لا زعامة لأي مستبد حتى وإن كان من أبناء النبيين

 


حركة الحياة كانت وستظل ولا تزال هكذا، فيها ما يَسُرّ وما لا يَسُرّ، وما أنت فَاعل فيه أو مُنفعل به.. فاعمل ما تراه صواباً في وقته وحينه ولا تقصر فيه، فأنت للحاضر وهو لك، وتَخفف من أحمال الماضي، ولا تنشغل بمخاوف المستقبل، فالماضي ذَهَبَ بما فيه وإن بقي الأثر، والمستقبل تصنعه تقلبات الحاضر، {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ}.


 


نحتاج اليوم لخلق مزاج عام ضد القتال والتّسلح بأدوات الموت والخراب، والكف عن تمجيد الحروب والتفاخر بمآسيها؛ لأن الحروب وتحت أي شعار أتت ما هي إلا هي مصدر بلاء للعالم وسبب شقاء لأهل الأرض، فهي التي تسلب الناس سعادتهم وتدمر معالم الحضارة وتفسد عقول الأجيال وتزور دين المجتمعات وتاريخ الأمم، ولا شيء منها يجلب استقراراً ولا يمنح حياة كريمة، ولم ولن تفرض أحداً على أحد، وإنما تُنَقِّل المأساة من مكان إلى مكان!


 


بعد أن {ابتَلَى إِبرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنّ} محققاً نجاحاً فيما أوكل إليه.. تم اختياره بـ{إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنّاسِ إِمَامًا}، لكونه استحق ذلك بجدارة، ابتداء من حسن التفكير والتأمل، ومروراً بجودة التعامل مع الناس، وانتهاء برقي الحوار مع الغير وروح التسامح مع مخالف.


 


ولكنه حينما وقع تحت تأثير عاطفة الأبوة وتطلع إلى ترشيح أبنائه لإمامة المجتمع فـ{قَالَ: وَمِنْ ذُرِّيَّتِي} رفِض الباري -جل وعلا- طلبه، وكان الرد عليه حاسماً جازماً، بأنه {لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ}! ليؤكد بوضوح:


– أن الزّعامة ليست امتيازاً شخصياً ترثه الذرية بعضها عن بعض.


– وأن وجود الصفات القيادية في الآباء لا يعني انتقالها بالوراثة إلى الأبناء.


 


– وأنه لا قيمة ولا عهد لأي مستبد يُفسد حياة الناس وإن كان من أبناء النبيين.


 


– وأن الكفاءة وحدها هي معيار التميز وهي ما يؤهل لإنسان للمهمات.


 


 


 

Exit mobile version