المرأة اليمنية واجتراح البطولات

 


لقد صدق الشاعر حين قال:


والأمُّ مدرسةٌ إذا أعددتها


أعددت شعباً طيب الأعراقِ.


ففي زمن جبنَ فيه الرجال وتوارى فيه الشجعان وخفت صوتهم واختفى فيه الثوار الذين ملأوا الدنيا ضجيجاً تحت مزاعم الحرية والعدالة الاجتماعية والدولة المدنية، ووقفت فيه المرأة وصرخت في وجه الظلم، بل نزلت إلى الشارع نيابة عنهم لتكون حالة الرفض الوحيدة في وجه الإماميين الجدد الجاثمين على صدر الوطن والمصادرين لحلمه بالعدالة الاجتماعية والدولة المدنية المنشودة.


 


نعم لقد ضربت المرأة اليمنية مثالاً نادراً للبطولة والاستبسال والفدائية على وجه الدقة وتحررت من كل هواجس الخوف وكسرت كل الحواجز المفروضة عليها من المجتمع المحافظ وتجاهلت ما سعت الميليشا الحوثية لفرضه عليها من قيود اجتماعية تحت مبررات دينية مزعومة، وبادرت لتسجل حضورها في كل لحظة حاسمة ومنعطف يمر به الوطن دون تردد أو تَحسبٍ للعواقب المتوقعة من عصابات الكهنوت بثبات وعزيمة لا نظير لها.


 


وفي مواقف المرأة اليمنية خلال السنوات الأخيرة من الشواهد ما يبعث على الاعتزاز، وهي التي لم تتنازل عن حقوقها وواجبها تجاه وطنها، وتتردد لفرضه بالقوة لتؤكد أنها قادرة على اجتراح النضال الذي تخلف عنه الرجال بصورة لم يعهدها أي مجتمع محافظ من قبل، مبرهنة على وعي المرأة اليمنية ورفضها للميليشا التي حرمتها من السكينة والأمان، وهددت كيانها الأسري بالاختطافات والقتل وغسل الأدمغة، ما سبب تمزقاً لنسيج الأسرة اليمنية التي تلعب المرأة دوراً أساسياً في تكوينها والحفاظ عليها.


 


فمن خلال الفعل الثوري للمرأة ونهجها النضالي الرافض للظلم وما تفرضه الميليشا من جبايات واعتقالات ومصادرة للحقوق تسببت في تجويع وترويع المجتمع وحرمان جزء كبير من أبناء الوطن من مصدر دخلهم الأساسي المتمثل بالراتب لتنفرد الميليشا بالسطو على إيرادات الدولة.. كانت المرأة المحرك الأول لما عرف “بثورة الجياع”، حيث تقدمت الصفوف الأمامية متحملة كل صنوف الأذى المعنوي والنفسي والجسدي الذي وصل للاعتداء المباشر، في نهج همجي أسقط كل المثل والقيم التي تدعيها الجماعة الحوثية، وكشف وجهها الحقيقي والقبيح الذي لم يتوانَ عن اقتراف كل المحرمات الإنسانية والأخلاقية والعرفية والدينية، ما ساهم في تعري المثالية المدعاة لجماعة “القرآن الناطق” أو “قرين القرآن” كما يسمونه، في أول مواجهة أخلاقية بين الحوثي ومجتمع تمثل المرأة فيه حرمة الحرمات.


 


ولم تكن المرأة القادرة على الفعل السياسي والعاملة والناضجة وحدها من رفضت التطبيع بكل أشكاله مع الانقلاب الكهنوتي، بل لقد سبقتهن فتيات المدارس منذ اللحظة الأولى لمحاولة الميليشا تكريس ايديولوجياتها داخل المدارس عبر فرض إلقاء المحاضرات التعبوية على الطالبات وإرغامهن على ترديد صرخة الموت، غير أنهن وقفن ليمرغن أنوف غلمان الحوثي في تراب الوطنية، ويصرخن بأعلى صوتٍ “تحيا الجمهورية اليمنية بالروح بالدم نفديك يا يمن”، بصورة تبعث على الفخر وتقشعر لها القلوب، فقد ألجمت ألسنة أبواقه وأفشلت مخططاته في تدجين الأجيال فوحدها بالروح بالدم نفديك يا يمن، ووحدهن فتيات اليمن وحرائره أخرسنها ووقفن ليبرهن أن مجتمعنا شبَّ على ثقافة الكهوف والخرافات، وأن لدى صغاره وصغيراته من الوعي ما يسقط كل المشاريع الكهنوتية والسلالية المزيفة.


 


نعم، فالمرأة هي صاحبة الصرخة الأولى “لا حوثي بعد اليوم” والمتمردة الأولى ضد الطغيان ولصوص الرواتب والإغاثة، وصاحبة القبضة الأولى التي ارتفعت لتصفع الكهنوت بصرخة الفداء للوطن، والرافضة الأولى لكل أشكال التطبيع. فقد زلزل صوتها عرش الكهنوت، وهي من كشفت زيفه وزيف ما يدعيه ويسوقه عن نفسه تمثل وتجسيد للقرآن وقيمه، فقد وصل به الخوف لمواجهتها واستخدام العنف ضدها بكل عنجهية وصلف يخجل من ممارسته الكيان الصهيونى في وجه المرأة الفلسطينية وكل الأنظمة الاستبدادية في العالم.


 


وختاماً.. لقد كانت المرأة عوناً للرجل في كل منعطف حياتي ونضالي على امتداد التاريخ، مساندة له، ودافعة به نحو دروب النضال والحرية، وهي حقيقة أثبتت المرأة اليمنية بطلانها لتقف وحدها في مواجهة الصلف والجبروت الظلامي.. وبات من المخجل أن لا يلتحق الرجل بركبها لتتحرر البلاد من قبضة الانقلاب الحوثي الفاشي الجبان.


 


 


 

Exit mobile version