يونيسيف الحوثي
تولى محمد علي الحوثي رئاسة لجنة الحوثيين الثورية، وتشكيل لجنة عليا لتعديل المناهج في 2016، جرت الأمور على أن تقوم اليونيسيف بتمويل طباعة المنهج الجديد، لولا أن تم الكشف عن أن المنهج الجديد معدل وليس نسخة من المنهج الرسمي اليمني، وعندما ظهرت القصة تراجعت اليونيسيف عن التمويل، حتى لا تدخل دائرة التواطؤ الرسمي مع الجماعة.
ولأن المشروع الحوثي لتعديل المناهج استراتيجي، فقد استمرت الجماعة في عملها لإدخال التعديلات ضمن المقرر المدرسي، ما دفع صالح في 2017 لإلقاء خطاب أعلن فيه رفض المؤتمر لتعديل المناهج، وأنه سينسحب من الشراكة الحكومية مع الحوثيين لو مضوا في إجراءات التعديل، فتم التوقف عن العمل فيها مؤقتاً.
في 2018 أعلنت كل من السعودية والإمارات تخصيص مبلغ 75 مليون دولار كمعونات شهرية للمعلمين في مناطق سيطرة الحوثيين، بمعدل 50 دولاراً شهرياً لكل معلم، وقبل ظهور الخبر في وسائل الإعلام، كان ممثل اليونيسيف في صنعاء يعقد اجتماعاً مع يحيى بدرالدين الحوثي وزير التربية الحوثي وشقيق زعيم الجماعة، لمناقشة آليات توزيع تلك المبالغ على المعلمين، ليبادر يحيى الحوثي بإعلان الأمر على مسؤولي التربية وكأنه إنجاز شخصي له.
تأخر توزيع المبلغ لعدة أشهر، واليونيسيف والحوثي يظهرون بخبر جديد في كل مرة، ما أدى بالمعلمين بصنعاء لإعلان إضراب جزئي شارك فيه المئات منهم، وتعرض قرابة 400 معلم ومعلمة للتوقيف والمساءلة بتهمة التحريض على الإضراب.
مرة أخرى ظهر ممثل اليونيسيف بصنعاء ليقوم بزيارة عدة مدارس ثانوية كبرى بصنعاء لإقناع المعلمين برفع الإضراب، مع وعدهم بقرب تدخل اليونيسيف لصرف المساعدات المالية للمعلمين، فأنقذ الحوثيين من ورطة مواجهة إضراب موسع مع المعلمين كان تصعيده سيؤدي إلى كسر حاجز الخوف من هيمنة الجماعة المسلحة وإرهابها للموظفين للصمت عن حقوقهم.
تم تسريب خبر عن نوايا اليونيسيف صرف مبلغ 500 دولار لكل معلم كحقوق تراكمية لمدة 10 أشهر، فهدأ المعلمون وانتظروا المفاجأة.
لم تجد اليونيسيف ذريعة جديدة لتأخير الصرف، فقد انتظرت لجماعة الحوثيين حتى قامت بغربلة كشوف المعلمين حسب رغبتها، وتنقيتهم من المعلمين الذين غادروا مناطقهم هرباً من الحوثيين، واستبدال البعض بأسماء وهمية أو حقيقية من الموالين للجماعة قامت باستبدالهم وإحلالهم محل معلمين آخرين هم أصحاب الدرجات الوظيفية.
اعتمدت اليونيسيف كشوف الحوثي، دون أي تنسيق مع وزارة التربية التابعة للحكومة المعترف بها دولياً، وأعلنت صرف 450 دولاراً لكل معلم، ولكن ما تم في الميدان كان أمراً مختلفاً.
اعتمدت اليونيسيف سعر صرف خاص بها مع صرف أول دفعة كان ذلك السعر 480 ريالاً مقابل الدولار الواحد، بينما كان سعر السوق حينها 570 ريالاً للدولار، أما فوارق الصرف فلم يتم توضيح مصيرها.
الأمر الآخر أن صرف المبالغ رغم أنها مجرد مساعدات سعودية إماراتية عبر اليونيسيف، وليست مرتبات حكومية، أي أنه كان يجب أن تصرف بشكل متساو كما كانت الفكرة منذ البداية، إلا أن اليونيسيف صرفت لكل معلم مبلغا مختلفا، تراوحت عمليات الصرف بين ألف ريال و60 ألف ريال، بررت اليونيسيف ذلك بأنها اعتمدت على كشوف الغياب وحافظة الدوام، رغم أن ذلك ليس من اختصاصها على الإطلاق، بل هو تلبية لرغبات الحوثيين.
أين ذهبت اليونيسيف بالمبالغ المستقطعة، وكيف قررت التوزيع بهذا الشكل اعتمادا على سلطة غير معترف بها دوليا، وهل دوافعها مجردة من التسييس والتمكين للحوثي، ومقتصرة على ممارسات فساد؟
لماذا بادرت بمحاولة طباعة المنهج للحوثي، بينما كانت الحكومات السابقة تعجز عن طباعته كاملا، ولا تتدخل اليونيسيف؟
لماذا تكلف ممثل اليونيسيف حضور طابور الصباح لإقناع المعلمين برفع الإضراب في مدارس الأمانة؟
لماذا بادر هذا الممثل قبل التنسيق أو الاتفاق مع الحكومة الشرعية أو مع المانحين السعوديين والإماراتيين بالاجتماع بيحيى الحوثي لمناقشة توزيع معونات دفعتها دول يطلق عليها الحوثي (دول العدوان)؟
يجري ذلك مع كل ممارسات التضييق الحوثية ضد المنظمات العاملة بصنعاء، بما فيها اليونيسيف، بينما لم تصدر بيانا واحدا تعترض فيه على آلية التعامل المهين وعمليات الابتزاز المستمرة لها، وكأن الابتزاز يخص الموظفين اليمنيين ولا يشمل الدوليين وهذا مرضي عنه.
الأهم من هذا: أين وزارة لملس في حكومة معين، وما هو دورها أمام هذا التجاهل لها، وكأنها غير موجودة على الخريطة؟