موسم سقوط الحوثيين

 


يعيش عبدالملك الحوثي زعيم أنصار الله مخبأ في الكهوف بين الجبال، يلقي خطاباته وتوجيهاته من هناك وهو لايعرف أساسا ما الذي فعلته جماعته المجنونة بالمدن وبالقرى التي هرولوا إليها، وكيف أصبحت ذكراهم في القلوب والأذهان وعرض جدران الشوارع والبيوت علامة لأسوأ الأيام والأوقات والسنين العجاف.


كل حارة وقرية ومدينة دخل إليها الحوثيون وغيروا من ملامحها باللون الأخضر، هي في الأساس إدانة تاريخية خالدة لوحشيتهم التي ارتكبت بحق المدنيين الذين كانوا إلى ما قبل مجيئ الحوثيين يعيشون في بيوتهم بأمان وينتظرون بفارغ الصبر أي قادم يأتي ليحملهم إلى المستقبل، وفوجئوا بمجنزرة طاغية تدك دولتهم وبيوتهم وحواريهم وقراهم ومدنهم بلا رحمة وهي تصيح “الموت لأمريكا الموت لإسرائيل” ليستيقظ الأهالي من بعد ذلك وهم مرعوبون ومشردون من بيوتهم في سبيل جماعة مجنونة كل الذي قدمته للناس حتى الآن ليس أكثر من الموت والألم والشتات.


ولو تشتوا الصدق، محد خسر في اليمن مثلما خسر الحوثيون، وهم الوحيدون عموما الذين لاتزال خسائرهم مستمرة، وكل يوم يخسرون من الأرض ومن المقاتلين ومن الأنصار أكثر وأكثر؛ لأن مشروعهم العدمي يتضح للناس كل يوم بطريقة أكثر من السابق، وهم مع الأسف قوم مقمرون وليس لديهم أي إحساس بما تعنيه الخسارة.


ومنذ الظهور السريع لجماعة الحوثي والفرص التي تنهال عليهم كفيلة بأن تجعل منهم القوة الأكثر حظورا وتواجدا وسيطرة على الساحة. وخلال ظرف وجيز تساقطت في أياديهم المدن والمعسكرات، وكان الباري سخي معهم والشعب الغلبان التف حولهم لمحاربة الفاسدين، لكن حبل الكذب قصر ويد الحوثيين طويلة وعقولهم فارغة وجيوبهم جشعة والاعيبهم الصبيانية قادتهم إلى كل هذا الخسران الذي لايشعرون به لأنهم لايزالون تحت تأثير المفاجآت التي لم تكن في حسبانهم من أصله.


جاء الحوثيون إلى السطح في وقت كان البلد فيه واهنا، والسياسيون مختلفين فيما بينهم، والجيش منقسما بين هذا وذاك، والمجتمع منهكا ويبحث عن أي قوة تأتي لتخلصهم من العذاب، وجاء الحوثيون ليصبحوا خلال ظرف وجيز فقط أسوأ من كل الذين كانوا موجودين في السلطة من قبل وهم لايشعرون، ولن يشعروا أبدا؛ لأن الغرور يعمي البصيرة.


غرتهم القوة، واستضعفوا الجميع، وتصور لهم أنه يمكن لهم أن يحكموا اليمن بخرافة القوة وبالحنين إلى لحظات سيئة من التاريخ، متناسين أننا الآن في القرن الواحد والعشرين، وأنه لايمكن لأي قوة غير نظامية أن تحكم شعبا أو تفرض عليه عقيدتها مهما تصور لهم أن ذلك بسيط وممكن.


أي جماعة تستقوي على الناس بالسلاح ولاتحسب حساب التذمر المجتمعي المتكاثر والمتنامي حولها، هي جماعة بلا عيون وبلا آذان وبلا عقول وسيكون سقوطها مدويا لامحالة، كما ستكون رموزها ومن أفكارها ومعتقداتها من بعد السقوط مادة جيدة للسخرية المجتمعية ولنا في ذلك أمثلة كثيرة، لكثير من الجماعات الدينية التي ظهرت، في ظروف ما، بقوة على الساحة، ولما تكاثرت بلاويها وضاق منها المجتمع سقطت وتحولت إلى نكات وإلى مهرجانات للضحك وللتندر .


 

Exit mobile version