القدر أن يفصله الحوثيون على أساس طائفي بدعوي الولاية والحق الإلهي.. فمارسوا بموجبه صنوف القهر والإذلال على المحكومين بسلطتهم. ومن آثر النجاة؛ تلقفته مواطن الشتات.. أمّا الجنوبيون، فحتى دعواهم بفك الارتباط كانت ولا تزال تنبع من مطالب حقوقية وخدماتية وشعور بالغبن والضيم.


 


وأتذكر في هذا الصدد حواراً أجرته معي قناة “سُهيل”، التابعة لـ”حميد الأحمر” في سبتمبر 2012، قُلتُ فيه: إنّ أغلبية مواطني المحافظات الجنوبية صاروا بعد ثورة الشباب مع فك الارتباط، بمن فيهم أبناء الشمال القاطنون هناك.. وبدلاً من أن يُناقشني المذيع في الأسباب التي دعتني للاقتناع بهذا القول، تمعّر وجهه.. وكاد أن يبطش بي، لولا أنني ضيف على الهواء في برنامجه الذي يُقلد فيه حركات فيصل القاسم.


 


مع ذلك، وفِي ظل الانكسارات والخراب الذي أحدثه الحوثيون، لا يزال هناك شماليون يريدون جنوباً على “مزاجهم”، غير مستوعبين أنّ من حق أبنائه اختيار الطريقة التي يُديرون بها محافظاتهم، ويحافظون بها على أمنهم.


 


صحيح أنّ وحدة اليمن كانت حُلماً لطالما تمنيناه وناضل لأجل تحقيقه الآباء والأجداد.. على اعتبار أنّ هذا الحلم المنشود سيحقق للمواطنين الأمن والسكينة والرفاه والطمأنينة، في ظل دولة تسودها الحرية والعدالة والمواطنة المتساوية.. لكن الأصح أنَّ زوالها أفضل من وجودها؛ إذا ما تحوّلت إلى سوط عذاب تجلد به السُلطات مواطنيها.


 


الأمان قبل اليمن والإيمان.


 


 

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى