مقالات

الإسلام والإرهاب…. ما بين الحقيقة والخداع

 


لتفهم هذه المقالة وتتعامل معها بموضوعية اقرأها وأنت متجرد من كل قناعاتك السابقة، اقرأها كإنسان قبل أن تكون مسلم، اقرأها حتى كمسلم لكنه يعيش في دولة أوربية توفر له كامل حقوقه وحريته، حاكم وعلق على المكتوب لا على الكاتب، إنسى أن كاتبها علي البخيتي واعتبر انك وجدت قصاصة ورق مكتوب عليها هذه المقالة لكاتب مجهول.


 


ضحكوا عليك طويلاً ولقنوك بعض الجُمل الإنشائية باعتبارها مسلمات وحقائق، وعليك الآن أن تدرك أن عكسها هو الصحيح، وهو أن:


-داعش تطبق الإسلام الصحيح.


-الإسلام الذي بين أيدينا وفي مناهج مدارسنا وجامعاتنا الحكومية هو المشكلة وليس المسلمين.


-داعش تعمل وفقاً لنهج الفتوحات الإسلامية.


-مؤسس داعش هو الصحابي سعد بن معاذ وإمام الزيدية الهادي يحيى ابن الحسين وأئمة بقية المذاهب الإسلامية المعتبرة وليس أبوبكر البغدادي.


-بدأت الداعشية في الإسلام –بحسب كتب التراث- من غزوة بنو قريظة.


-في داخل كل مسلم مؤمن بكتب التراث إرهابي كامن ينتظر التمكين.


-كل المذاهب الإسلامية داعشية –بنسب متفاوتة- وتنتظر التمكين.


-كل حركات الإسلام السياسي داعشية –بنسب متفاوتة- فقط تنتظر التمكين.


– كل ما سبق وبالأدلة ستجدونه في المقال أدنى هذا.


***


بين يدينا اسلامان، اسلام جميل في مخيلة البعض منا، وتتواجد بعض نصوصه في القرآن الكريم، وإسلام الواقع الموجود في كتب الحديث الصحيحة وفقه أئمة المذاهب سنية وشيعية، وهو الإسلام الصحيح في نظر فقهاء وعلماء المذاهب، والذي تطبقه داعش حرفياً، وتكمن الإشكالية في أن الإسلام الجميل ليس له كتب فقهية أو نصوص ولا ندرسه في مدارسنا، إنما مجرد خيال نضحك به على أنفسنا، وجعلنا نعيش في وهم خادع، فيما نحن نلقن أولادنا الإسلام الداعشي في كل مدارسنا وجامعاتنا، ومن يؤمن منهم بذلك الإسلام يكون مستقبلاً مشروع داعشي، ثم نسأل أنفسنا من أين كل هذا التطرف، وكل هذا المخزون الهائل من الشباب المستعدين للالتحاق بداعش وغيرها من حركات الإسلام السياسي التي لديها هي أيضاً توجهات داعشية بنسب مختلفة، وحديثي في هذا المقال هو عن اسلام التراث الفقهي لا عن اسلام القرآن الكريم.


وإذا ما تحدثنا بصراحة كمسلمين فإن كثير مما تقوم به داعش والقاعدة وحتى الإخوان المسلمون والحوثيون وبقية المجموعات المتطرفة عندما تحكم منطقة هو الإسلام الحقيقي، الموجود في كتب الفقه والسيرة النبوية لدى مختلف المذاهب دون استثناء، وبعض التفسيرات المتطرفة لإيات في القرآن الكريم، ومن ينكر ذلك عليه فتح تلك الكتب وسيجد داعش بشحمها ولحمها في كل الفتوحات الإسلامية حتى ما كان منها في عهد الرسول ومختلف الصراعات والحروب الداخلية السياسية والمذهبية بين المسلمين.


***


 هناك روايات -أشكك في صحتها- نسبت تصرفات للرسول الكريم محمد “ص” تشابه تصرفات “داعش”، لا أتحدث عن روايات أو أحاديث ضعيفة أو موضوعة، أتحدث عن أحاديث صحيحة ومتواترة ومجمع عليها بين كل المذاهب الإسلامية سنية وشيعية بدون استثناء، ومنها قصة غزوة بني قريظة، التي قادها رسول الله في السنة الخامسة للهجرة، على يهود بني قريظة في المدينة المنورة، وانتهت باستسلام بني قريظة بشرط التحكيم، فحكم عليهم سعد بن معاذ الذي طلب بنو قريظة من رسول الله أن يحكمه فيهم، لأنه كان حليفاً لهم في الجاهلية، فحكم فيهم بقتل الرجال وسبي الذراري وتقسيم أموالهم وأراضيهم على المسلمين.


وتم تنفيذ الحكم في يهود بنو قريظة، فأُعدم الرجال منهم الذين وصلوا الى سن القتال، سواء اشتركوا في جريمة الغدر –التي كانت سبباً في شن الحرب عليهم- أو لم يشتركوا، ثم تم سبي النساء والأطفال وقُسمُوا كغنائم على المسلمين المشاركين في تلك المعركة، وتكررت تلك الممارسات في الكثير من “الفتوحات الإسلامية”.


***


تخيلوا معي مجموعة من الأسرى قالوا لمن أسرهم نحن نُحكمك فيما صدر عنا من خطأ، ونقبل بحكمك، وبدلاً من أن يعفوا عنهم، أو يعاقبهم بعقاب شديد في أموالهم أو يصادر أراضيهم حكم عليهم بالإعدام، من شارك منهم في خيانة العهد أو لم يشارك، حتى النساء والأطفال تم سبيهم واسترقاقهم، وتحويلهم الى عبيد بعد أن كانوا أحراراً، واستبيحت النساء جنسياً بحجة ملك اليمين، مع أنه لا ذنب للنساء والأطفال بما فعله الرجال، وهذا الحكم مناقض للقرآن الكريم: “ولا تزر وازرة وزر أخرى”، لكن هذا المبدأ الداعشي الذي اعتمده الرسول –بحسب تلك الروايات- تم تعميمه في كل الفتوحات الإسلامية بعد ذلك، وتم سبي نساء كل البلدات التي تم فتحها بعد رفض حُكامها أو اعيانها أو مشايخ القبائل الايمان برسالة محمد أو دفع الجزية.


تخيلوا معي هذا المشهد: مجموعة من البشر يُحكَم على كل رجالهم الأسرى بعد استسلامهم بالإعدام، وليس هذا فحسب، فبعد تنفيذ حكم الإعدام وفي لحظة بكاء وعويل ونواح نسائهم وأطفالهم عليهم يتم تقسيمهم على المسلمين، ومن المعروف أن السبية من النساء تصبح ملك يمين ويجوز نكاحها كالزوجة، والطفل يصبح عبداً مملوكاً.


***


تخيلوا معي هذا المشهد إذا ما اسقطناه على واقع أسرة يهودية من بني قريظة مكونة من ستة أفراد مثلاً، زوج وزوجة، وشاب عمره 18 عام، وبنت عمرها 13 عام، وطفل وطفلة أعمارهم 8 و 9 سنوات، بعد أن تم تنفيذ حكم الإعدام في الزوج والأبن الأكبر، وتم اقتسام عفش منزلهم وأملاكهم وبيوتهم وأراضيهم، تم سبي بقية الأسرة وتوزيعهم على المجاهدين المسلمين، الأم أخذها مجاهد من قريش، والبنت الكبيرة أخذها مجاهد من الأوس، والطفل الصغير كان من حظ مجاهد من الخزرج، والطفلة الصغيرة أخذها مجاهد من قبيلة أخرى.


تخيلوا معي حالة الزوجة التي جامعها المجاهد القرشي بعد يوم من قتل زوجها وابنها ونهب ممتلكات الأسرة، وحِرمَانها من أطفالها وتوزيعهم على مختلف القبائل التي دخلت في الإسلام، تخيلوا حال الطفلة ذات الـ13 عاماً التي نكحها وفض بكارتها المجاهد الأوسي على اعتبارها سبيته وملك يمينه وبالغة وصالحة للوطيء كما تنص الكثير من الأحاديث، وحال الطفل والطفلة اللذان ابعدا عن أمهما وأختهما الكبيرة وقتل ابوهما وأخوهما، تخيلوا معي حال هذه الأسرة التي ذُبح بعض أفرادها واعتدي جنسياً على البعض الآخر ونهبت ممتلكاتهم وتم استرقاقهم وتفريقهم عن بعضهم، ما ذنب النساء والأطفال وحتى رجال بنو قريظة البسطاء الذين لا شأن لهم فيما فعله زعماء عشيرتهم.


 هل مشهد الرعب والإرهاب ذلك يمثل رحمة الإسلام الذي حدثونا عنها مراراً؟، هل نُشر الإسلام بتلك الطريقة الداعشية؟، اسلم أو اعطنا جزية واذا رفضت قتلتك ونهبت مالك ونكحت زوجتك وبناتك واسترققت أطفالك؟.


***


دائماً ما نضحك على أنفسنا بعبارة “الخطأ في المسلمين وليس في الإسلام” والحقيقة أن الخطأ في الإسلام وليس في المسلمين، أتحدث عن الاسلام الموجود في كتب الصحاح وأمهات كتب المذاهب، التي تحوي الكثير من الفتاوى الداعشية، وقصص من السيرة النبوية تكررها داعش حرفياً اليوم، وأحاديث عن “الفتوحات الإسلامية” عندما أقرأها وكأني أقرأ “فتوحات” داعش في سوريا والعرق عند تعاملها مع المسيحيين والأزيديين وأتباع الديانات الأخرى بل وأتباع الاثني عشرية، علينا أن نعترف، وبدون مجاملة، أنه اذا كان الإسلام الصحيح هو الموجود في  تلك الكتب، البخاري ومسلم، وكتب الأئمة الأربعة لمذاهب أهل السنة، أو في كتب الاثني عشرية مثل الكافي، أو كتب الزيدية مثل “الأحكام” للإمام الهادي، أو كتب الإسماعيلية مثل “دعائم الإسلام، فإن الإسلام هو المشكلة وليس المسلمين، لأن كل تلك المذاهب وأئمتها يقرون بشرعية اعدام اسرى بني قريظة وسبي نسائهم وذلك يتناقض مع عدة آيات من القرآن منها ” (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) ” فكيف يعدم حتى من لم يشارك في الخيانة، وكيف تسبى النساء والأطفال ولا ذنب لهن، ويقرون بشرعية حد الردة مناقضين للآية ” وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ”، ويقرون بشرعية اجبار الناس على الإسلام او الجزية او قتالهم وسبي ذراريهم وأموالهم مناقضين للكثير من الآيات مثل ” ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ “.


***


علينا أن نواجه أنفسنا بالحقيقة المرة، لنتمكن من مواجهة التيار الداعشي الكامن في كل من يؤمن بإسلام كتب السيرة والحديث وأئمة المذاهب سنية أو شيعية، علينا أن نعيد التفكير في ذلك الإسلام، ونتبرأ من تلك الأفكار الداعشية ونعود للقرآن الكريم وآياته الواضحة التي لا جدال فيها، والتي تتعارض بشكل جلي مع ما ورد في تلك الكتب والآراء لأئمة المذاهب.


لو حدثت مناظرة بين داعشي وأي من العلماء المنفتحين لكنه من المؤمنين بإسلام تلك الكتب والمذاهب لتغلب الداعشي عليه، لأنه سيكون في حيرة من أمره أذا سأله الداعشي على الهواء عن تلك القصص والأحكام والفتاوى السابق ذكرها، فلن يكون أمام ذلك العالم الا خيارين لا ثالث لهما، أما أن يقر بصحة تلك الكتب وبالتالي صحة ما تقوم به داعش على اعتباره تطبيق لصحيح الإسلام، أو ينكر تلك الروايات وسيعتبر حينها مرتداً بحسب تلك الكتب أيضاً، لكن اذا ما تجرأ كبار العلماء والمؤسسات الإسلامية والجامعات الرسمية على مراجعة موروثنا الديني وتنقيحه وعرضه على القرآن الكريم عندها يمكن أن يولد الإسلام الحقيقي من جديد، ويمكننا لحظتها التمييز بين اسلام داعش واسلامنا، ويمكننا حينها القول اذا ما حدثت أي أخطاء أنها بسبب المسلمين وليست بسبب الإسلام.


لو كان في ذلك العصر توثيق واعلام وقنوات وفيس بوك وتويتر، وتم تصوير تعامل المسلمين مع يهود بني قريظة، أو تعاملهم مع المسيحيين وغيرهم من اتباع الديانات الأخرى، أثناء ما يسمى بالفتوحات الإسلامية، لقلنا ان داعش اليوم مقصرة في تطبيق الإسلام الصحيح.


***


ذلك المشهد ليس من سوريا أو العراق 2014م أو 2015م بل مشهد من السيرة النبوية ومن عهد الرسول محمد “ص” كما تنص عليه تلك الروايات المتواترة، والتي تُجمع على صحتها مختلف المذاهب الإسلامية، سنية وشيعية وبدون استثناء، بما فيها المذهب الزيدي الذي كنت أحد أتباعه قبل أن أتجاوز ذلك الانتماء بمراحل، فقد قرأت في كتاب الأحكام للإمام الهادي الى الحق يحي ابن الحسين بعض فتاوى يخجل أي زيدي من الاعتراف بها، لأنها وببساطة فتاوى داعشية بامتياز، مثل تلك الفتاوى تعج بها كل كتب المذاهب الإسلامية، الحنفي والمالكي والحنبلي والشافعي والاثني عشري والاسماعيلي، وسيقتصر حديثي عن كتب الزيدية والاسماعيلية، حتى لا يقال أني تهجمت على المذاهب الأخرى وانتقدها وتركت المذاهب الأقرب الي.


وحتى لا يكون كلامي مرسلاً، سأورد أحدى تلك الفتاوى حرفياً من كتاب الأحكام لـ “الإمام الهادي الى الحق يحي ابن الحسين” أهم مراجع الزيدية ومؤسس “الهادوية”، حيث سئل عن شخص من دولة غير إسلامية، اسلم وهاجر الى دولة الإسلام، ثم فتح المسلمون تلك الدولة، فكيف يتم التصرف مع اسرة ذلك الشخص؟، وكانت فتوى يحي ابن الحسين صادمة لي، حيث قال أن أولاده الذين لم يبلغوا الحُلم وقت اسلامه لا غنيمة للمسلمين فيهم على اعتبارهم مسلمين بالأبوة، بمعنى ان يتم تسليمهم لوالدهم، ومن كان من أولاده –ذكور أو اناث- بالغاً وقت اسلام ابيهم يتم تقسيمهم وسبيهم كغنائم، بمعنى أنه لو كان لذلك الشخص بنت بالغة عمرها 13 عاماً أو أكثر أو ابن يتم تسليمهم لمجاهدين آخرين كغنيمة!!، وتنكح بنت ذلك الشخص بل وزوجته من زميل له في الجهاد!!، ولا يستطيع منع ذلك!!، ولا يتمكن من لم شمل عائلته!!، اليست تلك فتوى داعشية؟، وهناك العشرات من الفتاوى المبكية أحياناً والمضحكة أحياناً أخرى، اليس الإمام الهادي داعشياً ان صحت تلك الفتوى عنه كما هو مثبت في كتاب الأحكام، أصح كتب الزيدية في الفقه، الجزء الثاني، الصفحة رقم 408، طبعة 1990م، الممهور بختم مكتبة اليمن الكبرى صندوق بريد 1228، في “باب القول في الحربي يُسلم ويهاجر الى دار الإسلام وله في دار الحرب أولاد ثم يظهر المسلمون على تلك الدار ما سبيل ولده”.


ومن باب الأمانة العلمية سأنقل لكم الفتوى كما وردت حرفياً في ذلك الكتاب: (قال يحي بن الحسين (ع): لو أن رجلاً من أهل دار الحرب أسلم وهاجر الى دار – الإسلام ثم ظهر على تلك الدار التي فيها ولده كان كلما ولد له لم يكن بلغ في وقت اسلام أبيه مسلماً تابعاً لأبيه لا غنيمة للمسلمين فيه، ومن كان منهم بالغاً في وقت اسلام أبيهم كان غنيمة للمسلمين).


***


ما قامت به داعش في سوريا والعراق من ذبح للمسيحين وغيرهم من اتباع الديانات الأخرى وحتى المذاهب الإسلامية التي تعتبرهم داعش كفار وسبي نسائهم ومصادرة املاكهم ما هو الا تكرار لما قام به المسلمون في عهد رسول الله نفسه بحسب الأحاديث التي روتها كتب السنة والشيعة وبالإجماع عن كيفية تعامل المسلمون مع يهود بني قريظة بعد اتهامهم بخيانة المواثيق في غزوة الأحزاب.


 


ما قامت به داعش في سوريا والعراق هو تطبيق حرفي لفتاوى امام الزيدية الإمام الهادي الى الحق المثبتة في كتاب الأحكام في بيان الحلال والحرام، وتطبيق لفتاوى بقية أئمة المذاهب الإسلامية الأخرى، الاثنا عشرية والمالكية والحنفية والحنبلية والشافعية، وحتى في المذهب الإسماعيلي –المسالمون أتباعه في الوقت الحاضر- وردت نفس الفتوى في كتاب “دعائم الإسلام” للقاضي أبي حنيفة النعمان بن محمد التميمي المغربي، حيث جاء في الكتاب ما نصه: (عن جعفر بن محمد أن بني قريظة نزلوا من حصنهم على حكم سعد بن معاذ، فأمر رسول الله “ص” بأن يحكم سعد، فحكم بأن تُقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم، فقال رسول الله لسعد: لقد حكمت بحكم الله تعالى من فوق سبعة أرقعة)، الصفحة 349، الجزء الأول، طباعة مؤسسة النور للمطبوعات – بيروت لبنان، حارة حريك- مفرق زعرور ت/ 03/ 332167، ولا أحتاج لذكر بقية المصادر في كتب المذاهب الأخرى لأنه لا أحد يُنكرها.


***


نفس الكلام ينطبق على الكثير من افعال داعش، حيث ان هناك أساس شرعي للكثير منها في كتب الفقه والحديث، ومنها على سبيل المثال لا الحصر حد الردة، حيث اجمعت المذاهب على أن المرتد يتم اعدامه، ولكل مذهب تعريفه الخاص للمرتد، وموجبات الارتداد، وهذا الحكم تحديداً هو بوابة الإرهاب الواسعة التي عبرت منه كل المجموعات المتطرفة، وتذرعت به في كل ممارساتها داخل البلدان الإسلامية، حيث تدرجت في التكفير والاتهام بالردة، فكفرت الحُكام ثم الجيش والأمن ثم المذاهب الأخرى ثم المجتمع الذي لا يؤمن بأفكارهم، وهكذا تم تبرير العمليات الانتحارية وتفخيخ الأسواق والمساجد بالمصلين وغيرها من الجرائم الإرهابية.


وبالتالي فكل حركات الإسلام السياسي شيعية كانت أو سنية التي تؤمن بتلك الروايات والأحاديث النبوية المتعلقة بالتعامل مع الأسرى وحد الردة هي داعشية في فكرها بقدر ما تؤمن به من تلك الروايات، وكونها لم تطبق تلك الأحكام لا يعفيها ذلك من أن فكرها داعشي، لأنها لم تتبرأ من تلك النصوص، وبعضها ينتظر التمكين فقط لتظهر داعشيته.


***


ولكوني محسوب على الزيدية قبل أن أتجاوز تلك الخرافات، قررت أن أكتب عن الداعشية داخل كتب هذا المذهب الذي يعتقد أتباعه أنه بعيد جداً عما فكر داعش، مع أن التاريخ يشهد على ممارسات إرهابية قام بها أئمة الزيدية ضد ذوي القربى لهم، الإسماعيلية، والمطرفية، حيث مارسوا مجازر جماعية وجرائم مروعة بحق أتباع تلك المذاهب او التيارات الفكرية الإسلامية مع أنها محسوبة على المدرسة الشيعية، وقد تحدثت في مقال قبل أكثر من عام عن ما تعرضت له الإسماعيلية، وكان عنوان المقال: متى سنعتذر للإسماعيلية؟.


***


صحيح أن أغلب الحركات المصنفة إرهابية خرجت من الوهابية الحنبلية والمدرسة الجهادية الاخوانية المصرية على يد سيد قطب وكتابه “معالم في الطريق” الذي يمكن تسميته “الطريق الى داعش”، لكن أساس ذلك الفكر موجود في كتب كل المذاهب الإسلامية المعروفة بلا استثناء، وأتحدى من ينكر تلك الروايات المتعلقة بحادثة بني قريظة وكيفية التعامل مع أسرى الحرب، وحد الردة، على اعتبار تلك الأحكام هي المدخل الأساسي لأغلب الجرائم الإرهابية.


علينا أن نعترف أنه في داخل كل مسلم مؤمن بتلك الروايات إرهابي كامن، ومتى ما تمكن خرج وأعلن داعشيته، أو متى ما تعرض هو أو طائفته لأعمال إرهابية استفز فيه الإرهابي الكامن، وخرج من باب الانتقام وردة الفعل، وهكذا تتفاعل دوامة الإرهاب وتتصاعد، وللقضاء على تلك الظاهرة علينا مراجعة تراثنا الديني ونقده وتصويبه، وبدون ذلك سيبقى الإرهاب مسلطاً على رقابنا، وينتظر الظروف المواتية أو فتن أو مؤامرات ليُكشر عن أنيابه داخل مجتمعاتنا.


 


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى