مقالات

اليمنيون ما بين الإخوان المسلمين والحوثيين…. صراع المصالح والوجود

 


لنكن واضحين؛ نقدنا للإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) بسبب ما يمارسوه من تعسف وإقصاء في مأرب وتعز وبقية مناطق سيطرتهم لا يعني بأي حال من الأحوال أن الحوثيين هم البديل؛ ولا تجوز المقارنة -حالياً- بين خطورة الحوثيين وخطورة الإخوان؛ ولا يجب أن يغيب عن أذهاننا أن مشكلتنا مع (حزب الإصلاح) سياسية بشكل أساسي؛ بينما مشكلتنا مع الحوثيين وجودية بسبب منهجيتهم في تجريف وعي اليمنيين وعدائهم لثورة سبتمبر وللنظام الجمهوري؛ الإخوان قطعوا مسافة لا بأس بها في العمل السياسي؛ فلا نجد مثلاً في مأرب وتعز شعارات للحركة في المقرات الحكومية؛ ولا قسم الولاء للمرشد يردد في المدارس؛ ولا يتم تدريس فكر سيد قطب وتلقينه للموظفين في الدوائر والمؤسسات الحكومية.


صحيح هناك مآخذ على الإخوان المسلمين في ما يتعلق بتعاملهم مع التيارات الدينية والفكرية المنافسة وإقصائها وسلبها منابرها؛ ولم يسلم منهم حتى السلفيين في تعز ومأرب ومناطق أخرى كثيرة؛ لكن ما يقوم به الحوثيون لا يقارن بما يفعله الإخوان؛ وان كانوا وجهان لعملة واحدة في إقصاء البقية واستخدام مؤسسات الدولة والوظيفة العامة لصالح أعضاء الحزب والجماعة على المستوى السياسي؛ لكن الحوثيون وبوقاحة يستخدمون الدولة ومؤسساتها وأموالها والمدارس والجامعات لنشر فكرهم الطائفي السلالي المتخلف وبشكل علني؛ الحوثيون يفخخون عقول أطفالنا وشبابنا بالخرافات؛ الحوثيون هم الخطر الأول على اليمن دولة ونظام جمهوري وشعب؛ الحوثيون لا يؤمنون بالمواطنة المتساوية؛ ويعتبرون عبدالملك الحوثي ولي الله وقرين القرآن ومنزه عن الخطأ وعصيانه عصيان لله ولرسوله؛ ونقدنا للإخوان يهدف لإصلاح السلطة في تعز ومأرب لا لإسقاطها؛ بينما نسعى علناً لإسقاط سلطة الحوثيين.


 ومع ذلك نقول ونحذر من أن استمرار الإخوان المسلمين (حزب الإصلاح) في تخيير الناس بينهم وبين الحوثيين كارثة؛ بمعنى انه من غير المقبول أن يقولوا لنا: إما نحن بسوئنا وإقصائنا لكم وإما الحوثي سيأخذها؛ هذه المقاربة خطرة وخاطئة؛ وقد سبق وجربوها في صنعاء وسقطت وأسقطت معها الدولة والجمهورية هناك؛ وتكرارها في مأرب او تعز كارثة يتحمل الإخوان مسؤليتها؛ ولا يحق لهم لاحقاً لوم من عارض سلطتهم وانتقدهم اذا ما سقطوا وسقطت معهم الدولة في بقية المناطق بسبب خلطهم لمؤسسات الدولة في مؤسسات الجماعة؛ هم أنفسهم كانوا ينتقدوا الرئيس السابق صالح عندما كان يخيرنا بنفس الطريقة؛ فالمسؤولية يتحملها من مارس فعل الإقصاء لا من أبدى ردة فعل.


على الإخوة في حزب الاصلاح ادراك أنهم كتيار ديني (إسلام سياسي) محارب من العالم أجمع؛ ومن دول إقليمية على وجه الخصوص لها تأثير كبير ومستدام على اليمن؛ والشراكة مع بقية القوى السياسية حماية لهم وحاجة كذلك أكثر مما هي لدى الأطراف الأخرى؛ وليعتبروا بما حدث لهم في صنعاء وما حدث للإخوان في مصر بعد أن أقصوا شركائهم في الحراك ضد نظام مبارك.


نتحدث بحرص على الحزب والجماعة؛ فهم في الأخير جزء من الحياة السياسية؛ ولم يعودوا على خلاف مع الثورة والنظام الجمهوري كما كانوا قبل عقود؛ مع أنه لا يزال كثير من قادتهم الكبار في السن بوعيهم المتخلف القديم؛ لكن هناك فارق كبير في وعي جمهور الحركة وبالأخص القيادات الشابة؛ بعكس الحركة الحوثية التي لا تربي لها إلا عجول وأتباع لا يفقهون شيأً غير النهيق ليل نهار؛ ولهذا نقول أن سلطة الحوثيين تحتاج الى اسقاط وكسرة رأس؛ لأنها غير صالحة بتركيبتها ووعيها الحالي للشراكة السياسية؛ وتحتاج لعقدين أو ثلاثة حتى تنضج وتصبح كالإخوان.


وأعود وأذكر؛ خلافنا مع الإخوان -بوعي الجيل الجديد فيهم كألفت الدبعي وشوقي القاضي- سياسي؛ بينما خلافنا مع الحوثيين – بوعيهم الحالي كمحمد البخيتي وعبدالملك الحوثي- وجودي؛ الى أن يتحدثوا ويقطعوا شوط في مضمار السياسة؛ وهذا لن يتأتى إلا باسقاط سلطتهم وكسر جناحهم الأمني والعسكري.


ننتظر من الاصلاح مراجعة نفسه قبل فوات الأوان.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى