أصحاب الحرب والنخاسة
أصحاب الحرب والسياسة، صاروا أصحاب مزاد وسلخانات ونخاسة.. يكذبون بمنتهى الصدق، ويسرقون بمنتهى الأمانة.. يخطفون اللقمة من افواه الجائعين بمنتهى الزهد، ودموعهم تسح وتسح، بمنتهى الطفولة والبراءة، ويبيعون تراب اليمن بمنتهى الولاء والوطنية.
يُصلون ويصومون زورا وبهتانا.. يبيعون لنا من خلف ميكروفونات الزيف، أوهامًا متعفنة الأجنجة.. يتباهون بانتصارات خادعة، بينما لا يهزمون سوى بطون الجوعى، ولا يخذلون سوى دماء الجرحى.. يحتفلون ويرفصون على جراح الثكالى والعجائز، المطعونة قلوبهم.. يذهبون للمؤتمرات والمشاورات كي يتمزقون اكثر، ويتفرقون أكثر.. كي يبقرون بطون الاطفال ودماء الضعفاء اكثر واكثر.
اربع سنوات والألم يحفر في وجوهنا اخاديد العذاب والأسى.. أربع سنوات ورحى القتل تفتت عظام البؤساء، ومازال الكادحون يدفعون الاتاوات والجبايات من نخاع ارواحهم، ومن تزيف دمائهم وتشريدهم، لمن استمرؤا لعبة الحرب والقتل على حساب وطن يُقتل ودولة تتهالك، وبلاد تندثر.
وبين صرخة الحوثي، ونومة هادي، وفحيح الطامعين وسعي الافاعي وتحار المدافع، ضاع وطن، وابيد شعب، وطالت سنين الحرب والقتل بفضل مساعيهم الجبارة بالوصول لرعاة اكثر قدرة على تفتيت عظام اليمنيين، وطحن امعاء الجائعين، وتمزيق اواصر الوفاق والسلام في شتى بقاع الوطن.. يهتفون باسم الدين والوطن، ويطعنوننا باليد الاخرى.. ينادون باسم الجوع والمحن، ولهم من صرخاتهم مآرب اخرى.. دفنوا ظمائرهم تحت روث الاوصياء، فتتوا ومزقوا وشتتوا بلادهم، وصارت كسوق نخاسة، كل طرف يبيعها في المزاد رغما عن دماء البسطاء والجرحى والمفقودين والقتلى، ورغما عن كل بائس، قال وطني أعلى.
اصحاب الحرب والنخاسة هؤلاء، هم انفسهم، الذين حملناهم ذات يوم، للكراسي والعروش، مكللين بالورد، لكنهم اليوم، كافأونا بالمقاصل والمقابر والنعوش..
أردنا لهم العز والفخر، وارادوا لنا الذل و الفناء والنحر..
فتحنا لهم آفاق وطن يتسع للجميع، فحشرونا في قمقم من سقر.. سلمناهم الوطن امانة، لطخوه بالعار وبالمهانة، واردوه جسدا ممزقا، له خوار.. اعطيناهم راية العلم شامخة عالية، نكسوها تحت اقدام الاوصياء والطامعين والكهان والمردة.
ألا تبا لمن اخترنا لهم الكرامة والنجاة، فغمسونا في وحل الموت والعبودية.
-مقال خاص بـ”يمن الغد”