مقالات

فضيحة حوثية.. ذبح وصلب للوطن

 


لا أنظر لإطلاق المسجونين في قضية تفحير مسجد الرئاسة من زاوية أنها متعلقة برئيس الجمهورية السابق، رحمه الله، ولا من زاوية أنها ولّدت رد فعل قوياً لدى المؤتمريين وجمدوا مشاركتهم في السلطة، ولا من أي زاوية أخرى من هذا النحو، ولا عن كون المتهمين مذنبين أو غير مذنبين، وبتجريد كامل هي قضية منظورة أمام القضاء.


 


أنظر لهذه القضية من زاوية مفهوم الدولة، وزاوية دور السلطة، وزاوية مؤسسية الدولة، وزاوية استقلال السلطات، وزاوية قدسية القضاء، وزاوية دور القضاء في الحفاظ على الأمن العام واستقرار المجتمع، وزاوية سيادة القانون، وزاوية وجود شكل القانون على الأقل، ومن زاوية القيم والمبادئ والأعراف والثوابت.


 


ما حدث هو فضيحة فجّة، فضيحة كبيرة “فضيحة بجلاجل”، أن تصبح الجرائم محل مساومات، هو أمر كارثي، ولا يمكن تصور أن يتم بهذا الشكل مطلقاً.


 


أغبى السلطات أو أصلف السلطات، لا يمكن أن تفعل هكذا ولا يمكن أن تساوم بمتهمين محبوسين قضائيا، حتى أمكر السلطات كانت على الأقل ستوعز لأحد القضاة الذين يتعاملون مع القضاء كأنه مطبخ ينضجون فيه أي وجبة (حكم) يطلبه الزبون (السلطة) -وهم غير واحد- ليصدر حكماً ببراءة المتهمين وتخرج الصفقة بطريق “عادوه يمتغط”، لكن أن يتم الإفراج عنهم هكذا في صفقة، هو دوس لكل شيء من الدولة للسلطة للمؤسسات لاستقلال القضاء لدوره وقدسيته لأمن المجتمع واستقراره ولسيادة النظام والقانون وللقيم وللمبادئ وللأعراف ولكل الثوابت بشكل علني سافر مفضوح.. انه ذبح وصلب للوطن.


 


الشعارات الوطنية والثورية وحتى العقائدية تكون ذات قيمة عندما يجسدها أولاً من يرفعها، أما عندما ترفع من لصوص وعابثين ومتسلطين فسيباغتون ذات يوم وينقلب عليهم الحال ويداسون بالأقدام.


 


قد تمر مرة أو مرتين أو ثلاث أو أكثر لكن لا بد من الانقلابة ومن وصول المزايدين بالوطنية أو بالدين إلى حقيقة أعمالهم.


 


لهم موقف من المؤامرة وليس لهم موقف من الفساد!!


 


لهم موقف من أمريكا وليس لهم موقف من الفاسدين!!


 


هل هو غباء فلا يدركون أن الفساد هو العمود الفقري للمؤامرات التي تستهدف البلدان أم هو مكر لإحداث دوشة بامريكا ليخلوا لهم الجو للفساد والإثراء من السحت.


 


شخصياً على يقين بأنهما الاثنان معاً، هناك واعون ويعتمدون على الدوشة، وهناك أغبياء ذوي مدارك محدودة.


 


من ليس لديهم يقين بنواميس المجتمعات وسنن سيرها ولم يطلعوا على أحداث التاريخ يعتقدون أن ما يحدث هو حوادث منفصلة ومعزولة عن بعضها، بينما الأمر ليس كذلك فالأحداث تسير في مسار مستمر ولا تقف في مواضعها ولا تعود للخلف بل تمضي قدماً لتحقيق السنن التي منها لكل ظالم نهاية، ومنها إنما نملي لهم ليزدادوا إثماً.


 


وبالتزامن مع الاستعدادات للاحتفال بالمولد النبوي نقول: ماذا لو قام محمد، صلوات الله عليه وآله، وشاهد كم في معتقلاتهم من مظلومين؟ وكم في صفوفهم من فاسدين؟ وكم بينهم من منتهكي حرمات؟


 


ماذا لو قام وشاهد تعراط الوظائف والتعيينات والرتب؟ وشاهد من أمته بدون رواتب وليس منهم من يكترث وكأن أكباد المؤمنين جائعة وشاهد التعراط العريض وشاهد حماية العبث واللامسؤولية والفشل وشاهد احتكار الأسواق وشاهد الجبايات ولا خدمات ولا مرتبات ويشاهد أحدث الموديلات التي باتوا يركبونها ويشاهد ويشاهد ويشاهد…


 


سيشاهد كل ذلك ويقول لهم لفلفوا حقكم القماش الأخضر هذا وعباراتكم المطبوعة وأوقفوا زجلتكم وأصلحوا أنفسكم أولاً كي لا تضربوا قدسية ذكرى مولدي في نفوس الناس.


 


 

زر الذهاب إلى الأعلى