ما لم يُقَل عن موضوع سقطرى

 


يقول المجاز إنها لم تكن سوى زوبعة في فنجان، وتقول الحقيقة أن زوابع النصر وحدها تملأ الأفق إذ تقترب وتدق أبواب قلوب المشتاقين.


هذه خلاصة أولى تليها خلاصات وخلاصات، مما يسطره أهل اليمن الشرفاء مع إخوانهم المرابطين على الحد الجنوبي من أبطال قوات التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية الشقيقة.


 


أما بعد..


الآن، وقد طويت الأزمة المفتعلة حول جزيرة سقطرى، ومعها المحاولات المستميتة الفاشلة لتشويه دور دولة الإمارات، وخلق أزمة تشغل التحالف العربي عن المواجهة الحقيقية مع التمرد الحوثي، آن الأوان، لنسرد حقائق ربما تكون غائبة حول جزيرة سقطرى، جزيرة يمنية وستبقى كذلك، بعد انتهاء أزمة اليمن، وسيثمر عمل الإمارات الإنساني والتنموي فيها.


إن صلات أهل الإمارات بأهل سقطرى قديمة، وتعود إلى مئات السنين، ملاحة وتجارة ومصاهرة، ولا يعني ذلك أن لدولة الإمارات أي أطماع في الجزيرة، وشواهد ابتهاج أبناء الجزيرة باهتمام الإمارات عديدة وموثقة، ولا تحتاج إلى إضافة أو تعليق، وفي المشهد الحالي بدأ العمل الإنساني والإغاثي في سقطرى منذ العام 2012، وقبل أزمة اليمن، خصوصاً إثر إعصار مدمر اقتضى أن نقف مع أبناء الجزيرة، وكيف لا نقف معهم وبيننا صلات المودة ووشائج القربى، وإضافة للدعم الإماراتي التقليدي المعتاد لليمن واليمنيين منذ ذلك التاريخ، عملت الإمارات، وبصمت، بعيداً عن الضجيج، في هذه الجزيرة، عبر مجموعة كبيرة جداً من المشاريع، ومنها تعبيد الطرق، وتوسيع الميناء والمطار، وكذلك دعم القطاع الصحي والتعليمي، ومساعدة الصيادين، وإقامة مصنع لتعليب الأسماك، ومصنع لقوارب الفايبر جلاس، إضافة إلى تعزيز خدمات الماء والكهرباء والصرف الصحي.


مشاريع عدة قامت بها دولة الإمارات في ظل إشراف الجهات اليمنية المعنية، ورأت دولة الإمارات أن القوة اليمنية الموجودة في سقطرى أعلنت ولاءها للشرعية، وجنبت الجزيرة أي قتال، وعبر هذه السنوات استمر العمل الدؤوب والصامت بكل شجاعة وجرأة وأريحية، ولم تسع الإمارات إلى الضجيج الإعلامي، ولسان الحال أن سقطرى خارج العنف المرتبط بالأزمة اليمنية، ونحو بقائها كذلك، كان من التقاليد السنوية بناء مخزون وقود للجزيرة استعداداً لموسم الأعاصير، بما يتطلبه ذلك من «حماية بسيطة» لهذا الوقود الذي يكلف عشرات الملايين من الدولارات، وكذلك حماية بسيطة أخرى لكل من مطار سقطرى ومينائها، نحو منع أي أنشطة تخريبية في الجزيرة.


فجأة وجدنا الحملات المسيّرة ضد الإمارات ودورها وعطائها تنتقل إلى الجزيرة، وللأسف الشديد. دأبت بعض أوساط الشرعية على مهاجمة الإمارات لتغطي تقصيرها أمام شعبها، وهي تعلم علم اليقين أن دولة الإمارات لا أطماع لها في اليمن، كما أن الإمارات تدرك أن تعافي اليمن يصب في مصلحتها وفي مصلحة الإقليم، ومع هذه الأقلية رأينا محور الشر نفسه المكون من قطر المرتبكة وحزب الإصلاح بارتباطاته الإخوانية، ومثلما رأينا في الصومال، بدأت حملة مركزة على الإمارات، حملة قصيرة النظر، حاقدة في وصفها أهداف الإمارات، ونؤكد هنا أنها حملة مسيّرة لأنها لم تتوقف عند جزيرة سقطرى، بل استمرت وستستمر في ساحات أخرى، اعتقادا منها بأنها تضر دولة الإمارات، بينما هي تسبب الضرر الأكبر للصوماليين في حالة الصومال ولليمنيين في حالة اليمن، حيث إن قصة سقطرى ليست قصة الأطماع الوهمية للإمارات، وإنما هي نسيج محور الشر الذي يرى عجزه فيرمي حجر حقده على الفاعل القادر.


ذلك طبع كل عاجز، ولقد فشل فشلاً ذريعاً وهو يسعى إلى تهويل موضوع سقطرى، فيما إجراءات قواتنا المسلحة هي بالتأكيد ضمن حركة التحالف العربي الموجود في مجمل الأراضي اليمنية، حيث تدعو الحاجة، تلبية لنداء الشرعية، ومعلوم كم قدمت قواتنا المسلحة لليمن مقرونة بالجهود الإنسانية والمدنية، وهل هنالك ما يقدم أغلى من دماء شهداء الإمارات الأبرار وقد اختلطت دماؤهم مع الدماء اليمنية على تراب اليمن، الذي يستعاد اليوم شبرًا شبرا؟


واليوم، ونحن قد تجاوزنا أزمة الجزيرة عبر حكمة قيادة الإمارات والمملكة العربية السعودية الشقيقة، علينا أولاً أن نركز على المسألة الأهم والأكبر، وهي هزيمة الحوثي الذي نراه يترنح على السواحل الغربية، ونراه يستجدي التدخلات الغربية خوفاً من فقدان سيطرته على الحديدة، وعلينا كذلك أن ننظر بواقعية إلى الدور الفاعل لدولة الإمارات وأبنائها في التحالف العربي لندرك محورية هذه المساهمة، وصبر الإمارات الطويل على حقد الحاقدين وعجز العاجزين، كما أن المرحلة المقبلة تتطلب، وبكل أمانة، تفعيل دور الشرعية التي يجب أن يتحسن أداؤها لأن نجاحها أساسي لنجاح مشروع التحالف العربي في اليمن.


بعض ما لم يُقَل عن موضوع سقطرى، فهذه قصة جزيرة سقطرى التى سعى من خلالها العاجز والحاقد إلى إصابة أهداف أكبر، واستطاعت الحكمة أن تطوّق وتحاصر هذه الفتنة، وأن تؤكد على أولويات التحالف، لافتة إلى ضرورة التركيز عليها في هذه المرحلة الحاسمة قبل النصر الكامل القريب.


وفي انتهاء أزمة سقطرى المفتعلة هزيمة لمحور الشر الذي تشكّل، يتشكّل في المنطقة، فلم يكن عمله إلا الزوبعة في الفنجان كما يقول المجاز، فيما زوابع هزيمة الحوثي تتوالى فصولاً، وذلك هو المصير المحتم لكل من يخون وطنه، ويكون أسير الأجندة الخارجية والأطماع الإيرانية والفكرة الحزبية الضيقة.


عن “الخليج”


 

Exit mobile version