في واقع الشرعية الضائعة: “الإمام” يعيد كتابة تاريخنا الجمهوري!

 


القضية قضية ثأر سياسي، حقد وجودي، يكنه طرف متضرر لثورة أطاحت بعرش أسلافه، ووضعت حداً لامتيازاته العنصرية، وما يراه حقاً إلهياً لسلالته في السلطة والملك.


 


هكذا تتجلى الخلفية الإيديولوجية والسياسية للإمامة العائدة، التي تحاول ترسيخ نجاحها الهش في استعادة سلطتها المادية في جزء من الأرض، من خلال السلاح، باستعادة سلطتها الذهنية، في الوعي العام، من خلال إعادة كتابة تاريخنا الجمهوري!


 


يتضمن ذلك بالضرورة سك وترويج عملات معرفية زائفة، مثل:


 


• إن ثورة 26 سبتمبر كانت فقط مجرد انقلاب.. لا ثورة.!


 


يوهمون السذج بفرق إجرائي لا وجود له بين الثورة والانقلاب.. بينما الفرق الحقيقي بينهما هو فقط ما يترتب عن كلٍ منهما من اختلاف نوعي إيجابي أو سلبي على صعيد الحريات والخدمات العامة.


 


نعرف الطفرة السياسية والاقتصادية والتعليمية والتنموية.. الهائلة التي ترتبت عن ثورة 26 سبتمبر على مختلف جوانب الحياة في اليمن.. مقارنة بما كان في ظل الكهنوت الإمامي.


 


لكن هذا لا يكفي، كان من المفروض أن تحقق أكثر بكثير مما حققت بالفعل، بما لا يدع مجالاً للقول:


 


• إن ثورة 26 سبتمبر فشلت خلال 50 عاماً في تحقيق أيّ من أهدافها الستة.


 


هذه مشكلة حقيقية، رغم تحقق الكثير في ظل النظام الجمهوري، بما فيه تحقيق معظم الأهداف الستة جزئياً، وبدرجات متفاوتة، وبتحقيق الوحدة اليمنية تحقق الهدف الخامس بشكل كامل.


 


في أسوأ الأحوال. الإمامة ليست هي الحل، ولا البديل الناجح:


 


– ماذا حققت الإمامة لليمن طوال 1200 عام؟!


 


لا شيء، وفي المقابل كانت عهودها حالات استثنائية مريعة من الجهل والفقر والمرض والمجاعات.. والظلم والظلام والعزلة التامة عن العالم والعصر والحياة.


 


نعم. ثورة 26 سبتمبر لم تجعل اليمن جنة، لكنها أخرجتها من هذا الجحيم، وإذا كانت الإطاحة بنظام كهنوتي عنصري سلالي رجعي متخلف.. انقلاباً، فما معنى الثورة؟!


 


إلى ذلك يروج الإعلام الحوثي لفكرة بائسة أخرى تقول:


 


• إن ثورة 26 سبتمبر كانت فقط مجرد صراع داخل البيت الهاشمي.. لا أكثر!


 


كلام مضحك، وإن كان يصح جزئياً على ثورة 48، وكلياً على ما تسمى ثورة 55، وحرفياً على محاولة انقلاب البدر على أبيه 1959م.


 


لكن ثورة 26 سبتمبر مختلفة. مختلفة نوعياً:


 


– نظرياً: كرؤية فتية عصرية من خارج النظام الإمامي العجوز.


 


– وعملياً: كمبادرة لاستئصال الكهنوت من جذوره، لا محاولة شكلية لتطويره أو تعديله باستبدال إمام هاشمي بإمام هاشمي آخر.


 


المضحك أكثر أن هذه الإشاعة تستدل على نفسها بكون بعض الهاشميين، مثل “يحيى المتوكل”، التحقوا بالضباط الأحرار، وشاركوا في الثورة وحروب الثورة حتى النهاية.!


 


يشبه الأمر القول: إن الحرب اليمنية الراهنة، قضية هاشمية داخلية، لأن بعض الهاشميين، انحازوا للدولة والشرعية وقاتلوا الحوثيين، بجانب غيرهم من مختلف أطياف الشعب اليمني.!


 


في الحالتين، وجود هاشميين في صف الثورة والجمهورية، بغض النظر عن نسبتهم، يخدم الجمهورية، باعتبارها نتاج رغبة وإرادة وكفاح كل فئات الشعب.


 


كما يؤكد على أهم وأنبل قيم ومقومات ثورة سبتمبر، وهي أنها قامت ضد الهاشمية السياسية، لا ضد الهاشميين.. ضد السلالية لا ضد سلالة معينة.


 


هذه هي الحقيقة العظيمة لثورة 26 سبتمبر، وهي ما يحاول الإماميون الجدد التشويش عليه من خلال بروباجندا إعلامية شمولية شاملة للنيل من القيم الجمهورية في ذاكرة ووعي ووجدان الشعب اليمني.


 


 


 

Exit mobile version