مقالات

الدين الإسلامي والحدود والتشريعات وارتباطهم بالزمان والمكان

 


الدين هو القيم العليا؛ كالصدق؛ والأمانة؛ والعدالة؛ والمساواة؛ والحرية؛ وحفظ النفس والحقوق؛ وأما التشريعات والحدود والأحكام وطريقة العيش والمأكل والملبس واختيار الحكام وإدارة شؤون الحياة والدولة والناس فليست من الدين الدائم وليست ملزمة إلا في زمان صدورها؛ حتى المنصوص عليها في القرآن؛ والدليل أن الرسول الكريم كان يغيرها بين فترة وأخرى بحسب مقتضيات الحال وتطور وعي أمته.


وفي عالم اليوم يستحيل تطبيق حدود قطع يد السارق ورجم المحصن والحرابة التي يتم فيها قطع الأيدي والأرجل من خلاف؛ كذلك سبي النساء ونكاحهن تحت مسمى ملك اليمين؛ واسترقاق الرجال وتوزيعهم في غنائم الحروب؛ والكثير من الأحكام التي كانت سائدة في ذلك الزمان؛ وباتت تشريعات وعقوبات غير أخلاقية ووحشية بمعايير وقيم العصر الحالي؛ ولم تعد تطبق في أي دولة إسلامية؛ لكن كهنة الدين عاجزين عن مصارحة الناس بانتهاء زمن تلك الحدود؛ وفي نفس الوقت لا يعاتبون الحكام على تعطيلها لتستمر مصالحهم.


هنا المعضلة الحقيقية التي أخرت المسلمين دوناً عن بقية الأمم؛ لم نميز بين ما هو واجب الاتباع الى الى ما لا نهاية؛ وبين ما هو شرع مؤقت بحسب مقتضيات العصر؛ ويعيش المسلمون حالة من النفاق والانفصام ما بين الايمان بوجوب تطبيق كل النصوص القرآنية وبين استحالة تطبيقها في هذا الزمن لأنها باتت وحشية وغير ملائمة ولا واقعية بمقاييس العصر؛ ولأن رجال وكهنة الدين منافقين في غالبهم ويخشون على مصالحهم يعجزون عن مصارحة العامة أن الدين هو القيم العليا فقط؛ وما دونها من تشريعات وأحكام وحدود وطريقة عيش ولبس وشرب واختيار للحكام وبقية شؤون الحياة وإدارة الدولة والمجتمع متروك للبشر تحديثها بحسب الزمان والمكان والمصلحة العامة.


وأتحدى أياً من يسمون أنفسهم علماء الدين أن يحتجوا علناً على حكام بلدانهم لتعطيل تلك الحدود؛ فلو كانت ديناً واجب الاتباع لقاتلوا من أجل تطبيقها؛ ولما سكتوا على تعطيل ما يصفونه للأتباع بأنها من “حدود الله الأبدية”؛ نعم كانت حدود؛ لا نختلف على صحة تطبيقها في تلك العصور الغابرة؛ لكنها محدودة بزمانها ومكانها.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى