الحوثيون لا يصدقون غالباً ولكنهم ليسوا صناع انتصارات عسكرية كاذبة. بمعنى هم في الأمور القتالية والعسكرية أصدق الأطراف وأدقها.
ومن الطبيعي جداً أن يحققوا انتصارات عسكرية فهم مركزون في أهدافهم لا يحيدون عنها وفي ذات الوقت شرعية هادي مستفيدة تماماً من إطالة الحرب والتحالف مشتت بين فض الخلافات بين هادي والإخوان المسلمين والانتقالي وبين الصفعات التي يتلقاها من الحوثيين وإيران آخرها وأقواها تفجيرات أرامكو.
بعد خمس سنوات من الحرب نجد تفوقا وتقدما عسكريا واضحا للحوثيين وبالمقابل استمرار الركود في جبهات شرعية هادي والإخوان.
هذا يؤكد شيئا واحدا هو الروح العقائدية التي يقاتل بها الحوثي في حربه هذه بينما القوة البشرية التي تقاتل في صف شرعية هادي وبكل الدعم والامكانيات الهائلة التي يمتلكونها فهي لا تعدو كونها معسكرات ارتزاقية من جنود مرتزقة بالأجر ليسوا يمنيين، أو يمنيون منهم جنود ومنهم ليسوا جنودا ولا يعرفون عن الفنون القتالية شيئا.
كما أن الهدف لدى الطرفين مختلف فهدف الطرف الاخير منهم يقاتل من أجل المال والارتزاق فهو السبيل الوحيد للكسب ومنهم من يقاتل لأجل حزب الإخوان ومنهم من يقاتل بإيمان وطني وهم قلة ولكن شعورهم بعدم مصداقيتهم يجعل هذه المجموعة انهزامية لا روح قتالية ولا ولاء وطني لها.
أما جبهة الساحل الغربي وهي الأقوى والتي يعول عليها لكنها أحبطت بأوامر دولية هي عدم تجاوز خطوط معينة في التقدم رغم تحقيق انتصارات وتقدمات في الشهور الأولى.
وبالتالي نحن أمام مشهد خطير فما تم الإعلان عنه في المؤتمر الصحفي على لسان سريع ناطق الحوثيين من السيطرة على ثلاثة ألوية وسقوط أكثر من 2000 أسير وعدد كبير من الذخيرة والعتاد، وتسجيل لما يعلن عنه، في المقابل تجاهل إعلام التحالف هذا الأمر يؤكد صدق إعلانهم.
كما أن التبرير الذي اكتفى به الإعلام الرسمي للتحالف عبر قناة العربية الحدث، أن ما حدث هو عملية قديمة حدثت قبل شهر.. فهذا لا يقلل مطلقاً من أهميتها ومن انتصارهم سواء كان ذلك قبل شهر أو شهرين المهم هو حدوثها وإن لم تكن بتلك المبالغات التي صورها الحوثي، وبالتالي فإن وجدت مبررات لتأخير إعلان الحوثي قد يكون له ما يبرره وفق خططه الإعلامية وتفاهماته وتقاربه مع الطرف الديني الموافق له وهو جماعة الإخوان المسلمين، خصوصاً في ظل أحداث عدن والجنوب في الفترة الأخيرة، فإن مبررات عدم إعلام التحالف حتى الآن ما هو إلا دليل فشل وهزيمة حتماً.
في الأخير المشهد العسكري يحتم مراجعة الآليات وماهية الأسباب، فلا ينبغي تجاهل التحالفات والانسحابات ومن المؤكد التسهيلات المقدمة من الإخوان لهم.
ومن بعض القيادات الإخوانية التي باتت تفصح كثيراً في الفترة الأخيرة عن تذمرها وهجومها على التحالف كما هي عادتهم الأزلية الغاية تبرر الوسيلة. فالتقارب الحوثي الإخواني بات واضحا.
كما ينبغي معرفة أن المعركة في أرض اليمن هي معركة لها خصوصيتها ودهاليزها وفلسفتها ومهما حدث فالمال والمصلحة الأكبر هي الغالبة فيها للاسف.
كما أن ما حدث لا خلاف أنه يقوي جماعة الحوثيين سياسياً وعسكرياً واعلامياً وبالتالي يخلق حالة من النشوة والثقة وخصوصاً في نفوس أنصار جماعة الحوثيين، ويؤكد أن الحل للحرب في اليمن لن يكون إلا سياسياً وفشل الحسم العسكري.