الصماد.. نهاية متمرد
تسارعت التطورات العسكرية في اليمن على نحو لافت، وتوالت الانتكاسات التي مُني بها الحوثيون خلال الشهرين الماضيين، والتي كان آخرها مقتل صالح الصماد بغارة للتحالف على الحديدة.
ومن خلال المعطيات يتضح جلياً أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيداً من الانهيارات لهذه الجماعة، ففي الوقت الذي تضغط قوات الجيش اليمني مسنودة بالتحالف العربي على الحوثيين في عدة محاور عسكرية، أعلنت جماعة الحوثي مقتل رئيس ما يسمى بالمجلس السياسي؛ والذي وضعه التحالف في المرتبة الثانية ضمن المطلوبين بعد عبدالملك الحوثي، والذي مثّل مقتله ضربة موجعة بالنسبة للحوثيين، كونه أكبر قيادي تعلن الجماعة عن مقتله، والذي ما زال مقتله يمثّل لغزاً لدى بعض اليمنيين من حيث موقعه وموعده.
يرى الكثير من المراقبين أن مقتل الصماد يمثّل هزيمة قاسية على الحوثيين ستلقي بظلالها على مسار المواجهات على الأرض، خصوصاً فيما إذا كثّف التحالف وعزز من العمليات المماثلة ضد قيادات الجماعة، كما أن مقتله يشكل ضربة موجعة لإيران، ونقطة تحول ستكون لها تأثيراتها الكبيرة في معادلة الحرب.
صالح علي الصماد الذي ولد في مديرية سحار بمحافظة صعده عام 1979؛ ذلك العام الذي فيه الكثير من الأحداث التي كانت نذير شؤم على الأمة العربية و الإسلامية، وتم رصد مبلغ 20 مليون دولار لمن يدلي بأية معلومات تؤدي إلى القبض عليه.
يرى الكثير من المراقبين أن مقتل الصماد يمثّل هزيمة قاسية على الحوثيين ستلقي بظلالها على مسار المواجهات على الأرض خصوصاً فيما إذا كثف التحالف وعزز من العمليات المماثلة ضد قيادات الجماعة، كما أن مقتله يشكل ضربة موجعة لإيران، ونقطة تحول ستكون لها تأثيراتها الكبيرة في معادلة الحرب لاستكمال إنهاء الانقلاب. إلا أن هناك الكثير منهم ما زال يرى أن الصماد ذهب ضحية صراع النفوذ داخل الجماعة، وهو ما أيده بعض من أعضاء حزب المؤتمر الشعبي العام الذين كانت تربطهم علاقة شراكة مع الحوثيين قبل مقتل الرئيس السابق علي صالح ويؤيدهم في ذلك بعض الكتاب والإعلاميين.
يؤكد هؤلاء أن الصماد كان قريباً من المؤتمر الشعبي العام، كما أنه كان من المؤيدين للحوار ولوقف الاعتداء على المؤسسات الرسمية، إضافة إلى أنه أعلن أن مقتل الرئيس السابق كان خطأ استراتيجياً، وكان هو وحده من يحسّن صورة الجماعة لدى اليمنيين ولولاه ما وصلت إلى ما هي عليه الآن، لأنها كانت تعتمد عليه في حشد الدعم لجبهاتها القتالية والتواصل مع القبائل، كما أنه كان يمتلك مهارات اتصال وكسب ولاءات وإطفاء حرائق الخلافات لا تمتلكها الكثير من القيادات الحوثية الأخرى، وكان يمثّل الواجهة السياسية للجماعة لدى العالم الخارجي؛ ولا يمكن تعويضه بسهولة، إلا أن ذلك لم يشفع له عند الجماعة فهو يبقى (زنبيل من بقية الزنابيل) دورها فقط خدمة قناديل الجماعة، لذا تُرك مكشوفاً أمنياً، مما سهل رصد تحركاته حتى تمكن التحالف منه، وهذا ديدنهم مع القيادات غير السلالية، فهم لا يعيرونهم الاهتمام الكافي ليستثمروهم بعد وفاتهم الاستثمار الأمثل كما استثمروهم في حياتهم، وما استثمار مقتله حالياً في تحشيد وكسب التعاطف لمناصرتهم إلا لاستقطاب مجندين جدد إلى صفوفهم وكسر حالة الرفض الشعبي التي تواجههم، وما المبالغة في رثاء وتشييع الصماد والظهور بمظهر الحزن على فراقه إلا جزء من هذا التحشيد .
هناك من يرى أن الحوثيين تخلصوا من الصماد، وهم من أرسلوه إلى جبهة ميناء الحديدة ذات الأهمية العالية والمتنفس البحري الوحيد المتبقي لهم في مهمة تجييش بعدما شهدت الجبهات تراجعاً ملموساً وغير مسبوق، والتي لا يملكون فيها حاضنة شعبية، كما أنهم قرروا التخلص منه بأوامر إيرانية بعدما اتفق مع المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث الذي قدم خطة جديدة ذات ملامح عديدة، أبرزها سحب السلاح والدخول في مرحلة انتقالية تشمل مشاركة وتمثيل الحوثيين في الحكومة، وصولاً إلى الانتخابات، للخروج من هذا الاتفاق غير المقبول بالنسبة لإيران .
من هنا لابد أن نتذكر ونستشهد بما قاله الأمير محمد بن سلمان بأنه يعوّل كثيراً على الخلافات بين الحوثيين، لذا ربما أن مقتله كان جزءًا من تصفية الحسابات في الجماعة، كما أن اعتراف الحوثيين بمقتله كان شيئاً مستغرباً وغير متوقع فهم لا يعترفون بالهزيمة أو بالخسارة؛ إلا أن مقتله كان لا يمكن تغطيته أو إخفاؤه لأنه كان يمثّل واجهتهم في الإعلام .
بكل الأحوال وبعيداً عن كل الاحتمالات، فإن مقتل الصماد مؤشر إيجابي ونهاية متمرد، وهو عمل نوعي وعمليات استخباراتية مميّزة، هذا الجهد الاستخباري بدأ يُؤتي أُكله على الأرض.
لقد كانت مقاطع استهداف الصماد التي تم تداولها على نطاق كبير تتطابق مع إعلان الحوثيين عن موقع الغارة، أما كون التحالف لم يعلن عن مقتله بعد الضربة، فربما لعدم توفر معلومات استخبارية مباشرة تؤكد ذلك، وتأكيد المعلومة تكون عادة ممن هم على الأرض، أو حرصاً منهم للحفاظ على عناصرها الاستخبارية .
هلاك هذا المتمرد الإرهابي هي نهاية طبيعية ونتيجة حتمية لكل من خان أرضه وعروبته، وانقلب على الشرعية ورضي أن يكون لعبة بيد عمائم طهران، و كل من استهدف قبلة المسلمين مصيره الخزي والموت ذليلاً منذ قديم الزمن وحاضره، فهو لم يتمرد على السعودية فقط بل على كل الوطن العربي، بعد أن تمرد على شعبه وأمر بالمنكر وحاد عن الحق ونكّل بأهلنا اليمنيين، فدارت عليه الدوائر ونال جزاءه.
فالصماد كان سعيداً بإرسال الصواريخ إلى مكة فكان الهلاك مصيره والبقية في الطريق، فالمملكة أرض الوحي والرسالة الخالدة والمقدسات، ومن يكّن لها العداء أو المكر عبر التاريخ إلا وأخزاه الله، فهذه البلاد مكّنها الله حكومة وشعباً في خدمة من ارتضاها أن تكون قبلة لكل المسلمين.
والدور قادم على عبدالملك الحوثي، وذلك كله إنما هو بداية العد التنازلي في مسلسل تفكيك المليشيات الإرهابية التي ذاق اليمنيون ويلات انقلابها بعدما صبر التحالف العربي كثيراً حفاظاً على المدنيين والبنية التحتية التي يريد نظام الملالي تدميرها في اليمن الذي أصبح شقيًّا بالتدخل الإيراني.