مقالات

المسراخ.. نظام الثأر في نموذج جديد لإدارتها

 


مرة أخرى، ما الذي حدث في المسراخ، بعد أن أصبحت تحت سلطة الأمر الواقع منذ عامين ونيف. المسراخ بكل أطيافها واجهت الحوثيين بجدارة وحنكة وشجاعة، حتى تمكنوا من تحرير المديرية من مغول العصر. ولعل الجميع يعرف أن ابرز القياديين فيها (رحمة الله تغشاهم) الشهيد “عبدالباسط الهمداني”، والشهيد “عبدالله السبئي” وطابور طويل من الشهداء (رحمة الله تغشاهم جميعاً)، أيضاً، هناك قادة ما زالوا على قيد الحضور، وسيكون هناك مساحة أخرى للكتابة عنهم.


 


كل ذلك، قبل أن يكون هناك سلطة أمر واقع.. حينها كُنت حريصا جداً على توثيق الهجوم الحوثي البربري الهمجي على المديرية كجزء من ذاكرة تعز المؤلمة ومن الضرورة أن يوثق بالصوت والصورة، ولأني أحد أبناء هذه المديرية سأكون أمام التاريخ محاسباً لو أغفلتُ أحداثها، لطالما وهبتُ نفسي في توثيق هذه الحرب اللعنية على تعز مُنذ 2014م، وثانياً: كشف ورصد جرائم المليشيا الحوثية بحق المدنيين.. طبعاً يأتي كل هذا، في إطار مشروع استعادة الدولة.


 


في ذلك الوقت، حرص الإخوان على تقديم يحيى اسماعيل قائداً للجبهة، بينما في الواقع وكثير من أبناء المجتمع شاهد على أن يحيى أسماعيل، لا علاقة له بأي معركة ولا له أي حضور، غير أنه محسوب من قناديل الإخوان في المديرية، مع أن هناك أشخاصا وقادة محسوبين على الإخوان كان لهم دور فعّال وهام مثل الشهيد “عبدالباسط”، والاستاذ “أحمد غالب”، لكن، هي سياسة الإخوان في المفاضلة بين الزنابيل والقناديل، ليجد أبناء مديرية المسراخ أنفسهم أمام سلطة أمر واقع بقيادة يحيي اسماعيل الذي يمثل أحد وأهم أذرعة الإخوان المسلمين داخل المديرية.


 


كتبت مقالا سابقا عن المسراخ في 15 أبريل المنصرم، بعنوان “المسراخ رصيف للتهريب.. 14 شحنة سلاح خرجت للحوثيين بإشراف سلطة الأمر الواقع في تعز” وقلت فيه “ما لا يعرفه البعض عن مديرية المسراخ، أنه بعد استعادتها من قبضة المليشيات الانقلابية، بسطت عليها مليشيا أخرى تابعة للإخوان المسلمين بقيادة يحيى اسماعيل، وحولتها إلى منطقة معزولة عن كل ما يشعرك بالحياة والحرية”… وعندما كتبت هذا الكلام وقبله كتبت أيضاً، ليس افتراء أو اتهاما، بل أدرك أنّ المسراخ تسير للهاوية. وهذا ما طرحته لمحافظ تعز الأستاذ “نبيل شمسان” عندما قابلته لأول مرة في قصر المعاشيق ـ عدن، حينها طلبت منه زيارة المسراخ لإرجاعها بيت الدولة.. لكن، للأسف، المحافظ لم يكن عند المسؤولية.. فيما المسراخ ما يزال الإخوان يقتل ويعدم ويسجن ويعبث بكل شيء فيها.


 


في المسراخ ــ لمن لا يعرف عنها فهي تعتبر صورة مُصغرة لتعز المدينة ــ يبني الإخوان المسلمون جوفهم من الداخل بمفهوم العداء ضد كل من يعارضهم، وهذا البناء ضمنياً وجوهرياً جعل الكيان الإخواني يعمل ويحكم المجتمع بنظام الثأر، ولعل كل الأحداث الإجرامية التي حصلت في المسراخ (إعدامات، تصفية، قتل، نهب الأراضي، فساد مالي، ترويع الأطفال، اقتحام بيوت الناس وإحراقها….) هي مخرجات لهذا النظام.


 


ورغم كل مظاهر الانحطاط الجسمي والعقلاني والأخلاقي لدى سلطة الأمر الواقع بالمديرية، إلا أنه علينا الاعتراف أننا أمام منحى آخر من الحرب، منحى يقف في طرفه الأول الشرعية بكل تلوناتها واخفاقاتها، وفي الطرف الثاني الإصلاح والحوثي بكل تحالفاتهم الجديدة.


 


وسأحكي لكم باختصار ما جرى يوم (9 مايو) من إجرام بحق الإنسان..


ذهب اثنان من المسلحين وهما بالأساس مرافقان لدى “يحيي اسماعيل” إلى منزل فيصل عبدالجليل محمود قرية “الدمنة”، بحجة “قصب الماء”. بدأ الحديث ثم الشجار بإصابة “فيصل عبدالجليل” في الرجل، وانتهى بمقتل “عبدالحميد أحمد عبده سعيد وصخر فؤاد غالب حميد”. كان ذلك قبل الفطور بساعة.


 


فيصل ــ رغم إصابته ــ قام بتسليم نفسه إلى إدارة أمن المسراخ، اعتراف بما حصل وامتثال للقانون، وتم إيقافه داخل سجن الإدارة المؤقت الذي يقع (في بدروم المحكمة).


 


وقت صلاة العشاء، جاءت عصابة مدججة بجميع الأسلحة واشتبكت مع حراسة المحكمة لمدة ساعاتين في محاولة اقتحام المحكمة وقتل “عبدالحميد” نتج عنه إصابة شخصين من حارسة السجن المؤقت لإدارة الأمن. وفشلوا في ذلك.


 


عززت العصابة بعصابة أخرى تفوق 200 مسلح، ثم انطلقت إلى منزل المحافظ السابق الدكتور” أمين محمود” واشتبكت مع حراسة المنزل مما اسفر عن إصابة احد الحراس، حتى تمكنت من اقتحام المنزل ونهب كل ما فيه من سيارات وسلاح ووثائق وجنابي ومن ثم احراقه. رجعت العصابة مرة إلى مركز المديرية، واقتحمت السجن بالقوة، وأخذت السجين إلى قريب سوق أسفل النجد وقامت بتصفيته هناك، ورميه في الشارع.. كان ذلك في الوقت الذي ناشد الوكيل “عارف جامل”، مدير الأمن وقائد المحور بإرسال حملة أمنية للتدخل وإيقاف العدوان الحاصل على منازل المواطنين.


 


لم تأبه العصابة لكل ما قامت به من جرائم بحق الإنسانية، بل ذهبت تحاصر قريه “المحطه” التي يقطنها أولاد عّم “الدكتور أمين محمود” المتواجدون في هذه القرية، ثم قاموا بقصفها بأسلحة متوسطة (المعدلات 12/7 ومعدلات شيكي) مما أدى إلى استشهاد العزي الصمدي، وبقي الحال كما لو أنّ القضية اجتماعية فقط، بينما استهداف “الدكتور أمين” وإحراق منزل الدكتور عبدالوهاب، يؤكد أنّ هناك توجها عاما لدى الإخوان المسلمين، لهدم كل المراكز الاجتماعية ذات التأثير الاجتماعي والوطني داخل تعز والقضاء عليها.. لنكون اليوم أمام نسخة مُطورة من الحوثي.


 


في الأخير، لا عجب أن تبقى مخاطبات ومناشدات جامل وعبدالكريم الصبري والمسمى مدير الشرطة محل تجاذبات وتراشقات بينهم وتخليهم عن المسؤولية تجاه هذه الجرائم التي ترتكبها مليشيات الحشد الشعبي الإخواني بحق المجتمع.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى