الجنوب لن يذهب بعيداً

 


النضال في الجنوب أصبح نشاطاً يومياً وقهوة يومية منذ أكثر من عشرين عاماً، لا سيما في مدن مثل عدن وحضرموت والضالع وأبين، حيث رمزية الحراك الجنوبي والمجلس الانتقالي ورجاله وهدير جماهيره المتطلعة للتغيير، والتي تجمع بين الحلم والعمل معاً.


 


راكمت هذه الحركة الجنوبية النوعية كثيراً من الدروس وصهرت الفعل الجنوبي وأعطته القدرة على التمييز، بين ما ينفع قضيته أو يعيقها.


 


ولذا لن تذهب قيادات المجلس الانتقالي والقيادات الفاعلة على وجه العموم بعيداً في اتخاذ أي قرارات لم يحن أوانها ولا تخدم الشعب والقضية.


 


المجلس الانتقالي ليس حزباً سياسياً، إنه أكبر من حزب.


 


لا ينتمي الجنوبيون لهذا المجلس وفق كشوف وخلايا منظمة وتراتبية حزبية، إنهم ينتمون إليه عاطفياً، وهذه نقطة قوته الرئيسة أنه كيان ثوري وحامل سياسي وكيان إداري في آن واحد.


 


يمسك الانتقالي بالمزاج الجنوبي ويتعامل معه ويتفاعل بوتيرة عالية وبعلاقة المشاركة يتحكم في منسوبه وصياغته في حدود معقولة لكنه لا يتحكم به بعلاقة السمع والطاعة، وهذا يعطي القضية الجنوبية قوة حيث لا يحكمها حزب ولا مجلس شكلي بطابع فني بحت وإن كان من الأهمية أن نشير أن دور المجلس إداري بشكل ما ينظم ويرتب لمطالب الجماهير ويستند على حركتها النضالية منذ عشرين عاماً تقريباً.


 


ولذا فإن الأحداث المتكررة والاشتباك المتكرر مع الشرعية له أسبابه التي قد نختلف أو نتفق معها إلا أنها أسباب تستحق التأمل والنقاش بحيادية.


 


يجد الجنوبيون أنفسهم مع سلطة وحكومة فاسدة لا تعطي الحقوق ويجدون في التدافع معها أمراً مجبرون عليه في ظل عبث وفساد وفوضى، وهذا يجعلهم في تماس واشتباك دائم مع أدوات وأجهزة الدولة بصورة مستمرة. حيث لم تقدم الحكومة ولا الرئاسة نموذجاً تسترضيهم فيه وتخفف من سخطهم على الأوضاع في الجنوب، وهم الذين قدموا الجنوب محرراً لهذه السلطة على طبق من ذهب.


 


تعلم الجنوبيون إدارة الأزمات والصراع وفنون الاشتباك كي يحققوا بعض مكاسب تراكم لما سبقها وتأسيس لمسارات جديدة.


 


ولم يستعجلوا الحصاد لما لم يحن قطافه بعد، أصبحت القضية الجنوبية حاضرة في المحفل الدولي والإقليمي والمحلي بعد أن كانت تسمى حركة تمرد أو انفصال، وبما أنها أصبحت قضية وجب لها من المحامين ومن المنهجية ومن الحركة ما يوصلها للكسب وليس الخسران تحدث أحيانا تجاوزات وأفكار ذات طابع حماسي لا عقلاني سرعان ما يتم استدراكها وعقلنتها. في الأحداث الأخيرة في عدن كان الجنوبيون يريدون إيصال رساله قوية بأنهم فعل وحضور وقضية، وأنهم يدركون من يعبث بأمنهم ومستقبلهم، وأعتقد أن رسالتهم وصلت حتى لأروقة الأمم المتحدة والدول الراعية.


 


يعلم الجنوبيون أن أي صراع بين أطراف جنوبية سيحيل قضيتهم إلى حالة تمرد وسيفقدهم ما اكتسبوه من مكاسب وأوراق أهمها تعاطف العالم معهم، ووجودهم السلمي ومشروعية وشرعية القضية، ولذا لن يذهب بهم الشطط نحو أي اتجاه يدفعهم إليها بعض القوى كالحوثيين والإخوان وغيرهم، وسيتابعون تثوير الشارع الجنوبي على نار هادئة وبفعل لا يقطع شعرة معاوية مع التحالف ومع الرئيس ومع المجتمع الدولي.


 


وقد يحققون مكاسب إضافية من خلال شروط جديدة، تطرح على بساط البحث عبر التحالف العربي أو بعض الدول الأخرى، وهذا في حد ذاته إضافة وتراكم نوعي لما يحتاجونه اليوم في ظل معارك لا تزال مفتوحة وأعداء متربصين وتشظي الجغرافيا اليمنية وتداخل الدور الإقليمي، كل ذلك وغيره مؤشرات أن لكل أجل كتاباً، وأن القضايا المصيرية تحتاج إلى وقت مناسب وشروط موضوعية مكتملة، ومناخ مساعد، كي تحقق الأهداف بأقل الأثمان وبأعلى مستويات الجودة، وهذا ما ستؤكده الأيام المقبلة.


 


 


 

Exit mobile version