الاتفاق الذي وقّع يوم أمس بين الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي، خطوة كبيرة واستثنائية على طريق إعادة تطبيع الأوضاع في المناطق المحررة، التي شهدت خلال السنوات القليلة الماضية صراع إرادات، كاد أن يكلّف الشعب اليمني الكثير، خاصة لجهة التخلّص من العدو الرئيسي لليمنيين، المتمثل بميليشيات الحوثي، الذراع العسكرية للمشروع الإيراني في المنطقة.
وجاءت مشاركة دولة الإمارات في مراسم التوقيع على الاتفاق في العاصمة السعودية الرياض، بحضور صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، لتؤكد التنسيق التام بين الإمارات والسعودية، وتكرّس العلاقة المصيرية التي تجمع البلدين الشقيقين في إطار تحالف دعم الشرعية في اليمن، وهو ما أثبتته الإنجازات التي تحققت على الأرض منذ انطلاق «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل»، والتلاحم الوثيق الذي ظهر في مواقف الدولتين في مختلف مراحل تحرير اليمن من قبضة الانقلابيين.
كانت تضحيات الإمارات حاضرة في كلمة الأمير محمد بن سلمان، عندما أشار إلى التضحيات الجليلة التي قدمتها الإمارات في ساحة الشرف مع أشقائها في المملكة وبقية دول التحالف، وهو دليل على أن الإمارات كانت وستبقى داعمة لأمن واستقرار اليمن، وهو ما أكد عليه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، بتمنياته أن يعم الخير والسلام ربوع اليمن وأن ينعم شعبه بالأمن والاستقرار والتنمية.
بتوقيع الاتفاق يطوي اليمنيون صفحة الماضي بكل إرثه وملفاته السلبية، ويوجهون جهودهم نحو الهدف الذي أنشئ من أجله التحالف العربي، المتمثل في التخلص من الانقلاب الحوثي الذي عاث فساداً في البلاد، خاصة أن الميليشيات الانقلابية دمرت النسيج الاجتماعي لليمنيين في كل مكان وصلت إليه آلتها العسكرية.
نجحت الرياض في لمّ شمل الأطراف اليمنية بعد حوارات مضنية استمرت أسابيع في جدة، وأثمرت جهودها التوصل إلى اتفاق يشكل أرضية صلبة لعودة الحياة إلى طبيعتها في المناطق المحررة، ويمنح اليمنيين أملاً في تجاوز خلافاتهم، التي أخرت مهمة تحرير البلاد وتطبيع الحياة فيها، فالاتفاق، الذي رعته المملكة العربية السعودية، من شأنه أن يكون عاملاً من عوامل عودة الاستقرار إلى المناطق المحررة من سيطرة الانقلابيين، كما يضمن ممارسة الحكومة، وبقية المؤسسات الدستورية مهامها بدون أية عراقيل من قبل أي طرف، ما يحسن البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد، خاصة أن الجميع يتقاسمون المسؤولية والمصير المشترك، مؤسسين بذلك مستقبلاً أفضل لليمن بعد خمس سنوات من المعاناة.