كوارث سُلطة الإخوان والحشد الشعبي في تعز
الحرب على أعداء الحياة لن ينتصر فيها إلا الذين يحترمون الحياة ويصونون حرية الإنسان، وممتلكاته وكرامته، وما لم يتم ذلك فإن كل التضحيات تذهب لصالح تجار الحروب والسلاح؛ وهذا ما يتم فعلاً في مدينة تعز.
فقد تشكلت سلطة أمر واقع هي وجه آخر للحوثي، إن لم تكن أكثر قبحاً، وهي كذلك الوجه الآخر للفساد والاستبداد.
فقد وصل الأمر لملاحقة نشاطي وسائل التواصل الاجتماعي من المواطنين العاديين بعد إخلاء المدينة من كل قادات الرأي والتعبير بالإرهاب أو التصفية أو الاختطاف.
الأدهى من ذلك كله تشكيل مافيا فساد جديدة تتمثل في تجارة وبيع الإغاثة، وتهريب السلاح، ونهب موارد الدولة، وفتح محلات صرافة وجامعات ومدارس خاصة تتمتع بامتيازات لا محدودة، وتقام في مقرات ومؤسسات الدولة التي هي ملك الشعب.
ومن خلال دعم التحالف والحكومه يتم إثراء أشخاص وقيادات الحشد الشعبي وحرمان الجرحى والمرابطين في الجبهات من حقوقهم.
كما هو مزعوم في المعركة الوهمية الأخيرة (قطع الوريد) تسلم المحور خمسة مليارات ريال ذهبت أدراج الفساد، وتم التضحية بكوكبة من شباب تعز ثمنًا لذلك، كما هو الحال في كل عملية دعم مالي يتسلمها الإخوان باسم التحرير، تقام مناورة لفوترة المبلغ ثمنها دماء الشباب البسيط المخلص الذي يزج به كوقود لمغامرات المقر وقياداته.
في الحقيقة ليس هناك جيش وطني في تعز، كل ما في الأمر هو عبارة عن جماعات مسلحة تحت مسمى جيش وطني بتشكيلات وهمية لا علاقة لها بالجيش ولا بالوطنية، وإنما تتبع جماعة الحشد وأدوات المقر، مع بعض الهامش لأفراد لا يتبعون الإخوان من باب الحذلقة وإعطاء تغطية أن الجيش فيه من شباب تعز، وأدل على ذلك أن ضباط الجيش خارج الجيش تماماً، إلا في تشكيلات اللواء 35 وبعض تشكيلات الشرطة العسكرية والقوات الخاصة رغم اختراق هذه القوات الثلاث من الحشد الشعبي بطرق مختلفة، ومضايقة عملها ومحاولة السيطرة عليها وابتزازها بالدعم المخصص لها وتأجيله؛ لأنه يأتي عبر المحور، والمحور خاضع لسيطرة المقر وأوامره اليومية.
ومع دوامة الفوضى التي تعيشها المدينة كنتاج طبيعي لهذه السلطة المليشاوية؛ تشكلت عصابات بسط على الأراضي بطريقة متسارعة، لا سيما أملاك المغتربين والمعارضين، ويتم ابتزاز البعض بدعوى الحماية وغير ذلك ومقاسمة آخرين أملاكهم، ومن المضحك أن بيوتاً في تعز للمغتربين يتم تأجيرها من هذه العصابات واستلام الإيجار دون أي خوف أو خجل.
وباختصار شديد، إن سلطة الأمر الواقع تعزز تواجدها من خلال قيادة المحور والسلطة التنفيذية والأمنية والعسكرية، وتعمل على تحويل تعز إلى إمارة خالصة للإخوان بقوة السلاح والإرهاب.
مدينة كاملة تُحاصر من الخارج، وتسرق من الداخل، وتصمت الحكومة والرئاسة على ذلك صمتاً ليس له مبرر سوى الخضوع لمقايضات ثمنها تعز ومدنيتها، لم يعد هناك من مؤسسة يمكن الوثوق بها أو مخاطبتها لإنقاذ تعز المدينة غير البرلمان من باب الإفراط في التفاؤل حتى يثبت العكس، ونقبره ونصلي عليه حينها.
لذلك على البرلمان أن يضع ملف الفساد وما يحصل في تعز من أولوياته، لأنه المؤسسة الوحيدة التي يمكن أن يعول عليها في ظل فقدان الثقة بمؤسسات الدولة الكبرى، لا سيما وأكبر كتلة فيه من تعز، ما لم يقم بذلك كأقل واجب يكون وجوده عدماً.
ونضع بين يدي البرلمان هذه الأسئلة البديهية:
هل من الحكمة محاربة مليشيات واستبدالها بأخرى؟
هل يمكن عمل أدوات رقابة لنهب الموارد والدعم؟
معظم السلاح يذهب للبيع والمخازن، ومعظم الدعم المخصص للجبهات والجرحى يسرق عبر جمعيات ومؤسسات خاصة؛ فيما المدينة تصارع الفقر والعصابات والأمراض، هذا هو دور البرلمان الذي نأمل وننتظر حتى حين.
لكن يبقى بأيدينا جميعاً سلاح مهم هو استمرار حملات فضح جماعة الحشد وخلايا الإخوان، وهو السلاح الذي يعول عليه، وقد أثبت فعاليته، وهو ما ينبغي السير فيه بكل الوسائل المتاحة.